مع انطلاق حملة ( أمريكا تقتل الشعب اليمني ) ظهر من يتندر ويسخر من عنوان الحملة، على اعتبار إن فيها إحالة إلى عدو وهمي وتجاهل للعدو الأصلي ممثلا بالسعودية ودول تحالف العدوان التي شكلت ما يسمى بعاصفة الحزم، وارتكبت بحق شعبنا جرائم يشيب لها الولدان، وتخر الجبال هدا.
والحقيقة وبعيدا عن الإيديولوجيا والعواطف، أن الولايات المتحدة الأمريكية وهي تقف على رأس النظام العالمي، تعتبر مسئولة بدرجة كبيرة عن الصراعات الدامية في كثير من بقاع العالم، وهي في منطقتنا العربية مسئولة عن استمرار دورة العنف ونزيف الدم في العراق وسوريا وليبيا ولبنان، وقبل ذلك في فلسطين المحتلة.
وليس اكتشافاً إن قلنا أن البيت الأبيض وقرارات الفيتو التي اتخذتها أمريكا بمجلس الأمن كانت وما زالت وراء استمرار اسرائيل وجوداً ودوراً. وليس خافيا ان المشروع الصهيوأمريكي يعمل على تفكيك المنطقة العربية واستضعاف شعوبها، تحت هدفين رئيسين: تأمين تدفق النفط إلى أمريكا والغرب، وضمان أمن إسرائيل.
بذريعة الحرب على الإرهاب ومحاربة القاعدة احتلت أمريكا العراق، وخلقت فتنة طائفية دائمة، واستحوذت على نفط العراق، ودفعت بالرياض إلى إغراق الأسواق العالمية بالنفط، واتجهت إلى انتاج النفط الصخري، ما جعل الثروة النفطية للعرب اليوم خارج الحسابات السياسية والاقتصادية.
وحتى الربيع العربي الذي شكل نافذة أمل نحو التغيير، فإن الأصابع الامريكية سرعان ما دفعته باتجاه الفوضى الهدامة التي يسمونها بالخلاقة، وبات مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بشرت به الإدارة الامريكية أقرب إلى التحقق في ظل ظهور ( داعش )، النسخة الجديدة للقاعدة، التي هي في الأصل صناعة أمريكية، منذ اشتغلت المخابرات الامريكية المصرية السعودية على تجنيد المقاتلين العرب,إرسالهم إلى إفغانستان لمحاربة المد الشيوعي السوفيتي آنذاك.
أما إسرائيل، فإنها تعيش حالة غير مسبوقة من الأمان والاطمئنان إلى المستقبل في ظل التشرذم العربي، الذي لم يعد مقتصرا عبى النظم السياسية، بل نراه متغلغلا اليوم في النسيج الاجتماعي للأمة العربية الواحدة.
يمنيا، فإن الحرب الأخيرة على اليمن أعلنت من واشنطن وبضوء أخضر أمريكي، ثم أن الإدارة الأمريكية لم تنكر أنها تسهم لوجستيا في دعم تحالف العدوان، وفي تحديد الأهداف للغارات الجوية. وفوق ذلك فإن السلاح الأمريكي هو الحاضر بشكل رئيسي في عاصفة العدوان على بلادنا.
وقبل أيام كان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري صريحا في دعمه لآل سعود وللحرب على اليمن، ومن قبله كان السفير الامريكي حاضرا في عرقلة مفاوضات سويسرا على النحو الذي كشفه السيد عبدالملك الحوثي.
أمريكا هي فوق ذلك حليف استراتيجي للسعودية، وتستطيع بإشارة منها أن توقف قتل الشعب اليمني بإيقاف العدوان، وبالضغط على الرياض وآل سعود الذين يتنافس امراءهم على خدمة أمريكا، حتى بتوريط الشعب السعودي نفسه في هذه الحرب التي ترتد عليهم خسرانا مبينا في مختلف الصعد العسكرية والاقتصادية والسياسية.
بكل القراءات، فإن أمريكا متورطة في قتل الشعب اليمني على نحو مباشر وغير مباشر، ولن تتوقف الحرب الأمريكية التي تخوضها السعودية بالوكالة، ما لم تسمع واشنطن صوتا مجلجلا يدين جرائمها البشعة في اليمن. وهذا هو الهدف الحقيقي لحملة: #أمريكا_تقتل_الشعب_اليمني.
Abdullh.sabry@gmail.com