محمد الوجيه
تجنيد السعودية لأطفال اليمن والسودان للدفاع عن حدودها المحترقة، إنّها خسارة المكانة والهيبة ورمزية المملكة السعودية قبل خسارة جنودها ومرتزقتها من المقاتلين «الرخوات» «جيش الكبسة» كما يسميه الوطن العربي، وجيش كرتوني او نمر من ورق كما يسميه الإعلام الغربي.
بعد أربعة أعوام من العدوان السعودي الأمريكي على الشعب اليمني، تستنجد السعودية بالأطفال من اليمن والسودان لحماية حدّها الجنوبي الذي أصبح على صفيح ساخن وثقباً أسود وأرضاً محترقة بعد خمسين يوماً من عدوانهم على اليمن وبداية الرد اليمني.
ملف تجنيد السعودية للأطفال من أجل حماية حدودها أصبح لدى الأمم المتحدة التي فتحت تحقيقا في الصور والمعطيات التي اماطت صحيفة ديلي ميل البريطانية اللثام عنها، قوات بريطانية خاصة ضالعة ميدانيا في الحرب على اليمن وهي تقاتل جنباً إلى جنب مع أطفال وقع تجنيدهم من التحالف السعودي الإماراتي ليكونوا وقوداً للمواجهة الدائرة في اليمن وعلى الحدود السعودية.
ومع بداية العام الخامس من العدوان السعودي على اليمن فقد وافقت صحيفة ديلي ميل البريطانية على تقديم معلوماتها للأمم المتحدة عن تجنيد السعودية لأطفال اليمن للدفاع عن حدودها، معلنة أن ما كشفته عن تجنيد الأطفال وتورط قوات بريطانية في حرب اليمن آثار ردود فعل كبيرة وقوية.
قبل نشر معلومات الديلي ميل البريطانية بأيام قليلة كانت صحيفة الغارديان البريطانية قد كشفت عن أن وزير الدولة البريطاني لشؤون آسيا «مارك فيلد» وعد بالتحقيق في أنباء تتعلق بتدريب القوات البريطانية مقاتلين أطفالا ضمن قوات التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، قائلاً إن هناك تقارير تشير إلى أن 40% من جنود قوات التحالف السعودي في اليمن هم من الأطفال.
صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بدورها كشفت معلومات حول تجنيد السعودية لأطفال من دارفور السودانية لحماية حدودها الجنوبية، مشيرة الى ان 14 ألفاً من مليشيات سودانية يقاتلون في اليمن 40% منهم أطفال مقابل منح كل طفل 10 آلاف دولار وهذا مبلغ زهيد إذا ما قارناه مع المقاتل السعودي الذي يكلّف خزينة المملكة السعودية 100 الف ريال سعودي كمساعدة لأسرة الجندي المقتول بصفة عاجلة، ثم منح أسرة الجندي مليون ريال سعودي بعد وفاته، ويصرف لأسرة كل جندي نصف مليون ريال كتعويض.
تفتح هذه التقارير سيلاً من الشكوك عن الواقع الميداني الذي يدفع التحالف لرشوة سماسرة ومرتزقة وطلب الأطفال منهم مقابل المال، والسماسرة هنا ليسوا افرادا وحسب بل وسفارات أيضا!
فسفارة اليمن في الرياض تحولت الى سمسرة لمنح أطفال اليمن تراخيص تمكنهم من الدخول للحدود السعودية، ثم لا يُسأل حتى عن أحوال هؤلاء الأطفال، من قتل منهم قد يدفن بالشعاب وصحراء الحدود، ومن جُرح منهم لا يُسأل عن جرحه، ولا يتم علاجه في السعودية التي يدافع عن حدودها وإنما يعود لليمن المُحاصر من المملكة التي يحمين حدودها الأطفال وتمنع عنهم دخول الغذاء والدواء.
طفولة للتأجير، فضيحه تتكبر وتدق بقوة أبواب الأمم المتحدة، الأطفال يساقون الى حتفهم برزمة مال يأتون من اليمن ومن السودان يرسلون الى جبهات القتال الأمامية ولأن تنجيد من هم دون 18 للقتال يرقى في القانون الدولي الى جريمة حرب تحركت الأمم المتحدة وطلبت من صحيفة الديلي ميل البريطانية ان تقدم ما لديها من وثائق ووافقت الصحيفة على ذلك.
اليمنيون الصغار من ولد منهم في الحرب ومن كبر قليلا لا يصعدون اليوم للحافلات لأجل الذهاب للمدارس أو الحدائق والمنتزهات، وإنما تسعى السعودية للدفع بهم عبر سماسرة ومرتزقة للدفاع عن حدودها، ومن حاول منهم الذهاب للمدارس رغم كثافة النيران وغبار الحرب يتم استهدافهم فوق حافلاتهم وليس استهداف حافلة طلاب ضحيان الأولى ولن تكون المجزرة الأخيرة لعدو مجرم يتوهم بأن اليمن عدو له بأهله وأرضه.
والسؤال هنا: ما الذي يدفع بالسعودية ثالث دولة في العالم في شراء واقتناء الأسلحة لأن تجند أطفالاً للدفاع عنها وحماية حدودها، علماً بأن السعودية تخسر سنوياً 80 مليار دولار في حربها على اليمن دون ان تربح، ولا يرى منها اليمنيون صغاراً وكبارا إلا الموت، أحمر بالرصاص، أصفر بالكوليرا أسود بالجوع، عبثياً بكل الأحوال كما تقول ذلك عيون العالم المشاهد للمجازر الوحشية اليومية التي ترتكبها مملكة الرمال؟
ما تقوم به السعودية اليوم من تجنيد للأطفال والذهاب بهم للحدود السعودية التي أصبحت محرقة حقيقية لأطفال اليمن والسودان ما هو إلا نكسة اخلاقية وسياسية ويضرب مصداقية العالم المتحدث عن حقوق الانسان بشكل عام وحقوق الطفولة بشكل خاص.