جميل أنعم العبسي
يستشف المتابع من بعيد رقعة الشطرنج البيضاء والسوداء والأوقات العصيبة التي تمر على الملك والوزير والضابط والجنود والأحصنة والقلاع، ولاغرابة من قرار الملك بالتضحية بوزيره أو جنوده للحفاظ على ملكه، تماماً كما تم التضحية بالعسيري لأجل ابن الملك، وتماماً كما يتم التضحية يومياً بالجنود السودانيين والمرتزقة، ولاغرابة من استبسال ضباط ووزراء وأحصنة لأجل جندي واحد يكون حينها قاتلاً حتى الرمق الأخير وسقط في معركة بلا سلاح، كما يتساقط الشهداء إلى الأعلى في معارك العزة والكرامة بالدم والنار.
ما أشبه ذلك برقعة الميدان اليمني اليوم، ونحن نعاصر مرحلة اتفاق أول يفتح في جدار الجمود ثغرة، لكنها في أدبيات المسيرة القرآنية “ثغرة الموت” وبداية النهاية، وهي كذلك في الماضي والحاضر والمستقبل، فقد كان قبل بضعة أيام فقط محاصراً في المدينة ينتظر ساعة الصفر لهجوم قريش وخيبر، وهاهو اليوم ينتصر على خيبر في عقر دارها، ويُقيِّد قريش باتفاقية وضع الحرب، ويكسب قبائل العرب أفواجاً وأفواجاً، وبعد عامين فقط تم فتح مكة سلمياً، ذلك كان في عهد أحزاب وقريش ذلك الزمان مابعد اتفاق الحديبية، وفي عهد أحزاب وقريش هذا الزمان مخرج آخر سيكتبه الله باتفاقية هذا الزمان، السيناريو الأقرب لمصير مشاورات السويد ديسمبر 2018م ومابعد السويد، لمؤشرات وأسباب ظهرت وستظهر في القريب العاجل.
وكما قام ابن الملك بذبح العسيري في رقعة الشطرنج والميدان لإنقاذ نفسه، سيقوم الملك الصهيوني بذبح ابن الملك السعودي لكن بعد تأدية المهمة الأخيرة للمملكة البقرة باحتلال سواحل اليمن بعد إتمامها مهام احتلال تيران وصنافير وسقطرى وميون ومشروع نيوم الصهيوني لهدف معلوم الهوى والهوية، فالملك الصهيوني أعلن وبالفم المليان أن مايجري في باب المندب أخطر على “تل أبيب” من اتفاق لوزان النووي الإيراني، ولابن الملك بعد تعثر صفقة القرن المهمة الأخيرة بسراب ملك المملكة البقرة المجرورة بحبل راعي البقر والسفاح الأمريكي، والمُطالب من الرأي العالمي بسرعة ذبح بقرته الشمطاء.
تحالف إسلامي ثم تحالف عربي ثم تحالف إفريقي ثم البحران العبريان وصولاً إلى كيان البحر الأحمر كلها مسميات تنم عن أوقات عصيبة يمر بها الملك الصهيوني ومعها سيقرر ذبح إبن الملك بمعركة واشتباك الحديدة، فنتائجها سلباً أو إيجاباً على الصهيوني ستكون فاجعة إنسانية سيكون رحيل ابن الملك أقل ما يمكن فعله لإرضاء العالم.
وبالعودة لمشاورات السويد واتفاق ستوكهولم، نتفاءل ولا نتشاءم باتفاق الحديدة، ولامحالة للعدو مغامرة بحرية بكيان أمن البحر الأحمر، ولأحفاد سلمان الفارسي مجاهدي الساحل والبحر صولة وجولة حتى فتح مكة وبيت المقدس إن شاء الله تعالى، وخلي السلاح صاحي، وأمان البندقية ماتغلق، والارتداد والمفاجأة ننتظرها من جنوب الثورة بالواحدية اليمنية الخالدة كما عودنا شرفاء جنوب العزة والكرامة مع وقف التنفيذ.
