إسماعيل المحاقري
لم تكن الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة آخر الأسلحة الاستراتيجية والأوراق اليمنية في مواجهة تحالف العدوان بما يمتلكه ويتفاخر به من إمكانات تسليحية هي الأغلى والأحدث في العالم فثمة مفاجآت يتوالى الكشف عنها تباعا هذه المرة بما يعزز القدرات الدفاعية في أجواء اليمن ويكسر الهيمنة السعودية والأمريكية لها.
معادلة رعب يتشكل ركنها الثالث إذن في سماء اليمن، وعلى أيدي خبرات وكوادر يمنية انطلقت من واقع العدوان، وضرورة المواجهة في رسم مسار عمل تطوير الدفاع الجوي لجهة ضمانة حماية البلد والحفاظ على سيادته واستقلاليته، متجاوزة الكثير من المعوقات والصعوبات، فالانجازات كما يقال تولد من رحم المعاناة، وبالإرادة والتصميم تتحقق المستحيلات.
ووفق متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع في إيجازه الصحفي فقد نجحت قوات الدفاع الجوي في تطوير منظومتين دفاعيتين دخلتا خط المعركة نهاية العام 2017م وحققتا نتائج إيجابية وملموسة فيما لا زالت ثلاث منظومات في إطار التطوير وسيتم الكشف عنها لاحقا.
وتحمل المنظومة الأولى اسم “فاطر 1” وتنتشر في أكثر من محافظة بما فيها مناطق العمليات العسكرية الشمالية “صعدة وحجة” ونجحت هذه المنظومة في إسقاط العديد من الطائرات المسيرة أهمها طائرتان أمريكيتان من نوع أم كيو9 في الحديدة وفي أجواء محافظة ذمار إضافة إلى إفشال عدة عمليات جوية معادية في صنعاء وعمليات إنزال في محافظة حجة.
أما المنظومة الثانية فتحمل اسم “ثاقب1” وإلى جانب إسقاطها لطائرات استطلاع أمريكية وصينية واعتراضها للطائرات الحربية بعد شهر واحد من دخولها الخدمة فقد نجحت أيضاً في الحد من تحليق ومهام مروحيات الأباتشي جنوب الحديدة وهذا بحد ذاته أربك حسابات دول العدوان في معركة الساحل الغربي وقلل من فرص سيطرتهم على المدينة.
إسقاط الدفاعات الجوية لأعداد كبيرة من الطائرات من مختلف الأنواع من ضمنها خمس طائرات أمريكية من طراز إم كيو بجيليها الأول والتاسع منذ الإعلان عن تحديث هذا القطاع شكل بحسب خبراء في هذا المجال تطورا في القدرات العسكرية اليمنية، وتحديا إضافيا ليس للتفوق الجوي لحلفاء واشنطن بل والولايات المتحدة نفسها التي تشارك بهذا النوع من الطائرات في رصد ورفع الإحداثيات لصالح قوى العدوان وضرب الأهداف المتحركة في اليمن.
وخلال الأعوام الثلاثة الأولى من عمر العدوان، ظلت بيئة الدفاع الجوي في اليمن حميدة إلى حد كبير بالنسبة لأمريكا وحلفائها وفق معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مقارنة بما رصده من خسائر في سلاح الجو السعودي والإماراتي قبل أن يعبر هذا المعهد عن قلق الإدارة الأمريكية المتزايد من التدابير المبتكرة لمن أسموهم “الحوثيين” في تطوير الصواريخ الحرارية جو-جو روسية الصنع خلال المرحلة الماضية لتصبح أسلحةً مضادة للطائرات يصعب مواجهتها لمرونتها واعتمادها على مستشعرات الأشعة تحت الحمراء لاستهداف الطائرات النفاثة بدلا عن التوجيه بالرادار القابل للكشف.
قبل ذلك كانت الأجواء اليمنية مستباحة وتحت هيمنة سلاح الجو السعودي والإماراتي ومن يدور في فلكهما والتي تكاد طائراتهم لا تغادر أجواء اليمن ولو للحظة واحدة منذ انطلاقة ما أسموها عاصفة الحزم.
هيمنة لم تكن مستغربة أمام أسراب من الطائرات الحديثة أمريكية وغربية الصنع إذ يمتلكُ العدو ما يقارب 300 طائرة من أجيال مختلفة ومتطورة، بينها 72 من نوع “تورنادو” جميعها كانت في مواجهة دفاعات جوية قديمة ومتهالكة بكل ما يرتبط بها بما في ذلك مخزون الصواريخ المضادة للطائرات بأجيالها المختلفة وما تلا ذلك من تدمير ممنهج لمواقع الدفاع الثابتة والرادرات والطائرات الاعتراضية.
اليوم وأمام ما تمتلكه القوات الجوية من منظومات دفاعية وما تخفيه من مفاجآت أصبحت قادرة على تحييد الطائرات الاستطلاعية بمختلف أنواعها وتعطيل قدرة مروحيات الأباتشي في المناطق التي تنتشر فيها والعمل يجري على قدم وساق لتعزيز القدرة الدفاعية حتى تتمكن من الوصول إلى مرحلة التصدي الكامل للطائرات الحربية لإسقاطها وليس إجبارها على مغادرة الأجواء اليمنية في كثير من الأحيان.
واستنادا إلى توجيهات ورغبة القيادة الثورية في مواجهة التقنية الأمريكية والانتقال إلى مراحل متقدمة من عملية توازن الرعب يبدو وضع استراتيجية شاملة لمواجهة التفوق الجوي لقوى العدوان كان عاملًا رئيسيًا ومهما ليكون تأثير السماء بالنسبة للعمل العسكري محدودًا وفي ظروف معينة، في المقابل يمثل التحدي الأكبر في تكثيف الهجمات على العمق السعودي بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي ثبت عجز الدفاعات الجوية الأمريكية في اعتراضها، ويتوقف النجاح والفشل في الناحية العسكرية على نتيجة هذا التحدي لحفظ الكرامة وصون السيادة.