محمد الوجيه
قال تعالى «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ»
الحج موسم عبادة أراده الله تعالى تطهيراً لعباده من الذنوب والخطايا وقياما لهم، ليمنحهم القوة والتقدم، وأراده آل سعود مصدر خوف وهلع للعباد، ففي كل عام هناك نازلهٌ وهناك رافعة، وقتلى بالآلاف يسقطون ضحايا، ليعودوا جثامين هامدة الى ديارهم وأهلهم بعد أن قضوا سنين عديدة وهم يجمعون تكاليف رحلة العمر الى بيت الله الحرام.
تقام الدنيا ولا تقعد، وتهتك الحرمات، وتسفك الدماء، ويحبس الحجيج ويضيق عليهم، فقط من أجل أن يمر أمير من أمراء آل سعود الى قصر الضيافة في علو الجبال.
كل من ذهبوا لأداء فريضة الحج وخصوصا من تكرر ذهابهم الى هناك يعرفون جيدا ما تسببه مواكب الأمراء من إرباك وإيذاء للزائرين وما حدث في نفق المعيصم عام 1990م ليس ببعيد حيث قتل أكثر من 1426 حاجا، وذلك حين أغلق النفق أمام الحجاج كي يمر موكب أحد الأمراء حتى تكدسوا في داخله وماتوا، وكذلك حادثة التدافع بمنى عام 2015م والتي أودت بحياة أكثر من 4000 حاج، وتتكرر الحوادث ذاتها وسط استهتار ودون أي شعور بالمسؤولية من قبل السلطات بالسعودية تجاه أرواح المسلمين.
في ظل هذه الظروف، تسعى السلطات السعودية للتغطية على فشلها المتكرر في حماية حجاج بيت الله الحرام، وتحاول القاء المسؤولية على الحجاج أنفسهم، والأكثر سخرية محاولتها اتهام الآخرين عبر خطبائها وعبر وسائل اعلامها الرسمية وغير الرسمية، وكأنها أرادت الانتقام من ورطتها التي حصدتها من عدوانها على اليمن. ولكن السؤال الأكثر الحاحا هو، الى متى سيبقى العالم الإسلامي صامتا أمام هذه المهزلة السعودية في بيت الله الحرام الذي هو حق للمسلمين كافة وليس لشرذمة من الأعراب من تلطخ تاريخهم بالدماء سيما بعد ان كشفت المملكة السعودية عن واقع علاقاتها وتحالفاتها مع الكيان الصهيوني الذين دنسوا قبلة المسلمين الاولى وهم يعملون ليل نهار للكيد بالمسلمين في كل مكان.
فماذا عن قبلة المسلمين الثانية التي سيطر عليها آل سعود بمساعدة الانجليز، ودنسوها بالصعود على سطح الكعبة بأحذيتهم دون أدنى احترام لقداسة اطهر بقعة في الكون.
وهل نضع كل ما يجري من سفك لدماء المسلمين في سياق هذا التحالف المشبوه بين الصهاينة وآل سعود؟ الأيام كفيلة بالإجابة على هذه التساؤلات.
ونظراً للتحالفات الكبيرة بين النظام السعودي والكيان الصهيوني، نجد أن الأماكن المقدسة من ضمن هذا المخطط الذي يستهدف الأمة الإسلامية والعربية ومقدساتها، قبل أيام احدى الفضائيات الصهيونية تستضيف باحثا سعودياً ليعلق على التطورات السياسية الأخيرة، وبالطبع كان هناك حديث عن مصير المسجد الأقصى، الباحث السعودي قال: إن الأردن مملكة شبه منتهية، بسبب الفساد وضعف ملكها في إدارة شؤون المملكة، وحالته النفسية السيئة، وبالتالي لن يكون هناك مملكة اسمها الأردن وإنما ستكون وطنا بديلا للفلسطينيين تماشيا لتنفيذ ما يسمى بـ «صفقة القرن» مضيفاً أن السعودية ستكون وصية على المقدسات في فلسطين، نظراً لخبرتها في إدارة الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
ومع كل هذا الاستهتار بحياة الملايين من المسلمين من قبل النظام السعودي وتحالفاته مع الكيان الصهيوني لتنفيذ المشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة فإن اليمن اليوم يعيش الذكرى الخامسة للعدوان السعودي الأمريكي وكذلك الذكرى الـ 96 لمجزرة “تنومة” المروعة التي ارتكبها جيش آل سعود بحق آلاف الحجيج اليمنيين عام 1923م.
وتنومة بلدة في عسير، وكان عدد الحجيج اليمنيين زهاء ثلاثة آلاف عزّل من السلاح، كلهم مهللون بالإحرام للحج، فصدف أن ألتقت سرية جنود من جيش آل سعود بقيادة الأمير خالد بن محمد «ابن أخ الملك عبدالعزيز»، بالحجيج اليمنيين وهم في طريقهم إلى مكة، فسايرهم الجنود بعد أن أعطوهم الأمان، ولما وصل الفريقان إلى وادي تنومة، وجنود السرية في الجهة العليا بينما اليمنيون في الجهة الدنيا، انقض الجنود على الحجيج بأسلحتهم فأبادوهم فلم ينج منهم إلا عدد قليل وقُتل أكثر من ٢٩٠٠ حاج.