عباس السيد
انتهت مشاورات السويد التي تعد بداية معركة سياسية لا تقل شراسة عن المعارك العسكرية التي خاضها الجيش واللجان الشعبية طيلة الأربع سنوات ..
الصمود اليمني الأسطوري في مواجهة تحالف دولي تقوده السعودية أجبر هذا الحلف العدواني على العودة إلى نقطة البداية مجدداً ، فقد كانت المعركة مع هذا الحلف قبل مارس 2015 سياسية ، وتكشفت فصولها أواخر 2011 .
حاول هذا التحالف تحقيق أهدافه في اليمن عبر السياسة ، واستطاع اختراق ثورة 11 فبراير 2011 وتحويلها إلى إزمة بين طرفي الحكم ، وكلاهما من حلفائه . وكانت المبادرة الخليجية هي الحل لإنهاء ” أزمة الحليفين ” وإعادة تقسيم السلطة بينهما . بعد ذلك ، تسللت قوى التحالف إلى كواليس مؤتمر الحوار الوطني ، وشاركت بفاعلية في كواليسه وكان لها دور اساسي في توجيهه وصولا إلى مخرجاته . وتوجت المعارك السياسية تلك بصياغة مشروع الدستور .
لن ندخل في تفاصيل تلك المعارك وأدواتها ، لكن ما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أهداف تلك القوى ، وهي تفتيت اليمن من خلال عمليات سياسية يتوافق عليها اليمنيون ويشرعنون لها في دستورهم . بما يؤدي إلى السيطرة على مقدراته وثرواته وجغرافيته دون أي خسائر .
قدمت مؤسسات الملياردير الأمريكي المتصهين ” جورج سورس ” الدعم اللوجستي لرعاية مؤتمر الحوار الوطني ، ورسمت خريطة اليمن الاتحادي والأقاليم في السفارة الأميركية بصنعاء . وتكفل مشروع الدستور بتوفير الشرعية والقانونية لأي نزعات مناطقية أو قبلية . حيث جرى صياغة مشروع الدستور وكأن اليمن أرض لشعوب وأقوام متعددة .
فالمادة السادسة من مشروع الدستور أعطت الحق لأي ” محافظة أو إقليم ” بتقرير مصيره السياسي ” وفقا لوثيقة العهد الدولية التي صادقت عليها اليمن ” . كما نصت المادة الثانية على ضرورة اهتمام الدولة بـ ” اللغتين ، السقطرية والمهرية ” هم يريدون تكريس وعي بأن المهرة وسقطرة شعوب مختلفة لا تنتمي إلى اليمن وهذا يفسر ما يمارسونه حالياً من غزو واحتلال لهما.
الأمر لا يقتصر على خطورة تلك المادتين , فهناك الكثير من المواد التي تضمنها مشروع الدستور ووثيقة الضمانات في مخرجات الحوار . وهي مواد كفيلة بتحويل اليمن إلى عشر يمنات على الأقل في غضون بضع سنوات.
فشلت خطة التحالف في تحقيق أهدافه عن طريق السياسة ، فلجأ في مارس 2015 ، إلى محاولة تحقيق تلك الأهداف بالقوة العسكرية ، ومن يتأمل خارطة الجبهات الداخلية ، ويقارنها بخارطة الأقاليم التي رسمت في السفارة الأميركية ، يجد أن الخارطتين متطابقتان ، وأن الهدف هو الهدف نفسه ” تفكيك اليمن ” والسيطرة على مقدراته .
بعد أربع سنوات من المعارك والصمود اليمني الأسطوري ، فشل هذا التحالف في تحقيق أهدافه مرة أخرى . ومن المؤكد أنه لن يتخلى عن أهدافه ، وسيعمل على تحقيقها من خلال السياسة التي بدأت أول فصولها في ستوكهولم . ” هذا إن لم يستمر في خياره العسكري ” .
وفي هذا الإطار ، علينا الاستعداد للمعركة السياسية التي لن تكون سهلة أبداً ، وهي ستحتاج إلى جبهات متعددة ورفد مستمر ، والبدء بفضح مخططات العدوان والعمل على ” إزالة الألغام ” التي وضعوها لنا في مخرجات الحوار ومشروع الدستور بإعتبارهما من المرجعيات التي لا يزال التحالف يرفعهما بحماس .