كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن دولة الإمارات تدير سجنا في منشأة غاز يمنية تشرف عليها المجموعة الفرنسية “توتال”، وذلك بناء على شهادات عدة استقتها من منظمات حقوقية دولية ومعتقل سابق وعائلة معتقل آخر.
وتساهم “توتال” بنسبة 39.6% في المجمع المخصص لتسييل الغاز في منطقة بلحاف جنوبي اليمن، وتقدر تكلفة إنشائه بنحو 4.3 مليار يورو، وتديره الشركة المحلية اليمنية للغاز الطبيعي المسال التي تسيّرها “توتال”.
وحصلت “لوموند” على شهادات متطابقة لسجين سابق وعائلة معتقل آخر أكدوا أن السجن كان يضم معتقلين إلى غاية منتصف العام الحالي.
كما تقول الصحيفة الفرنسية إنها استقت معلوماتها من شهادات جمعتها منظمة العفو الدولية، وكذا مجموعة من خبراء أمميين في الشأن اليمني، إضافة إلى منظمات غير حكومية ونشطاء يمنيين أكدوا وجود هذا السجن الموجود داخل قاعدة عسكرية أنشأتها الإمارات في المكان ذاته.
وتقول “لوموند” استنادا إلى شهادات إنه تم تسجيل حالات اختفاء أشخاص يُشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة أو لحزب الإصلاح، ويبدو أن بعضهم وقع ضحية تصفية حسابات وتعرض لاعتقالات تعسفية، كما ذكر شهود أنهم تعرضوا في السجن لتعذيب شديد.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان مجمّع “توتال” يجهل فعلا وجود هذا السجن ضمن نطاق عمله واستثماراته، حيث ما زال هناك موظفون يمنيون يعملون على صيانة المنشآت الصناعية؟
وتقول الصحيفة إن “توتال” والدولة الفرنسية التي دعمت مشروعها الصناعي في اليمن، لا يمكنهما تجاهل واقع أن عددا من سكان شبوة تحدثوا عن اعتقالات وتوقيفات تعسفية في المحافظة، ويشيرون بأصبع الاتهام إلى منطقة “بلحاف”، حيث تقع أبرز قاعدة عسكرية في المنطقة.
أما بالنسبة لـ”توتال”، فإن المجمع لم ينف ولم يؤكد وجود سجن إماراتي داخل منشأة بلحاف، وقال مسؤول في الشركة المحلية اليمنية للغاز الطبيعي المسال التي تسيّرها “توتال” إنهم “لا يتدخلون في ما يقوم به الجنود هناك”.
كما قال المجمّع الفرنسي إنه لم يحصل على الوسائل التي تتيح له الاعتراض على التواجد العسكري داخل المنشأة أو استدعاء قوة عسكرية للتواجد في ذلك المكان.
وأكد مسؤول في التحالف السعودي الإماراتي للصحيفة وجود ما أسماه “زنزانة حبس مؤقت”.
وفي السياق ذاته، نفى مسؤول إماراتي في حديثه مع الصحيفة الاتهامات المتعلقة بتعذيب السجناء، معتبرا ذلك “دعاية لضرب مصداقية الجهود الهادفة لهزيمة تنظيم القاعدة”.
وأقامت الإمارات قاعدة عسكرية وسجنا داخل المجمّع الغازي بناء على طلب رسمي قدمته الحكومة اليمنية في منتصف العام 2017، علما أن هذه المحطة توقفت عن العمل منذ ربيع 2015 بعد اندلاع الحرب في اليمن، وقد كانت تغطي 45% من مجموع مداخيل الدولة اليمنية.
وسبق وأن كشف تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس عن وجود شبكة سجون سرية في اليمن تديرها الإمارات، ويخضع فيها المعتقلون لصنوف مختلفة من التعذيب.
وقالت الوكالة إنها وثقت وتحققت من حوادث لاختفاء مئات الأشخاص في هذه السجون السرية بعد اعتقالهم بشكل تعسفي في إطار ملاحقة أفراد تنظيم القاعدة.
وبحسب المعلومات التي أوردتها الوكالة، فإن هذه السجون كانت تشهد حالات تعذيب وحشية تصل إلى حد “شواء” السجين على النار.