حاتم شراح
صمود اليمنيين لمدة أربعة أعوام، ودخولهم في العام الخامس، أذهل العالم، وجعل الأكاديميات العسكرية تتدارس أسباب هذا الصمود حيث والإعلام الحربي وفر للدارسين الوثائق التي تغني عن الوصف لاسيما ونحن في عصر الصورة.
وهنا لابد أن نتدارس هذا الصمود، وهذا الثبات، ولنا أن نقرأ التاريخ ونقرأ تاريخ اليمنيين كيف واجهوا القوى المحتلة، وكيف كانت لهم من الوسائل والأساليب التي تجعل المحتل يستغرب، ويحتار في حربه مع اليمنيين حتى لازلنا نسمع قول الأتراك عندما واجهوا اليمنيين عندما قال أحد الجنود أو الضباط : الشجر يرمي، والحجر يرمي، … و …يرمي، وهذه المقولة تكررت مع المصريين، فقد واجهوا من الويلات ما جعلهم يقررون الانسحاب بعد خسائر كبيرة جدا، وهناك من الأساليب العسكرية والخطط الحربية هي حكر على اليمنيين، بفطرتهم.
وهذا الصمود، يقابله شعب صامد صمود الجبال الرواسي، ولعل الحرب الاقتصادية التي يتعرض لها الشعب اليمني لم يتعرض لها شعب آخر، تم خلالها استخدام أبشع، وأقذر الأساليب التي تتنافى مع القيم الانسانية ، ومنها التجويع للجميع دون استثناء للموالي أو المعادي، والقتل للأطفال والنساء، وغير ذلك مما يتنزه عن مثله من يمتلكون شيئا من القيم الإنسانية.
ولعل مرتزقة اليمن سوف يخصص لهم باب في الارتزاق يتم خلاله تصنيفهم من أرذل وأقبح درجات الارتزاق، من حيثيات متعددة، حيث من المعروف أن المرتزق دائما يكون من المجرمين، ويقاتل في غير وطنه حيث لا يتضرر أبناء وطنه، وفي الغالب يكون المرتزق عديم الأخلاق ولا يلتزم بدين أو أخلاق، وفي الغالب لا ينتمي إلى بلد عريق، أو أسرة حيث يكون المرتزقة من اللقطاء، و غيرهم ممن لم يتم تربيتهم داخل أسر كريمة، أما مرتزقة اليمن فبرغم ما يتحلون به من انتماء، وتربية، وعدم وجود الحاجة الماسة للمال اتجهوا بسبب السياسة القذرة والارتهان والعمالة للخارج في سابقة تاريخية يعاني منها العالم اليوم أشد الويلات من خلال الإرهاب.
عندما يكون الارتزاق تحت مظلة الدين يكون أقبح صور الارتزاق، ولهذا لم يتجه معهم العدد المطلوب لأن الغالبية العظمى ممن كان من المفترض أن يقاتل معهم علم وعرف أن هذا الطريق ستكون له عواقب وخيمة جدا، ولاسيما في ظل الدعوات المتكررة والمشفوعة بالعفو عمن عاد إلى رشده، وهذا مما كان له تجارب مماثلة في سوريا حيث يلاحظ عودة الأغلبية إلى الصواب.
وبعد أربع سنوات ولازالت الدعوات والمناشدات من خلال الدولة، والقبيلة لن ترحم من خلال أعرافها، وقواعدها التي ستستلهم من التاريخ كيف تم التعامل مع من تعاون مع المحتل والغازي، وهناك من القوانين ما لا يخفى على أحد، اليمن بلد عريق، ولهذا كان المتعاونون مع العدو قلة، مما حدا به أن يستعين بالمرتزقة من جميع الدول.
سيكون حال المرتزقة المحليين أشد من حال الغزاة أنفسهم، وستكون هناك تفاهمات أو حلول مهما كانت مع الغازي والمحتل لكنها مع المرتزق ستكون في غير صالحه حيث والمجتمع لن يتقبله بسهولة لاسيما بعد أن تم توجيه الدعوات والعروض المتكررة للعودة، وهذا سيعزز من صمود اليمنيين، ويتم إلزام المرتزقة بالحجة حيث والمحتل عندما يستغني عنهم لن تكون هناك جهة تدافع عنهم بل ربما يتم اتهامهم بالخيانة، والتقصير.
ولهذا تشكر القيادة السياسية على دعواتها المتكررة للمرتزقة بالعودة والتعقل، والعفو له من التبعات ما يجعل الدولة مصيبة في ذلك ولنا في المصالحة الوطنية بعد الحرب بين الجمهوريين، والملكيين أكبر عبرة، وإن كان الأمر مختلفا اليوم لكن للقيادة السياسية رؤيتها، ولعل معطيات المعركة واستمرار الحرب ما يقود إلى اتخاذ اللازم حيال من يستمر في غيه وحماقته، وما اجتماع القبائل اليمنية في كل الساحات إلا دليل واضح أن الصواب هو في مواجهة الغازي والمحتل لا التعاون معه والارتهان له .