المستقبل نت – العربي الجديد
انتقلت الأطماع الإماراتية في اليمن إلى مستوى جديد، في الساعات الماضية، عسكري في حرب أبوظبي على شبوة، وسياسي عبر رغبة الإمارات بأن تكون كامل الحكومة الشرعية، تابعة مباشرة لها.
ولم يعد من المحتمل بالنسبة لأبوظبي أن يكون ولاء وزراء الحكومة الشرعية للسعودية أو أن يكون الوزير وطنياً مستقلاً، بل المطلوب حكومة تابعة بالكامل لها، وهو ما تكشفه حادثة رفض أبوظبي دعوة وزير الرياضة في حكومة هادي، نائف البكري، لحضور افتتاح بطولة كأس آسيا، التي انطلقت اليوم السبت، وهو أمر نفته الإمارات، فضلاً عن التعديلات الحكومية، التي علمت “العربي الجديد” أنها ستحصل قريباً، في إطار محاولات مواجهة التبعية للسلطات الإماراتية من داخل حكومة عبد ربه منصور هادي.
وبعد احتلالها لمناطق استراتيجية في الجنوب اليمني، مثل عدن ومينائها بقوات “الحزام الأمني”، التابعة مباشرة للإمارات، ودأبها على إحلال سيطرتها العسكرية المباشرة على سقطرى والمهرة ومناطق أخرى في الشرق والجنوب اليمنيين، شهدت منطقة مرخة في محافظة شبوة، جنوب شرق اليمن، في الساعات الماضية، مواجهات عنيفة بين قوات “النخبة الشبوانية”، المدعومة من الإمارات، ومسلحين قبليين، سقط فيها قتلى وجرحى من الطرفين.
وتمكن المسلحون القبليون من إحراق وتدمير آليات عسكرية لقوات “النخبة الشبوانية”، التي تحاول السيطرة على مناطق وجود الثروات النفطية.
وتعد شبوة من أهم ثلاث محافظات نفطية يمنية، إلى جانب مأرب وحضرموت.
وقالت مصادر قبلية، لـ”العربي الجديد”، إن “الاشتباكات جاءت على خلفية تذرع قوات النخبة الشبوانية، التابعة للإمارات، بملاحقة إرهابيين، ثم قالت إنها تهدف إلى حماية أنابيب النفط، بينما القبائل هي التي تحمي هذه الأنابيب منذ سنوات، ولم يحدث أي اعتداء عليها. لكن الإمارات تسعى للسيطرة على كل ثروات شبوة، وهذا سبب ردة فعل القبائل”.
وأكدت المصادر أن “الطيران الإماراتي استهدف قبائل شبوة، في تجاوز خطير وتعدٍ كبير على حق الناس في الدفاع عن ثرواتهم وثروات محافظتهم من قبل قوى خارجية”.
وتسعى الإمارات مباشرة، وعبر حلفائها، لإحكام السيطرة على مصادر الثروة في شبوة، والتي يعد النفط والغاز أهمها.
وتحتضن المحافظة أكبر مشروع استثماري في اليمن، المتمثل في الغاز المسال، في ميناء بلحاف على البحر العربي، والذي تديره شركة “توتال” الفرنسية، ويتم تصديره من هذا الميناء.
وحاولت الإمارات تسويق حلفائها في قوات “النخبة الشبوانية” و”المجلس الانتقالي” عند الفرنسيين، في مسعى للسيطرة على كل ثروات اليمن، وهذا ما بات يزعج القبائل والأهالي والقوات الوطنية في شبوة، لذلك تشهد المحافظة بين الحين والآخر مواجهات بين الإمارات وحلفائها وبين القبائل، التي تحاول منع أبوظبي من السيطرة على الثروات.
وباتت الإمارات تشن حروباً في مناطق جنوب وشرق وغرب اليمن، وتشكل العديد من القوات والتشكيلات العسكرية لوضع يدها على كل مناطق ثروات اليمن، بما فيها السيطرة على المنافذ البرية والبحرية والجوية، وكذلك الجزر اليمنية التي تصل إلى أكثر من 125 جزيرة.
وفي إطار السعي السياسي لأبوظبي لفرض وضع يشبه الاحتلال على اليمن، رفضت سلطات الإمارات دعوة وزير الشباب والرياضة في حكومة هادي، نائف البكري، وطاقم وزارته لحضور افتتاح بطولة كأس آسيا، الذي تستضيفه الإمارات، بمشاركة المنتخب اليمني، للمرة الأولى في تاريخه.
ونفى المسؤول الإماراتي عن مسابقة كأس آسيا، عارف حمد العواني، ذلك وقال، في تغريدة: “كل الوفود الرسمية والمنتخبات والجماهير من جميع دول العالم نرحب بهم بالحضور والاستمتاع بكأس آسيا الإمارات 2019”.
ويأتي هذا الأمر ضمن مسلسل الحرب الإماراتية ضد الحكومة اليمنية الشرعية، وسط اتهامات لها بمحاولة إحداث انقسام، والدفع نحو تشتيت الشرعية، مستغلة دورها ضمن التحالف مع السعودية، التي تقف صامتة حيال سياسة الإمارات في اليمن.