نتفاءل برفع الحصار البحري، ولا نتفاءل بتدوير تحالف العدوان إلى كيان أمن البحر الأحمر المشبوه، ولا نتفاءل بعسكرة البحر الأحمر ببارجات ومدمرات كيان البحر الأحمر في ظل خلو محافظة الحديدة من الجيش واللجان الشعبية ما يجعلها لقمة سائغة لبوارج الكيان الغازي عند تنصل العدوان من الاتفاق وبمصطلحات أكثر صهيونية، كأمن البحر الأحمر من أهله اليمنيين، وحينها سيبدأ العد التنازلي لبداية النهاية.
نتفاءل بفتح طرق بر الإمداد من وإلى الحديدة، نتفاءل بانسحاب جحافل الارتزاق والتكفير من الجنوب والسودان، ولا نتفاءل بتدويل محافظة الحديدة بأمم متحدة فشلت طوال ستين عاماً وفي كل الاتجاهات، لا نتفاءل ونتشاءم باحتلال الجنوب بجيوش أجنبية ونخب مناطقية عنصرية وميليشيات تكفيرية، ولا نتفاءل ونتشاءم بوجود جيوش ارتزاق وتكفير في مأرب وتعز ونهم.
نتشاءم حتى الغثيان في ظل شرعية لاتوافقية أباحت واستباحت كل المحرمات، ونتشاءم حد التقيؤ بشرعية بني سعود، ونتفاءل ونجزم بزوال شرعية العدوان بوحدة وسيادة اليمن كل اليمن بالحكومة الانتقالية القادمة وبرئيس توافقي جديد بمرحلة انتقالية برحيل الجيوش الغازية وحل جيوش الارتزاق والتكفير والنخب العنصرية والمناطقية تمهيداً لانتخابات جديدة تفرز شرعية شعبية وطنية تتجدد كل خمس سنوات في ظل يمن ديمقراطي موحد مقاوم للاستعمار والصهيونية والرجعية السعودية.
نتفاءل بفتح مطار صنعاء للرحلات الخارجية وبذلك ستعود رموز وطنية مؤثرة لدغت من جحر الشرعية والأكثر لدغاً ولسعاً كان من أجحار بن سلمان وبن زايد وحتى أردوغان؛ ولابد من صنعاء وإن طال إغلاق المطار، ولا نتفاءل بفتح مطار صنعاء للرحلات الداخلية والاعتقال بالهوية المناطقية والألقاب العائلية والانتماء الحزبي لمحاكم تفتيش الاحتلال السعودي والاماراتي ومرتزقتهم.
نتفاءل بوقف إطلاق النار في الساحل والعودة الفورية للنازحين إلى مدنهم وقراهم ومزارعهم وبيوتهم وأكواخهم وعششهم، فهم صمام الأمان الخالد لإفشال أي غزو ومغامرة لجيوش الارتزاق الداخلي وجيوش الغزو الخارجي الغادر، وبدون عودة النازحين لا نتفاءل ونتشاءم حتى النفير العام لمواجهة تداعيات فشل اتفاق حديبية الزمان في الحديدة.
نتفاءل باعتصموا مع تشكيل لجنة عسكرية مشتركة من الشمال والجنوب والساحل وبإشراف أممي وإيرادات الحديدة لكل أبناء اليمن، ونتشاءم بتفرقوا بالسعودي والإماراتي المسيطر على إيرادات المحافظات المحتلة وخيرها للغازي الأجنبي والفتات الفتات لقيادات مرتزقة العدوان.
نتفاءل بعودة أبناء الجنوب إلى مدنهم وقراهم والتشاؤم حليفهم بسراب انفصال الجنوب عبر بوابة تدمير واحتلال الحديدة، وليشاهدوا وبأم أعينهم حكام الجنوب الفعليين من السفير الأمريكي والسفير الإماراتي والسفير السعودي وهم يسرحون ويمرحون من غرب عدن حتى جنوب المهرة ومأرب، وكأنهم المندوب السامي في زمن عصبة الأمم المتحدة، وأهل الجنوب قاصرو الوعي السياسي والوطني، ويتشاءم أبناء الجنوب أكثر وأكثر بتغييب القضية الجنوبية عن كل المشاورات والمفاوضات والاتفاقيات السابقة واللاحقة وكأنك يابو زيد ماغزيت.
