عـبدالله علي صبري
الإعلان عن إجراء انتخابات تكميلية لملء المقاعد الشاغرة في مجلس النواب تعبير عن فكرة ذكية من شأنها تعزيز دور مجلس النواب في المعادلة السياسية اليمنية، مع سحب البساط من تحت أقدام مرتزقة الرياض، وما يسمى بالشرعية المدعاة زورا وبهتانا.
وبالإضافة إلى الرسائل الأخرى التي من أهمها احترام الإرادة الشعبية والاحتكام إلى صندوق الاقتراع كآلية ديمقراطية متوافق عليها، ففي حال نجحت العملية الانتخابية فإنها ستدلل من ناحية الشكل على قوة ورسوخ الحالة الأمنية في المناطق الخاضعة لسلطة صنعاء والمجلس السياسي الأعلى، ما سينعكس إيجابا على المفاوضات والتسوية السياسية مستقبلا.
وتتضاعف أهمية هذه الخطوة في ظل الفشل الذريع لعصابة الارتزاق وعجزهم عن عقد جلسة لمجلس النواب داخل أو خارج اليمن، رغم المغريات التي عرضوها على أعضاء المجلس والغالبية المحترمة منهم، الذين اصطفوا مع الوطن في مواجهة العدوان والتدخلات الخارجية.
من جهة أخرى، فإن استمرار مجلس النواب الذي فقد شرعيته منذ 2009م حين انتهت الفترة القانونية والدستورية لأعضائه المنتخبين في 2003م، يعني في ما يعنيه استمرار أدوات النظام السابق الذي ثار عليه شعبنا في 2011 و2014م، ثم إن المجلس تم التوافق على استمراره كشرط لتسليم السلطة وفقا للمبادرة الخليجية، وتحول من حينها إلى مؤسسة توافقية شكلية لا أكثر.
لكن بعد تشكيل المجلس السياسي الأعلى في 2016، وضمن التوافق الوطني بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام، عاد المجلس ليعمل من جديد وفقا للدستور النافذ، ومن حينها تنبهت قوى الارتزاق والعمالة لأهمية دور المجلس في مسألة اكتساب الشرعية القانونية والدستورية للخطوات والقرارات التي يتخذها هذا الطرف أو ذاك.
ما يؤسف له هنا، أن الشرعية الشعبية جرى التلاعب عليها منذ التمديد لأعضاء المجلس، ثم حين توافقت القوى السياسية القديمة والجديدة على استمرار الدور الشكلي للبرلمان، وتحويل أهم مؤسسة في الدولة والنظام الجمهوري_الديمقراطي إلى مسرح للصراع والتكتيك السياسي، وتجاهل الإرادة الشعبية في التجديد والتغيير.
فمن غير المقبول ثوريا أن يبقى مجلس النواب مجرد أداة لترقيع الشرعية هنا أو هناك، ذلك أن التغيير الجذري يتطلب انتخاب جمعية وطنية في عموم اليمن، يناط بها إدارة الفترة الانتقالية وإقرار مشروع الدستور، وعرضه للاستفتاء الشعبي، واستكمال تجديد مؤسسات الدولة وفقا للدستور.
صحيح أن الظروف الحالية غير مواتية عمليا. وقد لا يكون في الإمكان أبدع مما كان، إلا أنه ومن حيث المبدأ، يتعين على القوى الوطنية المؤمنة بالتغيير أن تقف بجدية ومسؤولية أمام خطورة التمديد لمجلس النواب، والاتكاء على الشرعية المنقوصة التي يمنحها للعملية السياسية.
وبالعودة إلى خطوة الانتخابات التكميلية نتساءل: هل سيشارك أنصار الله في هذه الانتخابات؟ فإذا كانت الإجابة بنعم، فكيف ستكون طبيعة المشاركة؟ وهل سيدخلون الانتخابات كمستقلين أم كتنظيم سياسي له ما للأحزاب وعليه ما عليها وفقا للدستور والقانون؟
شاهد أيضاً
الفساد.. والإرادة السياسية (7)
أحمد يحيى الديلمي الفساد في مجال القضاء (ب) كان الشهيد المرحوم ابراهيم محمد الحمدي أول ...