د. أحمد عبدالله الصعدي
يرقد قسم الفلسفة والاجتماع بكلية التربية/جامعة صنعاء على سرير الموت من غير أن يكلف أحداً من القائمين على إدارة وتخطيط التعليم العالي من الكلية والجامعة وصولاً إلى المجلس الأعلى للجامعات عناء إلقاء النظرة الأخيرة عليه . فالدفعة التي ستتخرج عام 2019/2020م هي آخر الدفع المقيدة بالقسم . تقول الكلية أن وزارة التعليم العالي ترسل إليها أعدادا قليلة من المتقدمين تضطر لضمهم إلى قسم آخر كالتاريخ أو الجغرافيا، ووزارة التعليم العالي بدورها تحرص كل الحرص على تسجيل كل المتقدمين للجامعات أنفسهم عبر بوابتها الالكترونية لتحصل على نصيبها من رسوم التسجيل وتنتهي عند ذلك مهمتها واهتمامها بالموضوع برمته . ليست المرة الاولى التي يغلق فيها قسم الفلسفة والاجتماع في كلية التربية، فقد سبق أول إغلاق عام 1995م، وكانت الدوافع الخفية أيديولوجية، إذ رأى تربويون مخضرمون أن الفلسفة تفسد العقول ودليلهم على ذلك عدم تدريسها في الجامعات والمدارس السعودية، وعبّر مدير مكتب التربية في إحدى المحافظات عن هذا الدافع علناً عندما لم يقبل خريجي الفلسفة والاجتماع للتوظيف معتبراً أن تخصصهم ليس مما يجيزه الشرع . لكن كلية التربية كانت تخفي دوافعها هذه بادعاء عدم وجود حاجه في الميدان لمدرسي المواد الفلسفية، وهو ادعاء باطِل يكشف بطلانه كون المدارس الثانوية -بما فيها المحيطة بالجامعة – تسند المواد الفلسفية إلى مدرسين من تخصصات أخرى عادة ما يشكون من تكليفهم تدريس مالم يدرسوه في الجامعة. اما بعد هيمنة اولاد البنك الدولي في الجامعات اليمنية والاتجاه نحو خصخصة الجامعات تحت يافطة التعليم الموازي فأصبحت ذرائع إغلاق القسم سوقية (التذرع بحاجة سوق العمل) ووفقا لهذا المنطق يصبح من الضروري معرفة حاجة السوق من الثقافة والأدب واللغة العربية – لغة القرآن الكريم – ، وحاجة السوق من التفكير العلمي وطرائق البحث المنهجية ، ومن الأخلاق والجمال ، أي من فلسفة الأخلاق وفلسفة الجمال . بالمناسة كم سعر صرف المتنبي وابن خلدون والبردوني والمقالح في سوق العملات اليوم !
تكررت حالات إغلاق قسم الفلسفة والاجتماع بكلية التربية، وهو القسم الوحيد الذي تطاله الإغلاقات والنسيان. ولا يحرك أحد ساكناً، فاللامبالاة هي سيد الموقف لسبب وحيد كما يبدو لنا هو أن لا مصلحة شخصية أو فئوية تتحقق او تتضرر من إغلاق القسم، هذا مع افتراض حسن النية. وعندما يكون تفكير الأكاديميين والمعنيين بالتعليم هو من هذا النمط فلننتظر الأسوأ في مجال التعليم بمختلف مستوياته. رحمك الله يا قسم الفلسفة والاجتماع بكلية التربية/ جامعة صنعاء؛ وبعد رحيلك سنشيع المواد الفلسفية التي ستلغى مِن مقررات الثانوية العامة بحجة عدم وجود مدرسين.. إنا لله وإنا إليهِ راجعون .
الوسوماحمد عبدالله الصعدي مقالات موت الفلسفة في تربية جامعة صنعاء!
شاهد أيضاً
الهيئة العامة للزكاة تدشن مشروع السلال الغذائية النقدية لـ 6 آلاف جريح بقيمة 150 مليون
المستقبل نت: دشنت الهيئة العامة للزكاة الخميس بصنعاء، بالتنسيق مع مؤسسة الجرحى، مشروع توزيع السلال ...