أشواق مهدي دومان
هلّ شهر الغفران ، وبدأت فضائيّات التّوجّه الماسوني تتنافس لعرض ما يؤجّج الغرائز ، ويسعى للانحلال ، ويستميل العاطفة للتحلّل من كلّ القيم ، ستنشغل الأمّهات بإعداد الفطور والعشاء ، وستقبع الفتيات و الأطفال أمام الشّيطان الأعور ، وتقلّب القنوات فيتقلّب الإيمان وقيم الحشمة مع تلك القنوات في نفوس مراهقة لازالت غضّة بريئة ، ستتابع معهنّ الأمهات في الليل تلك المسلسلات تركيّة ، هنديّة ، مكسيكيّة ، وحتّى المصريّة والخليجيّة فقد بدأت تطلّ في السّنوات الأخيرة بالإيحاء الغرائزي ، وما ينفطر له القلب ليس ذلك الإنتاج الفنّي لمن يعيشون تحت حكّام الخليج ومصر و ….الخ فأولئك حكّام تطبّعوا مع إسرائيل قلبا و قالبا و قد بَطُل العجب حين نرى التّفسّخ الأخلاقي والاستعراض المهول للأجساد و معه عمليّات التّجميل الذي لم تعد تخلو منه ممثّلة مابين نفخ شفه وشدّ وجه وتصغير أنف و ما خفي كان أعظم ، والأخطر عناوين و مضامين تلك المسلسلات المستنسخة من التركيّة كــ ( العشق الممنوع ) ، و تلك الخليجيّة كــ ( زواج المحارم ) ، و تلك العناوين التي تحلّل فعل قوم لوط و تحارب توجيهات القرآن ( عيني عينك ) ، و وجها لوجه ، و مع هذا فلا يجرحني منهم أحد لأنّ كلّ المتطبّعين ومن يسكن تحت ألويتهم أصبحوا عبّادا نسّاكا لنتنياهو و لا يرون إلّا ما يريهم ترامب و لا يؤمنون إلّا بما يؤمن به ترامب ( و هو الأشهر في حربه للقيم منذ أن كان مجرّد ممثل) ، و من صافحه فقد صافحه عقلا و قلبا وروحا قبل مصافحة الأيادي .
عتبي على : الفنّان الذي يعيش في : سوريا الحريّة ، سوريا العزّة ، سوريا الإباء ، سوريا البطولة ، سوريا النّصر ، عتبي أنّ أكثر من يدبلج لمسلسلات العهر الأردوغاني الإخواني الماسوني هم فنانون من سوريا الحريّة .
لا أقول ذلك إلّا منطلقة من عشق سوريا و من عشق الحريّة فيها و من عشق قوة و صمود منذ 2011 وإلى اليوم ، وسوريّا تصدّ المسوخ المعروفين بـــ : داعش و النصرة و …الخ ، و كلّ ما أتمنّاه أن يتمسّك الفنّ السّوريّ بهويّته العربيّة الإسلاميّة الغيورة و لا ينجرّ فيمن انجرّ لبثّ السّمّ في العسل ، فنعم : الدّراما السّوريّة ناجحة ولها طرح و حضور قويّ لكنّا نتمنّى التّقشّف في الابتذال ، والالتزام ولو يسيرا بالحشمة ، و ليس معنى أن أساير العصر أن تبدو الممثّلة كتلك التي تعمل في ظلّ السيسي و ابن زايد وغيرهم من أحذية ترامب .
الفنان و الفنانة السورية يتشرفون بقائد مقاوم يحفظ الشّام باعتبار ( دمشق ) بوّابة الشّام ، رئيس حرّ يذود عنها عدوانا صهيونيّا مسخيا مهولا بعزيمة رجاله و قوّة إيمانه بقضيّته فليكن الفنّ السوري منسجما متناغما مع ثوابت جيش يحمي العرض و يصون العقائد ، ليبتعد عن الابتذال و الانحلال و التفسخ الأخلاقي ، لا أقول أن تظهر الممثلة و الممثل كأولئك النّجوم الإيرانيين ( و كم نتمنّى ) في حشمة المظهر و الطّرح و ملامسة و معالجة الواقع بكلّ قرآنيّة وعترويّة حتّى إنّ المشاهد يحترم نفسه حين يتابع قناة إيرانيّة و أفلامها ومسلسلاتها ذلك لأنّ ذلك الفنّ يحترمك كمسلم و مؤمن و إنسان فطره الله على الحشمة وقدوته هما أبواه ( آدم و حواء ) حين عوقبا بظهور سواءاتهما ذلك العقاب النّفسي حين استجابا لوسوسة إبليس فما كان منهما إلّا ردّة الفعل المواجهة للعري الذي ليس إلّا للحيوان غير النّاطق ، وقد طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة ليحفظا و يصونا ذلك الجسد احتراما للرّوح الحاضرة فيه ، فهلّا وجدنا ذلك الرّقي الذي يبهرنا في كلّ الأفلام و المسلسلات الإيرانيّة الملتزمة بثقافة القرآن و تركنا ما يفعله الفنّ المتطبّع مع إسرائيل للإمارات والسعودية ومصر والأردن وغيرهم من الانبطاحيين ؟
لأعود إلى اليمن وطني الأغرّ و أفخر بأنّي أحيا في ظلّ مسيرة القرآن تحت قيادة ابن رسول اللّه ( رغم أنوفهم ) و أعود للأمّ اليمنيّة فأقول :
الإيحاء هو ما يعمل به فنّ التّمثيل ، و هو يوجّه بصمت و ليس بيده عصا أو صوت مرعب أو ( مسعة أذن ، أو بسباس في الفمّ ) لكن بيده شاب وسيم و فتاة حسناء و ألوان مبهرة و أجساد يهتم بها و تنفق عليها شركات و ماركات التّجميل الملايين من الدّولارات ، الإيحاء أسلوب خطير في التّوجيه ، و هو يعلّم و يربّي و ينمّي ما شاء في العقول و يحرّك العواطف بحركات مدروسة من المخرج و المتخصّص و حتّى الطبيب و الأخصائي النفسي ،
الحرب النّاعمة في لبس الممثّل و حركة عينيه و تقاسيم وجهه ، فاخترن ما يبني لا ما يهدم ، و اعلمن أنّ الوفاء قيمة و ثقافة ليست وليدة بين يوم و ليلة ، بل هي غرسة تسقى بالقدوة و جميل التوجيه فابدأن بأنفسكن و اعلمن أنّ كلّ ما يخدش الحياء و يعارض القرآن في ما يسمّى الفنّ هو حرب نفسية ناعمة لقنص العفة فيكنّ أنتن كبداية ، الوفاء عقيدة ، فلن تكون بناتنا و أبناؤنا أوفياء لقضاياهم و هم يرون في مسلسلات المتطبّعين مع إسرائيل قصص الغدر للعقيدة و العرض و النّخوة ،الوفاء تعامل و قيمة و سلوك و نهج حياة فكيف لنا أن نضمد جراحنا و نحن نترك الحبل على الغارب لترى بناتنا و أبناؤنا حلقات مسلسلات تركية و هندية و ….الخ كلّ أحداثها تدور حول الخيانة ؟
واللّه من وراء القصد، والسّلام،
الوسوماشواق رمضان وحرب القيم مقالات
شاهد أيضاً
الفساد.. والإرادة السياسية (7)
أحمد يحيى الديلمي الفساد في مجال القضاء (ب) كان الشهيد المرحوم ابراهيم محمد الحمدي أول ...