منى صفوان
سبع إمارات صغيرة على الخليج العربي قررت أخذ خطوة جريئة بالتوحد قبل 4 عقود، لوقف الصراع بينها، وتتحول مع طفرة النفط إلى أكثر الدول الغنية الجاذبة للاستثمار..
مقدمة جيدة، لكنها ليست كافية لتتخلص الامارات السبع من عقدة النقص، التي طالما شعرت بها أمام جارتها عُمان صاحبة التاريخ العريق والدولة القديمة ، وامام اليمن الذي مازال هو سيد الجزيرة. والاعرق بتاريخه وحضارته وثروته البشرية، برغم ظرفه المعاصر الطارئ.
لم تتجاوز الإمارات العقدة، وبدلا من أن تركز على المستقبل وتنسى الماضي غير الموجود أصلا ، اصرت على عقد المقارنات، وان لا تنافس فقط اقتصاديا في أسواق البورصة، وأسعار النفط وفي بناء أطول برج، وعقد المهرجانات السياحية والسينمائية( قبل الغائها بسبب حرب اليمن).
بل أصرت ان تنقل المنافسة للماضي ، وان تشتري بوفرة المال تاريخا، فتحولت من بلد مدهش إلى أضحوكة ،وهي تخبرنا ان الكابتشينو اصله إماراتي ، وان الإيطاليين أخذوه من صحراء البادية ، وان قبائل الإمارات اقدم من الصين ، وان الإماراتيين حكموا واحتلوا سلطنة عمان ، وانه تم اكتشاف اثار ونقوش في الصحراء بدون تنقيب، وتفتتح نسخة من متحف اللوفر ثم لا تجد لها آثارا وتاريخا تعرضه ،فتعرض آثارا مسروقة من اليمن والعراق ومصر.. وغيرها الكثير من النوادر عن قصة الإمارات لمحاولة شراء تاريخ.
فاشترت عددا من المهرجين ليخبرونا بذلك، ثم كثفت حملتها الدعائية التي تصر ان الإمارات لها تاريخ وأصل ، لكن تاريخ الامارت يقول ان شيوخ العرب كانوا يسمونها “ساحل القراصنة ” بسبب مهنة ابنائها، أو مشيخات الساحل المهادن.
وأنها لم يكن لها اسم ، وفي أفضل التسميات كان اسمها ساحل عمان، فهي تاريخيا وجغرافيا جزء من إقليم عمان وهذا سبب كاف للرغبة بالتميز الذي جاء بأثر عكسي.
وبعد الوحدة بين كيانات قبائلها وبدوها في 1971 أصبح اسمها الإمارات فتحول الاسم الاتحادي إلى جنسية.
وكل هذا لا يعيبها، وما كان احد يركز عليه ، أمام نهضة دبي التي توقفت.
الإمارات تاريخيا ليست سوى ساحل للمشائخ والقراصنة، وربما مازالت كما هي، هذا هو اثرها واصلها وتاريخها، الذي يترجمه واقعها المعاصر ، حيث تشتري الأسلحة لتغزو العالم والدول المجاورة وتعيد ارث الأجداد.
فبرغم انها اول دولة اتحادية ، الا انها دعمت مشاريع التفتت ، وغذت نزعات الانفصال، فصاحبة المرتبة 7 عالميا في احتياط النفط ، لم تجد اماراتها الـ7 أصلا وتاريخا يخرجها من اقليم وساحل عمان، أو إرثا محمودا يبعد عنها صفة القراصنة او ساحل المشائخ..
هذا حول عقدة النقص الى روح انتقامية تحاول الثأر من سلطنة عمان ، ومن اليمن، وحتى من قطر لانها رفضت الانضمام لمشروع اتحاد الإمارات في السبعينات وفضلت ان تكون امارة مستقلة .
تنافس قطر ، لكنها تسعى لتدمير اليمن، والتقليل من شأن سلطنة عمان
مشروعها التدميري في المنطقة.. كان نتيجة فشلها في صنع تاريخ ، ولكنه سيكون سببا في إنهاء مستقبلها، فتصبح العقدة مركبة لا تاريخ ولا مستقبل..
فها هي وهي تغزو العالم عاجزة عن حماية وتأمين عمقها وأمنها. لقد أصبحت مكشوفة ومُهددة، وعرضه لان تعود فعلا إلى تاريخها الذي باتت تبحث عنه..
.. فهل يوفر اليمن عليها التعب ويرسلها إلى تاريخها !!!!؟
بقى ان أضيف شيئا…. الدول التاريخية والحضارية لا تشهد عليها سوق البورصة التي تهبط وتصعد أو أسعار النفط التي تتغير، يشهد عليها سلوكها الحضاري ، وعزة وكبرياء أبنائها، وتواضعهم وصبرهم الذي يحسبه الآخرون ضعفا.
واليمن وعمان خير دليل على ذلك، فاليمن لم يكن يضع نفسه في منافسة معها، ولم يكن ينوي بها شرا، لكنها تكبرت وتقرصنت، فحق له ان يظهر حجمه الحقيقي ويربيها، وكأن قدر اليمن ان يبقى كبيرا ويربي الصغار، فليس ذنبه انه بلد عريق نشأت بجواره كيانات بلا تاريخ .