المستقبل نت – وكالات
من قلب المآسي تخرج البطولات، ومن وسط الأزمات الكبرى يبرز الشجعان المستعدون للتضحية بأنفسهم في سبيل الآخرين. ومن قلب مأساة مسجد النور في نيوزيلندا خرج واحد من هؤلاء الأبطال وهو خادم المسجد الذي يدعى عبد العزيز ليواجه “سفاح نيوزيلندا” عند مسجد لينوود في مدينة كرايست تشيرش.
ويقول عبد العزيز الذي يبلغ من العمر 48 عاماً في حديث لـ”سكاي نيوز”، إنه سمع صوت طلقات نارية في أثناء صلاة الجمعة، فترك أسرته بمن فيهم 4 أبناء، داخل مركز لينوود الإسلامي وركض خارجا لمواجهة الإرهابي ترينتون تارانت في موقف السيارات.
وأضاف أن أولاده طلبوا منه البقاء في داخل المركز وعدم الخروج، فرد عليهم بالقول: “اذهبوا أنتم يا أصدقائي إلى الداخل. سوف أكون على ما يرام”.
وبحسب “سكاي نيوز” انطلق عبد العزيز، بشجاعة والتقط في أثناء خروجه من المركز الجهاز الخاص بإجراء عمليات الدفع ببطاقات الائتمان، الذي كان أمامه على الطاولة، ليستخدمه كسلاح، قبل أن يشاهد جثتين بالقرب من الممر.
وخلال ذلك شاهد خادم المسجد المهاجم وهو يتجه نحو سيارته ليحصل على سلاح رشاش آخر، فألقى عليه قارئ البطاقات، إلا أن المهاجم تمكن من الحصول على سلاح آخر وبدأ بإطلاق النار باتجاهه، قبل أن يتمكن من الاحتماء بين السيارات.
هذا الفيديو الذي سجله المجرم وهو يتأهب للقيام بمجزرته في نيوزيلاندا يبث من مسجل السيارة أغنية صربية استخدمها المتطرفون الصرب خلال حرب البوسنة عند قيامهم بحفلات الذبح للمسلمين والكروات .هو سربي الإسم الحقيقي نوفاك بيوشفيتش عضو في مجموعة صربية مهاجرة متطرفة (1)#مجزرة_نيوزلندا pic.twitter.com/n3flvHeQCw
— أحلام مستغانمي (@AhlamMostghanmi) March 15, 2019
وفي تلك اللحظة، التقط عبد العزيز السلاح الرشاش الذي تركه القاتل، ثم طارده بينما كان المهاجم يعود إلى سيارته للمرة الثانية للحصول على سلاح آخر.
وأضاف عبد العزيز في مقابلته مع “سكاي نيوز”: “كنت أصرخ على المهاجم وأقول له تعال أنا هنا تعال أنا هنا”، مضيفا: “حاولت أن ألفت انتباهه إلي.. لم أرغب في أن يتوجه إلى داخل المسجد”.
وبعدما عاد الرجل المسلح إلى سيارته، ألقى عبد العزيز السلاح باتجاه الإرهابي فحطم نافذة السيارة.
أحد الناجين من مجزرة نيوزيلندا: "أرجوكم أن تدعوا لي ولابنتي بالشفاء!"#هجوم_نيوزلندا_الإرهابي pic.twitter.com/UOz3DlPCh7
— DW عربية (@dw_arabic) March 16, 2019
وحسب (رويترز) وجهت السلطات في نيوزيلندا اليوم السبت تهمة القتل إلى برينتون هاريسون تارانت (28 عاما)، المشتبه به الرئيسي في هجوم بالأسلحة النارية على مسجدين، بعد يوم من الهجوم الذي أسفر عن مقتل 49 مصليا وإصابة عشرات آخرين.
ومثل تارانت أمام المحكمة الجزئية في كرايستشيرش مكبل اليدين ومرتديا ملابس السجن البيضاء حيث تم حبسه على ذمة القضية. ومن المقرر أن يمثل ثانية أمام المحكمة في الخامس من أبريل نيسان وقالت الشرطة إنه من المرجح أن يواجه اتهامات أخرى.
ووصفت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن الهجوم بالإرهابي وهو أسوأ حادث قتل جماعي في نيوزيلندا. ورفعت السلطات مستوى الخطر الأمني إلى أعلى درجة.
واعتمادا على نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي، من المشتبه أن تارانت يؤمن بسيادة البيض.
وتم بث لقطات حية للهجوم على موقع فيسبوك من مسجد في مدينة كرايستشيرش كما تم نشر “بيان” على الإنترنت يندد المسلح فيه بالمهاجرين ويصفهم “بالغزاة”.
وأظهر مقطع الفيديو رجلا يقود سيارته إلى مسجد النور ثم يدخله ويطلق الرصاص بشكل عشوائي على من بداخله.
وأظهر المقطع مصلين، ربما كانوا قتلى أو مصابين، وهم راقدون على أرضية المسجد.
وفي مرحلة ما عاد المسلح إلى سيارته وغير الأسلحة وعاود دخول المسجد وبدأ من جديد في إطلاق النار. وكانت الكاميرا مثبتة على رأسه تسجل المذبحة. وقُتل 41 شخصا في مسجد النور.
وقال رجل كان داخل مسجد النور لوسائل إعلام إن المسلح اقتحم المسجد بينما كان المصلون راكعين.
وذكر أحمد المحمود “كانت معه بندقية كبيرة… دخل وفتح النار على الجميع في المسجد في كل اتجاه”. وأضاف أنه تمكن من الهرب مع آخرين بعد أن حطموا باباً زجاجياً.
هجوم نيوزيلندا: "لم أتوقع أن أرى مشهدا كهذا في حياتي" pic.twitter.com/1HYeQHtQEk
— BBC News عربي (@BBCArabic) March 16, 2019
وقالت الشرطة إن سبع دقائق مرت قبل أن يصل المهاجم إلى المسجد الثاني في ضاحية لينوود حيث قُتل سبعة أشخاص آخرين. ولم تظهر أي لقطات تصور الهجوم على المسجد الثاني.
وتم القبض على تارانت في سيارة، قالت الشرطة إنه كان يحمل بها عبوات ناسفة بدائية الصنع، بعد 36 دقيقة من الاتصال بها في بادئ الأمر.
وقالت أرديرن للصحفيين في كرايستشيرش اليوم السبت “كان الجاني متنقلا، وكان هناك سلاحان ناريان آخران في السيارة التي كان يركبها، ومن المؤكد أنه كان ينوي مواصلة هجومه”.
وقال مكتب أرديرن إن المشتبه به أرسل “بيانا” في رسالة بالبريد الإلكتروني تضمن عنوانا عاما لرئيسة الوزراء وزعيم المعارضة ورئيس البرلمان ونحو 70 منفذا إعلاميا قبل دقائق من الهجوم.
ووضع عشرات الأشخاص أكاليل الزهور عند المتاريس التي أقيمت قرب المسجدين في كرايستشيرش، التي ما زالت أعمال إعادة الاعمار جارية بها بعد زلزال مدمر ضرب المنطقة عام 2011 وأسفر عن مقتل نحو 200 شخص.
وعانقت أرديرن، التي كانت تضع وشاحا أسود، أفرادا من الجالية المسلمة في مركز للاجئين في كرايستشيرش اليوم السبت قائلة إنها ستضمن حرية الديانة في نيوزيلندا. وقالت “أنقل لكم جميعا رسالة حب ودعم نيابة عن نيوزيلندا”.