سامي عبدان*
مهما مرت الأيام ستظل مجزرة قصف قاعة العزاء بصنعاء حية في الذاكرة اليمنية لأجيال مقبلة وستظل شاهداً على إحدى أكبر المجازر الدموية خلفت أكبر عدد من الضحايا في يوم واحد وعلى مستوى مناطق اليمن ., لن تنسى أحياء العاصمة صنعاء الضحايا من الشهداء والجرحى فصورهم لا تزال معلقة على الجدران المتصدعة وفي شوارعها المنهكة التي احتضنت الجثث المتفحمة، وتلطخت بالدماء والأشلاء المتناثرة، واستنشقت الدخان الأسود المتصاعد، واحترقت بكتل النيران الملتهبة في ذلك اليوم..
ورغم مرور ثلاثة أعوام على مجزرة وجريمة قصف قاعة العزاء التي ارتكبها ما يسمى التحالف العربي لا تزال العدالة غائبة و مازالت بلا عقاب وبلا محاسبة فالقتلة لا يزالون يعثون في الأرض فساداً وما يسمى (المجتمع الدولي ) يقف موقف المتفرج ولا يحرك ساكناً ويسعى إلى تقديم الغطاء السياسي للقتلة ويمنحهم كل يوم المزيد من الأسلحة المتطورة ويقدم الدعم لسد العجز والحليولة دون تقديم الجناة للعدالة والمحاسبة والمساءلة القانونية والعمل الجاد على إيقاف العدوان ورفع الحصار والعمل على جبر الضرر وتقديم التعويضات المناسبة للضحايا بل على العكس من ذلك يسعى المجتمع الدولي لمساعدة الجناة للإفلات من العقاب والسعي لطمس معالم مجزرة قصف قاعة العزاء وغيرها من الجرائم التي أقر واعترف مرتكبو تلك الجرائم بفعلتهم وهي جرائم لا يمكن طمسها على الإطلاق ولا تسقط بتقادم الأزمان …
فجريمة ومجزرة قصف قاعة العزاء تم التخطيط لها جيداً ونفذت مع سبق الإصرار والترصد الأمر الذي دفع ببعض المنظمات الحقوقية الدولية أمثال المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمة “هيومن رايتس ووتش”ولجنة خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وغيرها إلى إصدار تقارير تكشف أن أغنى الدول تقود حرباً غير متكافئة ضد اليمن واستخدامها للأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا في هجمات غير قانونية.
ورغم التقارير الواضحة والصريحة والقلق الدائم لتلك المنظمات الحقوقية والإشارة بأصابع الاتهام والإدانة وتحميل تحالف العدوان على اليمن المسئولية الأخلاقية والقانونية لقتل الأبرياء من المدنيين بما فيهم ضحايا قصف قاعة العزاء بصنعاء وغيرها من الجرائم إلا أن دماء الضحايا لا تزال تبحث عن العدالة في ظل محاولات حثيثة تُمارس لطمس معالم الجريمة والعمل على إفلات الجناة من العقاب الأمر الذي يجعل المنظمات الحقوقية تبعث برسائل سلبية لليمنيين بأن دماء وأرواح ضحايا المجزرة قاعة العزاء وغيرها ليست على الأجندة الدولية لحقوق الإنسان ….
واليوم ونحن نستعيد الذكرى الأليمة السنوية الثانية لمجزرة قاعة العزاء التي لن تسقط بالتقادم مهما حاول الجناة التسويف وممارسة أساليب الترغيب والإغراء ومحاولة شراء الصمت العالمي بالمال إزاء الجرائم في اليمن وإظهار أنفسهم بمظهر الذئب الوديع، وهنا يكون التساؤل ألم تعجز دول التحالف ضد اليمن عن التبرير لعدوانها الوحشي على قاعة العزاء ؟؟ وأين هي محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية في إنصاف الضحايا ؟؟؟
واليوم مع اكتمال العام الثاني للجريمة وللمجزرة الفظيعة الشائنة التي راح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى في جريمة يندى لها الجبين والتي حفرت في الحنايا والوجدان جريمة مكتملة الأركان مع سبق الإصرار والترصد وتفوق في وحشيتها وبربريتها كل التوقعات جريمة وحدوية في حصيلتها اختطفت دماء اليمنيين من جميع محافظات الوطن ومن مختلف المشارب والاتجاهات والثقافات، فمن رتب لهذه المجزرة قد عقد وعمد وقرر قتل كل من يؤم صالة العزاء مما يعنى انه استهدف اليمن الموجود حينها في صنعاء ..
نعم مجزرة بكل المقاييس وسيبقى الثأر قائما في نفوس أبناء اليمن سواء طال الزمن أو قصر ولن يتوقف الحزن ولن يندمل الجرح وليس هناك كلمات استطيع من خلالها أن اصف بشاعة الجرائم التي تزيد القلوب ألماً وتشحن الناس بخليط ثائر من المشاعر الانتقامية ضد مرتكبي تلك الجرائم …فقد كان ذلك اليوم وقبل ساعات من ارتكاب الجريمة بالنسبة لي يوماً عادياً إلا أن ذكر ياتى ومعي عدد من الزملاء عندما كنا نستحضر حضور مراسيم عزاء آل الرويشان .. لن أنسى ما حصل من كارثة وما شاهدت ذلك اليوم لن أنسى أن قدمي بُترت في ذلك اليوم لن أنسى آهات الجرحى والأشلاء الممزقة وأخرى ممددة موشومة بالجراح وبعضها مفقودة الأطراف في حزن ومعاناة بلغت الحلقوم والألم الذي يملأ الأفق دون أن يلتفت لهم احد أو يحس بهم ضمير عالمي ..
لكنني سأعلم أبنائي وأحفادي في يوم ما شيئاً وحداً بأن المقاومة هي الحياة والثأر هو الحياة لعل الجراح يرممها الثأر والثأر نار بغير انتهاء .. وأنا على ثقة بأن حق الثأر مكفول والقصاص ممن اعتدوا علينا محتوم فلنكن الأشد بأساً والأقوى ردعاً وثاراً والحازمين في مقاضاة مرتكبي المجازر والجرائم بحق الأبرياء والعازمين على ان لا تضيع دماء الشهداء والجرحى وحقوقهم المكفولة شرعاً وقانوناً هدراً ولنكن من أولئك المترفعين عن الصغائر والمتضافرين وقت المحن والشدائد ولنكن كما يجب أن نكون فنحن أهل الإيمان والحكمة ….
– أحد الناجين من جريمة قصف قاعة العزاء