محمد ناجي احمد
فهل ستكون حروب السعودية بالوكالة في اليمن وسوريا وليبيا والعراق سببا في سقوط الدولة السعودية الثالثة ، أم أن هناك إمكانية للمراجعة وفك الارتباط مع المذهب الوهابي التكفيري ، وضرورة الانتقال إلى بناء الدولة السعودية الرابعة على أسس دستورية ؟
كان عبد العزيز بن سعود يدرك خطر الوهابية على نظامه إذا خرجت من بين يديه ، والخروج كان مسألة وقت ” لذلك كان يحاول الإمساك بقرنيها بكل قوة ،وضربها بالوقت المناسب . وقد قال للمقيم البريطاني في الكويت (هارولد ديكسون ) الذي أبدى قلقه من خطر ( الإخوان ) في المستقبل : ” يا ديكسون لا تخف ، الإخوان هم أنا ولا أحد غيري ” 117ص المرجع السابق. لكن بريطانيا حين وجدت أن تمرد زعيم ( الإخوان ) فيصل الدويش سنة 1339هـ يكاد أن يسقط دولة ابن سعود تدخلت ، وضربت هذا التمرد بالطائرات ، ومنعت أمراء الكويت من دعم هذا التمرد ، وسلحت ابن سعود بالرشاشات والأسلحة الحديثة لوأده والقضاء عليه .
ولهذا فإن عبد العزيز بن سعود عمل على إضعاف سلطة الرؤساء والشيوخ القبليين ، ” فلم يعد لهم من أهمية تذكر بالنسبة إلى أفراد قبائلهم ، وذلك لأن صلة الفرد القبائلية ، البدوي أو المتحضر أصبحت بمن يمثل سلطة الدولة مباشرة لا بشيخه . والواقع أن حكام الخليج عملوا على إضعاف تلك الصلة منذ وقت غير قصير ، وساعدهم في ذلك عهد النفط ، بما وفر لهم من إمكانيات مادية أحكمت سيطرتهم على أبناء القبائل ” ص85 وقع العولمة في مجتمعات الخليج العربي –دبي والرياض أنموذجان –الدكتورة بدرية البشر –مركز دراسات الوحدة العربية أيار /مايو 2008م .
كانت رسالة (فيصل الدويش ) إلى عبد العزيز بن سعود واضحة في التعبير عن الأسس التي بنيت عليها الدولة السعودية الثالثة ، فقد قال فيها ” وقد منعتني من غزو البدو ، وهكذا أصبحنا لا مسلمين نحارب الكفار ولا أعرابا بدوا يغير بعضنا على بعض ، ونعيش على ما ينهبه كل منا من الآخر ، فمنعتنا من ديننا ودنيانا ” هذا هو منطق التأسيس للدعوة والدولة : غزو الآخرين ، واستحلال أموالهم ودمائهم وأرضهم باسم البداوة أو باسم الإسلام و(توحيد الألوهية ) وهذه هي الترجمة الفعلية لمفهوم ( الولاء والبراء )بجوهره البدوي الذي يتجلبب بالإسلام .
لم تكن الدعوة إلى إدارة إسلامية للحجاز بالاشتراك بين المسلمين جميعا فكرة من أفكار معمر القذافي ، التي طالما دعا لها ، بل إن عبد العزيز بن سعود قبل أن يضمها إلى سلطانه كان قد دعا إلى مؤتمر إسلامي لينظر في مستقبل الحجاز ومصالحه ، وقال ” لقد أبرقنا لكافة المسلمين في سائر الأنحاء أن يرسلوا وفودهم ” لكنه حين تمكن من هزيمة الأمير علي بن الشريف حسين ، عام 1925م وضم مكة والمدينة ألغى فكرة عقد مؤتمر إسلامي عام يقرر شكل الحكومة الذي يراه صالحا لأحكام الله في هذه البلاد المطهرة .
أزمة النظام السعودي أنه جمع خصال البداوة وضيق أفق الوهابية التي لا تقبل بالآخر ، ولا تعترف بمصالح الناس وحقهم في إدارة أنفسهم والتشريع لمصالحهم .
ولهذا نجد طبيعة المجتمع في ما يسمى (المجتمع السعودي ) يقبل بحماسة ” على اقتناء واستخدام وسائل الحداثة والعولمة ، لكنه يتحفظ على قيادة المرأة للسيارة مثلا أو على استخدام الأسرة لتسهيلات الانترنت ، أي أنه انتقائي ومتناقض ، يقبل على جزء من وسائل العولمة ويواجه أجزاء أخرى بالرفض ، وبخاصة إذا ارتبطت بالمرأة والأسرة ” ص19 العولمة في مجتمعات الخليج – بدرية البشر.
وهي في جوهرها طبيعة نظام يرى أن التحديث في المجتمع سيقود إلى تحديث النظام بفتح أبواب الشراكة السياسية للمجتمع. ولهذا يحافظ على طبيعة الفوارق الاجتماعية التي تقسم المجتمع أفقيا بين ” أصيل ” و”غير أصيل ” ” بسيري ” و “خضيري”.