إبراهيم الحمادي
عندما دعا الرئيس الشهيد صالح الصماد في العام 2016 بتوحيد الجهود الشبابية وتوحيد الحكومات التي لا يبزغ فجر اليوم الثاني إلا وتم إعلان تشكيل حكومة شباب جديدة، حيث أصبحت اليوم 9 حكومات للشباب اليمني، ولكل حكومة توجه خاص، كانت رسالة سامية تتسق مع ما تشهده دول كثيرة حول العالم من تحول ملموس في هذا الخصوص.
إلا أن تحقيق هذا التوحيد بحاجة ماسة لعمل حقيقي وتعاون جاد بين كافة الأطراف ذات الأثر في التنفيذ، خاصة بعد توصيات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي بالاهتمام بالشباب وتوحيد الجهود، وهذا التنفيذ يأتي بالأساس من قيادة الدولة ممثلة بالمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني ومجلس النواب، خاصة ونحن نمر بأشرس عدوان عرفته اليمن.
إننا في هذه المرحلة التي يركز فيها العدوان على استهداف الشباب، بالسيطرة عليهم والتغرير بهم للالتحاق بصفوف العدوان ومرتزقته، ناهيك عن الحرب اللاأخلاقية التي يسعى العدوان من خلالها إلى إضعاف نفوس الشباب وتدمير طموحاتهم ومشاريعهم التي تمثل انطلاقة قوية في بناء الوطن، وحمايته والوقوف أمام أطماع غزاة العصر ومشاريعهم التدميرية.
وفي نظرة شمولية لواقع ما تم تحقيقه من مشاريع الحكومات الشبابية، نجد أن عدد الحكومات الشبابية وصل ما بين 9-10 دون تحقيق أي تقدم ملموس سوى تضارب بالمهام التي تنطوي على هذه الحكومات، والبعض منها أصبح يحاول البروز بدلاً عن حكومة الإنقاذ الوطني فما إن يقوم بزيارة عادية حتى يستدعي جميع القنوات الفضائية ليكون هو البارز على الشاشة، وبحقيقة الصورة المنقولة يظهر بأنه عاجز، والبعض الآخر من هو طموح مجتهد يريد أن يعمل وبدأ بتطبيق مشروع الرئيس الشهيد المجاهد “يد تحمي ويد تبني”، ولكن لم يجد من يأخذ بيديه للصعود وتحقيق المعجزة، والبعض الآخر تشكل ولم يستطع المواصلة فأصبح يائساً.
وبعد هذا العناء والمشقة والجهود التي بذلها الشباب الطموح الذي يريد تنمية بلاده وحماية أرضه، أتى الدور الفاعل واللافت من وزارة الشباب والرياضة بمبادرة توحيد حكومات الشباب وتم إطلاق اللقاء التشاوري للمبادرات والمكونات الشبابية قبل خمسة أشهر، وتم وضع النقاط على الحروف، ولكن بعض الحكومات كان معارضاً والآخر محايداً، وروح الغرور، تملكت أحداهما حتى نادت بأنها تريد القرار من المجلس السياسي الأعلى غير آبهةٍ بالعدوان البربري الغاشم، ولم يجعلوا من توحيد الصفوف والجهود انتصارا لشباب اليمن لما يمثله من صمود وتحدي للعدو واستمرارا على مشروع الحمى والبنى وتنوع الجهود، واختيار الكوادر الفاعلة من جميع الحكومات الشبابية دون استثناء، للخروج بعملٍ مشتركٍ واحد يكون تأسيساً ومشروعاً للأجيال اللاحقة.
كانت المبادرة رائدة تضيف رصيداً فاعلاً لوزارة الشباب والرياضة، ولكنه وحتى اليوم وجدنا عدم التقدم في الإنجاز الحقيقي في توحيد الحكومات الشبابية لأسباب لا نعلمها، الأمر الذي عجل بظهور 5 حكومات شبابية جديدة بعد اللقاء التشاوري، وجعل من توحيد الحكومات حُلم الشباب اليمني المتفاعل، والحاضر لمواجهة العدوان البربري الغاشم، على الرغم من أن هناك أصواتاً كثيرة استشرفت هذه الحقيقة من بينها الوزارات، التي يأتي لها كل يوم وزير من حكومات الشباب، والتي أصبحت لاتعلم مع أي حكومة تتفاعل أو تقوم بالتنسيق ودعم الجهود، حيث أصبح من الضروري التوجه نحو الاستجابة لنداء السيد القائد حفظه الله، وتطبيق النقاط التي وضعها بتفعيل الشباب ودعم جهودهم وتوحيدها لتنفيذ مشاريعهم وطموحاتهم في الحماية والبناء، كونهم فاعلاً حقيقياً في مسيرة الحمى والبنى.
حكومة شبابية موحدة أصبح أمراً ليس سهلاً، بينما الشباب تجاوب وأكد بضرورة توحيد الجهود، والبعض الآخر المتعنت ستجبره القوانين والدستور، فعامل الشباب الذي تم اغفاله سابقاً أصبح اليوم ضرورياً ومنجزاً من منجزات الثورة.
بالمقابل فإنه من الأولى لإنجاح مبادرة توحيد الحكومات الشبابية، أن يتم عمل هذه الحكومة تحت إشراف المجلس السياسي الأعلى ومجلس النواب، والعمل على تحديد الصلاحيات اللازمة وتتبع الأسلوب المناسب في فرض إيقاع التنفيذ وإبراز المنجزات وإيجاد الضوابط وتوحيد المتطلبات ومراقبة الأداء بما يخص هذه الحكومة الشبابية الموحدة التي تعتبر حكومة ظل موازية لحكومة الإنقاذ الوطني، وأن يتم خلق جهة مسؤولة عن عمل هذه الحكومة تحت مظلة رئاسة الوزراء لمراقبة أدائها، بحيث تبقى كل وزارة شبابية تعمل في ضمن صلاحياتها وضع السياسات والخطط التي تسير وفقها من دون مضايقة لأحد أو مضايقة من أحد، بجهود شبابية خالصة.
إن تحقيق حلم “حكومة شبابية موحدة” أمر يحتاج الى النظر على المدى الطويل، وتسليم الأمر لأهله لا ينقص من قدر أحد ولا يقلل من أهميته، ودون ذلك فهذا سيبقى حلما يمكن الاستيقاظ منه على الواقع في أي لحظة، يمكن أن يوفر فرصة نادرة لتوحيد الشباب اليمني على اختلاف توجهاته.
وعلى الرغم من الاستهداف العدواني والصعوبات التي تبدو وكأنها تُعقّد الأمور إلا أن هناك أملاً يتلخص في الإجراءات التوحدية التي نأمل من القيادة السياسية أن تتخذها من أجل العمل على تحقيق توحد هذه الحكومة الشبابية التي ستراقب عمل حكومة الإنقاذ، وهي مبادرة محمودة وتجربة نموذجية يجب أن يتم تشجيعها، بهدف تشجيع الشباب اليمني على الإنخراط أكثر في العمل السياسي، لأن المهمة وطنية ليست النقد، بل تقديم البدائل في مجال السياسات العمومية من أجل مواجهة العدوان والانتصار للقضية، وبناء اليمن الذي سيقوم على سواعد الشباب بأفكارهم المتجددة.