نتفاءل بالاعتراف غير المباشر للمجتمع الدولي بشرعية أنصار الله وحلفائهم كمكون يمني فاعل وأصيل ورقم سياسي محنك، وفعل عسكري ميداني صعب التجاوز وسيل شعبي جارف لا يمكن تجاهله، أفشل أهداف العدوان المعلنة وغير المعلنة بعد حرب ضروس وحصار قاتل وخطاب فتن وكراهية تجاوزت كل معاني القيم والأخلاق والشرائع السماوية والأرضية وبلا حدود.
والميليشيات لم تعد ميليشيات، والمجوس لم يعودوا مجوساً وفرساً، والكهنة لم يعودوا كهنة وكهنوتاً، والمتمردون لم يعودوا متمردين، والانقلابيون لم يعودوا انقلابيين، والشرعية لم تعد شرعية وتمثل كل اليمن، فاتفاق السويد تم توقيعه بين شرعية الرياض وأنصار الله وحلفائهم، وسفراء عشرين دولة يباركون ومجلس الأمن يختم بالشرعية الدولية، أنصار الله يمنيون يمنيون بكل لغات دول مجلس الأمم المتحدة.
والتفاؤل مستمر ويصل تأثيره للغرب الأمريكي وساكن البيت الأبيض يهتز على وقع أصوات وقرارات وتقارير مؤثرة، فصحيفة النيويورك تايمز في عددها الصادر 12 ديسمبر 2018م تقول بأعلى الصوت أن مأساة اليمن صنعت في أمريكا وأن الأسلحة الأمريكية قتلت أطفال اليمن، ومجلس الشيوخ يصدر قرارات تصف النظام السعودي بالنظام الاستبدادي وتتهم بن سلمان بالقتل وتصفه بالقاتل لأطفال اليمن وتدعو لوقف الدعم العسكري للقاتل السعودي، ووقف إطلاق النار في اليمن، وكذلك صدر صوت أو صوتان في مجلس الأمن بضرورة وقف إطلاق النار.
ومنسوب التفاؤل يرتفع مع هرولة القاتل إلى السفاح نتنياهو لإنقاذ شرعيته المنهارة بكامب ديفيد جديد بين الكيان السعودي والكيان الإسرائيلي، وللبيت الحرام رب يحميه من أبرهه وأبو رغال هذا الزمان الذين سفكوا الدم اليمني الطاهر النقي والمنتصر بعون الله تعالى.
ونتفاءل أكثر وأكثر باتفاق الحديدة لتفعيل معادلة إلهية بالمسيرة القرآنية الحقة، معادلة أسقطت فتنة الخيانة وقبلها كل أذرع الفتن في دماج وعمران وصنعاء، بقول الله تعالى: ((وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))، ومن أصدق من الله حديثاً وقيلاً ووعداً ونصراً، ومن بحر الآيات لنا غرفة بأسطورة الصمود اليماني الخالد، ومع الاعتذار سلفاً لرجال وأبطال هذه الأسطورة الفريدة والمميزة، ونلتمس العذر منهم شهداء وجرحى وأسرى ومجاهدين بسرد جزء بسيط لفصل من فصول هذه الأسطورة اليمانية والمعجزة الإيمانية والحكاية والقصة بل الرواية تقول بأنهم كانوا أعداء ثم خصوماً فأصبحوا بنعمة الله سبحانه وتعالى مؤمنين إخوة بالاعتصام بحبل الله جميعاً للتصدي لعدوان غادر في ليلة ظلماء على الوطن والشعب اليمني الأصيل.
