المستقبل نت-متابعات
نشر عبد الله العودة، نجل الداعية السعودي المعتقل سلمان العودة، مقالاً بصحيفة “نيويورك تايمز”، اليوم الخميس، يحكي فيه أن السلطات السعودية مقْدمة على إعدام والده، داعياً العالم إلى إنقاذه من “سلطة خدعت العالم بأنها إصلاحية”.
وأوضح عبد الله، الذي يعمل كبير باحثين بمركز التفاهم الإسلامي-المسيحي في جامعة جورجتاون الأمريكية، أنه رغم ادعاءات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الإصلاحية، فإن السعودية لم تتخلَّ عن المؤسسة الدينية المتشددة، وبدل ذلك فإنها تقلّص أصوات الاعتدال التي قاومت التطرف تاريخياً.
وذكر “العودة” أن كثيراً من النشطاء السعوديين والعلماء والمفكرين الذين سعوا للإصلاح ومعارضة قوى التطرف والاستبداد اعتُقلوا، وأن بعضهم يواجه عقوبة الإعدام.
وأضاف أن والده، الداعية الشهير البالغ من العمر 61 عاماً، “إصلاحي ظل يدافع بمزيد من الاحترام عن حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية، وهو ذو تأثير وشعبية كبيرَين، بدليل أن عدد متابعيه على (تويتر) يبلغ 14 مليوناً”.
وتابع قائلاً إنه في العاشر من سبتمبر 2017، تحدَّث والده، الذي أزعجته الأزمة الخليجية بعد فرض السعودية والبحرين والإمارات ومصر حصاراً على قطر، عن هذا الصراع، بشكل غير مباشر، وأعرب عن رغبته في المصالحة، بتغريدة قال فيها: “أدعو الله أن يصلح قلوبهم لمصالح شعوبهم”، على حد تعبيره.
وبعد ساعات قليلة من تلك التغريدة -يقول عبد الله- جاء فريق من الأجهزة الأمنية السعودية إلى منزلهم في الرياض وفتَّش المنزل، وصادر بعض أجهزة الكمبيوتر المحمولة واعتقل أباه.
وأشار إلى أن الحكومة السعودية يبدو أنها غضبت، واعتبرت تلك التغريدة انتهاكاً جنائياً، وأن محققين قالوا لوالده إن تبنِّيه موقفاً محايداً بشأن الأزمة السعودية-القطرية، وعدم وقوفه مع الحكومة السعودية كانا “جريمة”.
ولذلك، ظل سلمان العودة محتجزاً بالحبس الانفرادي في سجن ذهبان بجدة، بعد أن قُيِّد أشهراً داخل زنزانته، وحُرم من النوم والمساعدة الطبية، واستُجوب مراراً ليالي وأياماً، وتم تجاهل حالته الصحية المتدهورة كارتفاع ضغط الدم والكولسترول اللذين أصاباه في السجن، حتى اضطر إلى دخول المستشفى، وحُرم من مقابلة المحامين حتى تاريخ انعقاد محاكمته، بعد مرور نحو عام على اعتقاله.
وأشار نجل “العودة” إلى استغلال السعودية لا مبالاة الغرب العامة تجاه سياساتها الداخلية، وقدمت حملة قمع الشخصيات الإصلاحية مثل والده باعتبارها تحركاً ضد المؤسسة الدينية المحافظة، نافياً ذلك، قائلاً: “إن الحقيقة بعيدة كل البعد عن هذا الزعم”.
ومضى عبد الله يقول إن والده “يحبه الشعب السعودي، بسبب تأثيره وشرعيته بصفته عالماً مسلماً مستقلاً، جعله استقلاله هذا بعيداً عن العلماء الذين عيَّنتهم الدولة، واستخدامه المبادئ الإسلامية لدعم حججه، للدفاع عن الحريات المدنية، والسياسات التشاركية، وفصل السلطات واستقلال القضاء”.
واسترسل عبد الله في مقاله، قائلاً: إن والده “ظل يقود علناً طوال عقدين تقريباً، الحملة ضد الإرهاب في السعودية، داعياً إلى تجديد الخطاب الديني، وإلى الإسلام المعتدل”.
وتساءل عما إذا كان والده أُلقي القبض عليه بسبب مواقفه الشعبية التقدمية، بالقول: “لأنه منذ صعود الأمير محمد بن سلمان، لا يُسمح لأي شخص آخر بأن يُنظر إليه على أنه مصلح”، مضيفاً: “وبينما يجلس الإصلاحيون في السجون، احتضنت المملكة المتشددين مثل صالح الفوزان!”، واصفاً إياه بأنه “رجل دين ذو نفوذ، ترعاه الدولة، وعضو في مجلس كبار العلماء”.
وتابع قائلاً: “في عام 2013، وقف الفوزان ضد قيادة النساء للسيارات، وادَّعى أن الشيعة وغيرهم من المسلمين الذين لا يتبعون المعتقدات الوهابية كفار، وأن أي شخص لا يتفق مع هذا التفسير كافر، وأفتى أيضاً بتحريم مطاعم (البوفيه)، قائلاً إنها تشبه القمار، وهو أمر محظور في الإسلام”.
وأشار عبد الله إلى أنه “في أغسطس الماضي، كان الفوزان يجلس بين الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد في البلاط الملكي، للإشارة إلى سلطته وأهميته. وقبل بضعة أشهر وخلال اجتماع، قال ولي العهد للفوزان: أنت مثل والدي”.
وذكر أنه “في سبتمبر الماضي، أصدر الفوزان فتوى تحث الدولة على قتل المعارضين السياسيين الذين يحرضون على الخروج على الحاكم، وبعد شهر واحد قُتل صديقه جمال خاشقجي”.
وعلَّق الكاتب بقوله: “في هذا المناخ من التخويف، هناك أمل ضئيل في تحقيق العدالة، فالسلطة القضائية تتعرض للدفع بعيداً عن سيادة القانون ومراعاة مقتضياته”.
وقال إنه وحتى بعض القضاة بالمحكمة الجنائية المتخصصة التي تحاكم والده اعتُقلوا، بعد أن رفضوا إصدار عقوبات صارمة أوصى بها المدعي العام في حالات معينة.
وكشف أن قاضياً قال له: إن “القضاة المعيَّنين مؤخراً في المحكمة الجنائية المتخصصة يعيشون في خوف”.
ومع ذلك، يستدرك عبد الله، قائلاً: “لكن، هناك بعض القضاة في السعودية ممن لم يخضعوا للسيطرة الكاملة التي تسعى إليها السلطة الحاكمة. ففي عام 2013، وقّع نحو 100 قاضٍ على عريضة عامة تدعو إلى استقلال القضاء بإصلاحات قانونية وقضائية حقيقية، وتدين القمع الشامل وقمع الأصوات الحقيقية والوطنية”.