د/ هشام محمد الجنيد
مرت السنة الأولى ثم الثانية فالثالثة والرابعة . وها نحن نلج السنة الخامسة وقد كانوا يظنون أن حربهم ستنجز أهدافها خلال أسابيع.. لقد فشل العدوان أمام الصمود الأسطوري اليمني ، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى إفلاس نظام العدوان السعودي ، وقد بدأت المؤشرات بوضوح منذ عامين تقريبا ، ونظام مملكة الشر والظلام في نهاية المطاف آيل بإذن الله إلى السقوط إن في عامنا الخامس هذا أو أكثر من عام قادم .
ومن “منجزات” هذا العدوان الإجرامي على سبيل المثال لا الحصر : الخراب والدمار للبنى التحتية والمنشآت الحيوية والممتلكات و.. و.. ، قتل عشرات الألاف من المدنيين ، استمراره في سيطرته على النفط والغاز ، طباعة أكثر من ألف وسبعمائة وعشرين مليار ريال ، فرض حرباً اقتصادية وحصاراً شاملاً . أثبت هذا العدوان الإجرامي فقدان الشعوب العالمية بمصداقيته لفقدان تعامله وفق قواعد الأخلاق والإنسانية ، بل يحارب هذا العدوان جميع التوجهات القائمة على مبادئ الأخلاق والإنسانية . وخير مثال على ذلك تعريتهم عالميا من قبل وفدنا الوطني المفاوض في عدم التزام طرف ممثل العدوان بتطبيق اتفاق السويد على مستوى تبادل الأسرى وإعادة الانتشار بالحديدة وفتح مطار صنعاء وغيرها من الشروط التي شملها الاتفاق ، الأمر الذي أكد هزيمة هذا العدوان ليس ميدانيا وعسكريا فحسب ، بل أيضا أخلاقيا وإنسانيا وعلى مرأى ومسمع الشعوب العالمية وأنظمتها .
ولذلك وإن احتل هذا العدوان الإجرامي المحافظات الجنوبية والشرقية ومحافظة سقطرى وجزيرة ميون اليمنية الواقعة في البحر الأحمر وغيرها ، فهي مسألة وقت ، وهي أساليب تكتيكية حربية ستفضي في نهاية المطاف بعون الله وبصمود الشرفاء المجاهدين الجيش واللجان الشعبية وصمود أبناء هذه المحافظات ستفضي إلى تطهيرها من أقدام هذا العدوان ومرتزقته وأدواته الرخيصة .
إن موجة الصحوة الوطنية المتنامية يوما بعد يوم منذ سيطرت العدوان على المحافظات الجنوبية والشرقية أضحى من خلالها معرفة إخواننا في هذه المحافظات أهداف ومخططات العدوان الاحتلالية وسياساته وأساليبه اللاأخلاقية والإجرامية . ومقاومة الشرفاء الأبطال في عدن ضد ما يسمى بالشريط الأمني للقوات الإماراتية ، ومقاومة الأحرار في المهرة ضد تواجد القوات السعودية الغازية هي في طريقها للتوسع ضد أدوات الاحتلال وضد الاحتلال ذاته . وهذه التوجهات الإيمانية والوطنية تشكل مصدر خوف ذريع للعدوان ، وهي من صميم الجهاد في سبيل الله ضد هذا العدوان ، وتشكل رافدا أساسيا للدفاع عن الدين ونصرته وللدفاع عن وحدة التراب الوطني ، وبالتالي فهي من العوامل الأساسية لتحقيق النصر على العدوان وإزالة مملكة الظلام السعودية .
أما المواجهات بين مليشيات العدوان الإرهابية ومرتزقته في مدينة تعز المتكررة بين الفينة والأخرى ، فهي نتاج لمخططات العدوان ، وهدف هذه العناصر هو التخريب والتدمير والسلب والنهب والسطو والسيطرة على المال العام والممتلكات ، وسلوكيات قيادات هذه الجماعات التكفيرية الإرهابية وعناصرها تعكس غياب امتلاكها الهوية الإيمانية ، غياب امتلاكها مشروع وطني يعتمد على مرجعية فكرية دينية صحيحة ، غياب امتلاكها رؤية حقيقية ، وبالتالي فالأمر سهل للعدوان لزجها وفق مخططاته الشيطانية في حروب مدنية تدميرية ترتب عليها أهداف تصب في مصلحة العدوان ومنها تمزيق النسيج الاجتماعي وزرع الكراهية والثأرات والانتقامات بين الشباب في الفترات المستقبلية إذا لم ينظم أمر الناس وفقا لنظام سياسي ديني وتحت سلطة عناصر مؤمنة بالله ورسوله . ومخلصة وصادقة وعلى تقوى الله .