وتدفع الخلافات المستمرة بين الحكومة الشرعية والإمارات إلى تغييرات حكومية مستمرة، لتطهير ما يمكن أن يكون اختراقاً إماراتياً في صفوف الشرعية، من خلال تحصين مراكز الدولة، الدبلوماسية والداخلية، وكذلك العسكرية والأمنية، في صراع كسر العظم بين الطرفين، خصوصاً في ظل مساعي الإمارات لاستقطاب رموز الحكومة، وإفراغها من وزرائها الجنوبيين، خصوصاً ممن لا ينضوون في “المجلس الانتقالي” الانفصالي التابع للإمارات.
وأكدت مصادر سياسية في حكومة هادي، لـ”العربي الجديد”، أن هناك تغييرات مقبلة ستطاول عدداً من الوزراء، من بينهم نائف البكري، الذي أعاقت الإمارات عمله وحالت دون عودته إلى عدن لممارسة مهامه كوزير للشباب والرياضة.
ويضع هذا الأمر الحكومة الشرعية أمام خيارين: إما تغيير الوزير، أو استمرار تحمل إذلال الإمارات بحجة وجود البكري، لا سيما بعد فشل رئيس الحكومة الحالي، معين عبد الملك، في حل أي إشكال تقوم به الإمارات منذ تعيينه في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ومن المحتمل أن يتولى الوزارة خلفاً للبكري سفير اليمن الحالي في القاهرة، محمد مارم، المقرب من الرئاسة اليمنية، على أن يتولى السفارة في القاهرة مستشار هادي للشؤون الإعلامية، نصر طه مصطفى.
ووفق المصادر، فإن هناك أيضاً معلومات تشير إلى قرب إقالة نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية، أحمد الميسري، وتحويله إلى سفير أو مستشار في الرئاسة اليمنية. كما قد يتم إجراء تغييرات أخرى، بينها إقالة السفير اليمني في تركيا، عبدالله السعدي، ضمن جهود إعادة ترميم وترتيب سلك الدبلوماسية اليمنية في الخارج.
ووفق مصادر خاصة، تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإن الإمارات لم تتوقف يوماً عن مساعيها لاختراق الشرعية، ومحاولة “شراء” قيادات بارزة فيها وضمها إلى صفها في محاولة لتشكيل “لوبي” موالٍ أو متحالف معها لتحقيق مصالحها، تحت مبررات عدة، بينها محاربة جماعة الإخوان المسلمين أو إعادة ترميم حزب المؤتمر، جناح الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، وأخيراً لتوحيد ما تسميه الموقف الجنوبي، خلف “المجلس الانتقالي”، الذي أنشأته وتموله وتتحكم بقراراته وسياساته.
وأشارت المصادر إلى أن الإمارات تسعى لتشكيل مجموعة ضغط قوية داخل الشرعية للحفاظ على مصالحها، خصوصاً بقاءها في الموانئ والجزر والمطارات اليمنية، مع ضغوط الشرعية لتسليم الإمارات كل تلك المنافذ والمؤسسات الحكومية إليها.
إلى جانب ذلك، فإن مصادر مقربة من قيادة الشرعية أكدت، لـ”العربي الجديد”، أن من بين الأسماء التي تمكنت أبوظبي من استقطابها نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الحالي، أحمد الميسري، الذي كان من أكثر المنتقدين للإمارات وسياساتها، فقد اتهمها، في تصريح لقناة “بي بي اس” الأميركية، في مايو/ أيار الماضي، بأنها تمارس احتلالاً وانقلاباً غير معلن في عدن.
وكان هذا أعنف هجوم من مسؤول في الشرعية، ومقرب من هادي، ضد الإمارات ودورها في اليمن وعدن تحديداً. ومع ذلك فقد وجهت الإمارات دعوة رسمية إلى الميسري لزيارتها، واحتفت به في يونيو/ حزيران الماضي، إذ استمرت زيارته أكثر من أسبوع.
ومنذ أن عاد إلى عدن تغيرت مواقفه، وبات محل شك داخل الشرعية، ولم يعد له أي دور، بل إنه تقارب مع حلفاء الإمارات في “المجلس الانتقالي”، وظهر في أكثر من مناسبة وهو يهاجم الشرعية، التي هو واحد منها، وكان آخرها مع إعلان اتفاقية السويد بين الشرعية والحوثيين، في 13 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إذ هاجم، في بيان وزعه مكتبه، وفد الشرعية.
كما تضمن البيان شتائم وانتقادات عنيفة لوزير الخارجية في حكومة هادي خالد اليماني، واصفاً من يصدق الحوثيين بـ”الحمير”.
ويبرز اسم الميسري كواحد من الأسماء التي يمكن الإطاحة بها ضمن تغييرات مرتقبة للشرعية، بالإضافة إلى محافظ سقطرى الجديد، رمزي محروس، الذي دعته أبوظبي لزيارتها، ولا سيما بعد عودة التوتر بين الشرعية والإمارات حول سقطرى بسبب تحركاتها الجديدة في الجزيرة، من خلال التجنيس وترحيل أهالي الجزيرة إلى الإمارات.