والرواية تقول أنهم تقاتلوا بعد أن فرقهم السعودي والتكفير الوهابي السلفي الإخواني وبشرعية سلطة المال والبنين للعهد البائد في حروب صعدة الظالمة، والمعارك تشتد وضراوة الاشتباك تستعر والحابل يختلط بالنابل، والشهداء والقتلى يتساقطون من الطرفين والمعركة تستمر حتى نفاد الذخائر والمؤن ونقص في الأفراد، كانت أشرس معركة عرفوها، وتبقى لأحد الأطراف رصاصة واحدة فقط كانت كافية لفض الاشتباك وليمضي كل طرف لحال سبيله وهذا الطرف يعود لأدراجه وقواعده وذاك الطرف يعود من جديد ومن مكان آخر ما ليواصل جهاده في دحر خدام الصهاينة التكفير وأعوانه، وكان ما كان حتى ليلة العدوان الغادر مارس 2015م، ومجاهدو المسيرة القرآنية بالاستنفار إلى كل الجبهات ومنها الجبهة الشمالية مع العدو السعودي، والواجب الوطني والشرف العسكري يفرض نفسه على بضعة أفراد من ضباط وجنود الحرس الجمهوري وبقيادة ذاتية يتجهون أفراداً إلى الجبهة الشمالية لقتال العدو في ظل خذلان قيادتهم وخيانة الحكومة للوطن والشعب، وحملوا معهم ماحملوا من السلاح والذخائر والتموين ما أمكن، وأثناء طريقهم للجبهة الشمالية واجهتهم مصاعب وعثرات، فهم أفراد والقيادة ذاتية وبرتب عسكرية عالية من الصف القيادي العسكري الأول للحرس الجمهوري، وتمكنوا من الوصول إلى الأراضي المحتلة نجران وجيزان وعسير والجبهة الدامية للعدو السعودي تفتح في ظل قيادة مستقلة وحصرياً بأنفسهم وعلومهم العسكرية الحديثة وبمعزل تام عن التنسيق مع قيادة أنصار الله التي سهلت مهامهم القتالية الوطنية وكل طرف يقاتل العدو المشترك بطريقته الخاصة فهم أعداء سابقون والتنسيق بينهم شبه معدوم، بالرغم من العدو المشترك.
والعلوم العسكرية للحرس الجمهوري تفعل فعلها بالعدو، والعقيدة الإيمانية للمجاهدين تحقق معجزات غير متوقعة في صفوف العدو السعودي، وصفها حينها ذبيح ابن الملك ناطق العدوان السابق العسيري بالسحر والأسحار، والذخائر والتموين تنفد وتستنفد من أفراد الحرس الجمهوري والطيران المعادي يحلق في الأجواء وعلى مدار الساعة ويقتل كل هدف متحرك، ومجاهدو المسيرة القرآنية بالخبرة والتكتيك يعرفون المداخل والطرق لنقل الذخائر والتموين بالكتف والظهر والسير بالأقدام الحافية مسافات طويلة بالأيام والليالي، ذخائر على أكتاف مجاهدي الملازم القرآنية، تموين على ظهور رتب عالية من عترة آل البيت الكرام، يتم توصيلها لأفراد الحرس الجمهوري، فالميدان له شرف وأخلاق، والواجب الديني يذيب العداوة، وتستمر الخصومة والكبرياء، وتستمر الأسطورة اليمنية بالتصدي للعدو المشترك، وكل على طريقته الخاصة ضباط الحرس الجمهوري يسطرون أروع المعارك، ومجاهدو الملازم القرآنية يجترحون المعجزات لإيلام العدو السعودي، وأمام مشهد تواضع ودماثة أخلاق عترة آل البيت الكرام وتفانيهم غير المتوقع في نقل الإمداد وعلى ظهورهم وأكتافهم للحرس الجمهوري المقاوم وجميع المجاهدين ورويدا رويدا تذوب ثلوج الخصومة بعد ذوبان جليد العداوة، واتحاد العلوم العسكرية مع تكتيك المجاهدين يحقق إنجازات عسكرية مشتركة وبقيادة واحدة تتوالى وبأشد مما سبق، والأخبار تتوالى للعدو بأن الحرس الجمهوري هو الذي يقاتل في الجبهة الشمالية نجران وجيزان وعسير وأحد قيادات حرس العائلة يقول بأن من يقاتل في الجبهة الشمالية هم أفرادا ولايمثلون الحرس الجمهوري وقيادته، وزعيم الفتنة يؤكد للجنة فريق الخبراء الأمميين أن تحرك بعض الضباط ذاتي ولايمثله، بل يتطاول زعيم الخيانة على ضباط الحرس الجمهوري المرابطين في الجبهات الشمالية وبلغة الاحتقار والانتقاص والاغتيال المعنوي يقول لهم بالفم المليان “قد بردقوكم”.. والجواب يأتيه صاعقاً بصوت الشهيد المجاهد العميد الركن حسن عبدالله محمد الملصي “أبو حرب”: “بردقونا بالقرآن”..
