فور إعلان رئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو نفسه رئيسا للبلاد، سارعت واشنطن ضمن 50 دولة للاعتراف به، مطالبة الرئيس نيكولاس مادورو بالتنحي.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مطلع فبراير الماضي إن إرسال قوات أميركية هو أحد الخيارات في التعامل مع الأزمة.
وبينما كانت التحذيرات تصدر من البيت الأبيض ووزارة الخارجية ومستشار الأمن القومي جون بولتون، كانت طائرتان روسيتان من طراز “أنطونوف 124” و”إليوشين 62″، تهبطان في كراكاس الأسبوع الماضي.
وبحسب وسائل الإعلام المحلية، أقلت الطائرتان 99 عسكريا مع 35 طنا من العتاد، بقيادة فائد القوات البرية الجنرال فاسيلي تونكوشوروف.
ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن مصدر دبلوماسي روسي رفض الكشف عن هويته، تأكيده أن “لا شيء غامضا” في إرسال العسكريين، الذي يأتي “في إطار تعاون تقني وعسكري” بين البلدين.
ومثلت التحركات الروسية الفعلية على الأرض التي أصبحت ملمحا أساسيا في سياسة الرئيس فلاديمير بوتن تحديا جديدا لواشنطن، حيث عقدت كثيرا من أي تفكير أميركي في عمل عسكري لإسقاط مادورو.
وحتى بعد نشر القوات الروسية، واصلت واشنطن التحذيرات وطالب ترامب موسكو بسحب جنودها، فيما حذر وزير خارجيته بأن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي.
وتقول موسكو إنها “لم ترتكب أي مخالفة. (لم تنتهك) الاتفاقيات الدولية ولا القانون الفنزويلي. إنها لا تغير ميزان القوى في المنطقة ولا تهدد أحدا على خلاف واشنطن”، بحسب بيان لوزارة الخارجية، الخميس.
واعتبرت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا الانتقادات التي يطلقها مسؤولون أميركيون منذ بداية الأسبوع “محاولة متغطرسة للإملاء على دولتين ذات سيادة كيف عليهما أن تديرا علاقاتهما”.
وتابعت: “روسيا وفنزويلا ليستا مقاطعتين في الولايات المتحدة”.
وقال الملحق العسكري في سفارة فنزويلا في روسيا جوزيه رافايل توريالبا بيريز: “أصر على القول بأن الأمر ينحصر في مجال التعاون العسكري والتقني. الوجود العسكري الروسي لا علاقة له بتاتا باحتمال تنفيذ عمليات عسكرية”، كما نقلت عنه وكالة “إنترفاكس” الروسية.
وأكد الدبلوماسي أنه من المقرر أن يزور وزير الدفاع الفنزويلي موسكو في أواخر أبريل المقبل.
من جهتها، أكدت زاخاروفا أن “الخبراء الروس وصلوا إلى فنزويلا تطبيقا لاتفاق ثنائي بين الحكومتين حول التعاون العسكري والتقني. لم يلغ أحد هذه الوثيقة”.
وتوصلت روسيا وفنزويلا في 2011 إلى اتفاق تعاون عسكري ينص على بيع أسلحة روسية إلى كراكاس في إطار دين روسي.
وتدعم روسيا والصين مادورو في الأزمة السياسية الأخيرة في فنزويلا، بينما وقفت الولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية الأخرى في صف غوايدو.
على غرار القرم وسوريا
ويذكر الموقف الحالي في فنزويلا بما جرى في شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، عندما دخلتها قوات روسية وجرى ضمها إلى روسيا، بالإضافة إلى نشر قوات عسكرية بلا شارات في شرقي أوكرانيا لتثبيت تمرد أعلن من طرف واحد عن قيام يعرف بجمهورية دونتسك الشعبية، التي لا تحظى باعتراف غربي.
وذات الأمر تكرر في الأزمة السورية، فبينما كان التردد يخيم على واشنطن عام 2013 بشأن القيام بعمل عسكري ضد سوريا على خلفية استخدامها لأسحلة كيماوية في الحرب الأهلية، ومع وصول حاملة طائرات أميركية وسفن حربية قبالة الساحل السوري، جاء القرار من إدارة الرئيس باراك أوباما حينها بالتراجع عن شن عمل عسكري بعد الحصول على ضمانات من روسيا بالتخلص من المخزون الكيميائي السوري.
وفي سبتمبر عام 2015، بدأ سلاح الجو الروسي بتوجيه ضربات جوية في الأراضي السورية بتاريخ 30 سبتمبر 2015، بعد أن طلب الرئيس السوري بشار الأسد دعما عسكريا من موسكو من أجل كبح القوات المعارضة له في الحرب.
ووسعت موسكو من نفوذها لتسيطر عسكريا بشكل شبه كامل على الفضاء السوري وتقيم قواعد عسكرية في عدد من المناطق، وتقلب موازين القوى لصالح الأسد بالتعاون مع إيران وميليشيات حليفة، فيما يقتصر التدخل الأميركي على محاربة تنظيم “داعش” بالتنسيق مع روسيا وباقي القوات المنتشرة شمالي البلاد.