ومن أهداف العدوان التخطيط لامتداد وتوسع الحروب الفتنوية خارج مدينة تعز ، ويعد بنفس الوقت تمهيدا لإيجاد العدوان له مبررات لدخوله بشكل مباشر لبناء قواعد عسكرية بدعوى مكافحة وتجفيف منابع الإرهاب ، والغاية هي السيطرة الدائمة على باب المندب وبقاء هذه الجماعات في حروب مستمرة ، وتسخيرها وتوجيهها وفق مخطط العدوان الإجرامي في إحداث أعمال العنف والدمار والقتل والفتنة وتوسيع دائرة القتال إلى المناطق الوسطى وإلى مناطق الشمال وشمال الشمال . ما يعني أن ما تقوم به العناصر الإرهابية في تعز تخدم أهداف العدوان .
ويبدو تركيز العدوان واضحا على محافظة تعز ومدينة تعز كونها تشكل أرضية ملائمة لكثافة السكان ولكثافة عناصر الفكر الوهابي ولاعتبارات جغرافية وإدارية مرتبطة بباب المندب وساحل البحر الأحمر . لتظل هذه العناصر التكفيرية والإرهابية تراوح مكانها محصورة في المدينة دون أن تتوسع دائرة القتال والفتنة إلى أن تعود إلى رشدها ، والأيام القادمة ستبين المكامن الخطيرة لمخططات العدوان الشيطانية لدى المغررين ، سيتبين في الاشهر القادمة طالت أم قصرت سيتبين للعناصر المتأثرة بالفكر الوهابي وتلك العناصر المغرر بها أنها كانت تخدم أهداف العدوان دون إدراكها بذلك ، ستبين الأيام القادمة للعناصر المغرر بها أن الجماعات التكفيرية بمختلف مسمياتها كانت نتاجا لمخططات أعداء الإسلام ، كانت حصاد ما زرعه العدوان في العقود السابقة ليستغل ثماره في توجيهها للقتال فيما بينها ولتوجيهها لإحداث الدمار والخراب ولتوجيهها لمقاتلة الذين يدافعون عن الدين الأصيل ، ستبين الأيام القادمة أن العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني البريطاني والمنافقين هم امتداد للمخططات والحروب التي شنها اليهود الأعداء والمنافقون في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإطفاء الإسلام . ستضع الأيام القادمة النقاط على الحرف .
إن الانتصار على هذا العدوان الإجرامي مرهون بالثبات والإخلاص بالقتال في سبيل الله والجهاد في سبيل الله بالمال واتباع تعليمات القيادة . قال الله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموالكم وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ، إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا) الآيتان (6) ، (7) . وقول الله تعالى في الآية (104) من نفس السورة (وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا) .
والأصل في العمل الجهادي أن ينظم وفق المفهوم القرآني ، وهو ما يتطلب التعاون والتنسيق في المسؤوليات والأعمال الجهادية بين أنظمة الأمة الإسلامية وشعوبها ، فالعدو واحد يستهدف الإسلام ويستهدف استمرار تمزيق وتفكيك وإضعاف الأمة الإسلامية سنة وشيعة . ما يجب على المؤمنين في كل بقاع المعمورة الدفاع عن الإسلام ونصرته . قال الله سبحانه وتعالى في سورة محمد (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) الآية (7) . وقول الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون) الآية (160) .