وفي ليلة مقمرة وسماء صافية بصفاء قلوب المؤمنين الإخوة المجاهدين، ومن حيث لايدري الأعداء الخصوم المؤمنين المجاهدين الاخوة، وفي جلسة سمر جهادية نقية تحت أضواء القمر المنير، توقفت السماء ترقب أحد فصول الرواية التي لم ترو بعد، عن الشهيد المجاهد اللواء الركن ناصر حسين القوبري، تحدث المتسامرون وتكلم الأعداء السابقون عن أقوى المواقف المؤثرة التي واجهتهم طيلة حياتهم العسكرية وعن عهد بغيض جعل اليمني يقتل اليمني، فالطرفان كانا من أشرس المقاتلين في ميادين النزال وأطولهم باعاً في الخبرة الميدانية والعسكرية، وكانت المفاجأة صادمة ومؤثرة للطرفين.
فقال الطرف الأول كنا ندافع في أحد المواقع المحاصرة واستشهد عدد من المجاهدين وتبقى قائد الموقع وأفراد قليل معه، كانت المعركة تستعر علينا والقذائف وصواريخ الكاتيوشا تنهمر باتجاهنا والضرب العنيف يستمر، نفدت ذخيرتنا ولم يتبق سوى رصاصة واحدة فقط لدينا، أطلقناها ثم لم نعلم ما الذي حدث بعدها، صمتت المدافع والنيران، وانتهت المعركة..
والطرف الثاني يطلق العنان لنفسه بالحديث وبعد سرد الكثير من وقائع المعركة وتفاصيلها تبين للسامرين أنهم هم أنفسهم كانوا أعداء بالسلطة الغاشمة والتكفير السعودي وفي تلك المعركة تحديداً اختيرت كأشرس وأعنف المواقف المؤثرة طوال مسيرتهم القتالية، وليكتمل المشهد لدى الطرفين، ويتبين أن الرصاصة الأخيرة أصابت أحد القادة المهاجمين من الطرف الآخر وليقرروا بعدها الانسحاب من المعركة قائلين أنهم لم يروا مقاتلين أشرس من أولئك المقاتلين وكان صمودهم واستبسالهم استثنائياً..
ودار الحوار التالي بعد صمت وصدمة وانذهال:
– الشهيد أبو حرب: أبو أحمد عاد في قلبك مني..؟
— الشهيد أبو أحمد بصوت ينفي سؤال أبو حرب ويرفع كلتا يديه للسماء: الحمـــــــــــــدلله الحمــــــــدللـه، إحنا إخوة، إخوة إخوة، نقاتل أعداء الله، نعمة عظيمة من الله الحمــــــــدلله..
— الشهيد أبو صلاح وقد امتلأ السامرون بمشاعر لا توصف ودموع الرجال تكابر النزول: وأنا ما بقلبك مني.. أنا صحيح ما كنت بينهم لكن كنت أحشد مقاتلين ضدكم..
الجميع يبتسم وقد أصبحوا بنعمة الله إخوة مجاهدين مؤمنين بالمسيرة القرآنية المباركة يواجهون نفس العدو المشترك الذي فرق بينهم.. كانوا طرفي تلك المعركة المفروضة من خارج التكفير وداخل التكفير وسلطة المال والبنين الذين يفرقون بين المسلم وأخيه وبين اليمني واليمني، والذين انتهوا في أحضان تحالف أمريكا وإسرائيل بعضهم أولياء بعض، كمعجزة قرآنية خالدة.
عودة أخيرة لمشاورات السويد، واتفاق الهدنة، نقول لدينا اتفاق من نوع آخر، اتفاق المجاهدين المؤمنين شهداء وأحياء، ومصير الحديدة محسوم بالرئيس الشهيد الصماد وكل قادتنا الشهداء، سواء بنجاح الهدنة والاتفاق أو فشله، بالنجاح انتصار وطني، وبالفشل فتح إلهي للأمة بنظر المعادلات الإلهية، وحسبنا الله ونعم وكيل، وقادر يا كريم.