إن النظام السعودي ونظام الاحتلال الصهيوني يمارسان منذ نشأتهما مسارات الصد عن سبيل الله في مختلف الأصعدة وعبر أذنابهم المنافقين في السلطة وغيرها من الأدوات . وقد بلغت ذروة الإجرام والعدوان للنظام السعودي في محطات تاريخية سابقة مثل مذبحة الحجاج اليمنيين في تنومة وسدوان في العام 1923م وغيرها من المحطات التاريخية في تصفية أولياء الله . وكذلك نظام الاحتلال الصهيوني مارس كثيراً من المذابح ضد إخواننا الفلسطينيين منها صبرا وشاتيلا والعدوان على غزة لأكثر من مرة ، ووقوف النظام السعودي ضد التنمية الاقتصادية والوطنية في بلادنا وتدخلاته في الشأن العام اليمني في كل صغيرة وكبيرة إلى قبل الاستقلال في القرار السياسي هو من أنواع الصد عن سبيل الله ، وأخطرها كانت سياسات التضليل الديني . والعدوان السعودي الصهيوني الأمريكي البريطاني على بلادنا منذ أربع سنوات هو من مظاهر الصد عن سبيل الله ، وقد بلغ ذروته الإجرامية والعدوانية ، وهذه الحرب التي يشنها هذا العدوان الإجرامي هي حرب دينية في الأساس حرب ضد المسيرة القرآنية . وإن أعلنت أنظمة هذا العدوان مبررات سياسية في حربها ضد بلادنا ، فهي أساليب سياسية وإعلامية تضليلية .
وقد استمر نظام المملكة الظلامي طيلة حكمه في إنفاق أمواله للصد عن سبيل الله في تدخلاته السافرة في أنظمة الدول الإسلامية بتحريف مسارات مسؤولياتها عن المسؤوليات الدينية ، وإنفاق ودعم هذا النظام الشيطاني الحروب في المنطقة ودعمه تكاليف الحرب والعدوان على بلادنا منذ أربع سنوات دون وصوله إلى النتائج التي يسعى إليها ، هو الأمر الذي سيؤدي في ظل صد وصمود القوات المسلحة واللجان الشعبية إلى إفلاس هذا النظام . ولا يمتلك هذا النظام قوة ذاتية للدفاع عن نفسه أو للهجوم ، سوى اعتماده على المال ، وسيظل في عدوانه في السنة الخامسة ينفق أمواله لمتطلبات الحرب المتنوعة والكثيرة وسيظل ينفق على متطلبات سكوت وتغاضي الدول والمنظمات عن عدوانه ، ناهيك عن مطالب الرئيس الأمريكي رونالد ترامب التريليونات من الدولارات من هذا النظام الظلامي خصوصا مع عجز الميزانية الأمريكية وديونها المثقلة عليها للصين وغيرها من الاحتياجات المالية اللازمة لمواجهة دواعي الصراع التجارية والمالية مع الصين .
وكأن هزيمة هذا العدوان مرتبطة بعجزه عن تحقيق أهدافه العسكرية وعجز تحقيق أهدافه من زاوية حربه الاقتصادية نتيجة الصمود الأسطوري لأبطال الجيش واللجان الشعبية ، ونتيجة الصمود في الجهود الانتاجية ، والذي يتطلب المزيد من الجهود نحو الانتاج الزراعي . ويتزامن مع هذا الصمود استنزاف النظام السعودي لأمواله ، وهو ما يعني حرب استنزاف حرب النفس الطويل ، إلى أن يخسر هذا النظام الشيطاني أمواله وتكون عليه حسرة ثم يغلب وعلى أيدي الجيش اليمني واللجان الشعبية بقيادة العلم المجاهد قائد الثورة ، ما دام على طاعة وموالاة الله ورسوله . ما علينا إلا وقوفنا جميعا صفا واحدا وتعزيز ثباتنا وصمودنا واستمرارنا في تلبية النداء للنفير العام والدعاء والتسبيح والاستغفار لنصرة الدين والوطن ووحدة الأمة من منطلق إيماننا كجنود الله ، فهو قائدنا الأعلى ، وهو ناصرنا . قال الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون) الآية (36) . وقول الله تعالى في سورة آل عمران (بل الله مولاكم وهو خير الناصرين) الآية (150) . وقول الله تعالى في سورة الصافات (وإن جندنا لهم الغالبون) الآية (173) . والله ولي النصر والتوفيق . نسأل الله أن ينصر إخواننا المجاهدين الجيش واللجان الشعبية والمقاومة الإسلامية في المنطقة على أعداء الإسلام والأوطان والإنسانية ، إنه سميع الدعاء.