* المستقبل نت – متابعات خاصة
طرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث مبادرتين على طرفي المشاورات اليمنية بشأن الوضع في محافظتي الحديدة (غرب) وتعز (جنوب غرب) اليمن.
وتنص مبادرة الحديدة على وقف شامل للعمليات العسكرية بما فيها الضربات الجوية والصواريخ والطائرات المسيرة وعدم استقدام تعزيزات، وعلى انسحاب جميع الوحدات والمليشيات خارج المدينة ومينائها وميناء الصليف ورأس عيسى.
وتسيطر جماعة الحوثيين على مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي على البحر الأحمر منذ أواخر 2014، كما تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المراكز السكانية شمالي اليمن الذي يعيش منذ قرابة أربع سنوات صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة الشرعية مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله ).
وتشهد مدينة الحديدة منذ أكثر من شهر معارك ضارية في أطرافها وما حولها.
وقال غريفيث إن ما يحدث في الحديدة، “مأساة كبيرة”، وإنه يريد من الأمم المتحدة أن تتدخل كداعم للمدينة ومينائها الاستراتيجي.
فما تنص مبادرة تعز على وقف القتال في المحافظة وفتح كافة المنافذ، بما فيها المطار، بناء على اتفاق ظهران الجنوب الموقع عام 2016، كما تنص على تشكيل مجموعة عمل من الأطراف بمشاركة الأمم المتحدة لمراقبة اتفاق تعز.
وبدأت مشاورات السلام اليمنية الخميس الماضي، في منطقة ريمبو على بعد نحو 60 كيلو مترا شمال العاصمة السويدية ستوكهولم، بمشاركة وفدي الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين برعاية الأمم المتحدة، في محاولة للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء حرب مستمرة بينهما منذ أكثر من أربع سنوات.
ويحاول غريفيث تقريب وجهات النظر عبر التنقل بين الوفدين وإجراء محادثات مع كل طرف على حدة لمناقشة القضايا الست المطروحة على طاولة المشاورات وهي إطلاق سراح الأسرى، القتال في مدينة الحديدة، البنك المركزي، حصار مدينة تعز، إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي.
وفي السياق كشف مصدر في وفد الحكومة الشرعية أن المبعوث الأممي هدد بالذهاب إلى مجلس الأمن والإفصاح عن الطرف المعرقل في حال فشلت جولة المشاورات الراهنة.
وقال المصدر إن غريفيث ذكر للصحفيين أن المشاورات ستنتهي في 14 ديسمبر الجاري، وإذا اضطرت الأمم المتحدة لمواصلتها فستكون في مكان آخر غير السويد.
وأضاف المبعوث الأممي أن جولة ثانية من المشاورات ستُعقد في النصف الثاني أو آخر يناير المقبل، وربما تستضيفها الكويت.
ووفقاً للمصدر أفاد غريفيث بوجود آراء متباينة بشدة بين طرفي الصراع حيال بعض القضايا، وأن كلا منهما يدّعي أنه يقود اليمن.
وأوضح المبعوث الأممي أن مهمته هي تيسير التوصل إلى نقاط اتفاق تمهّد لحلّ سياسي، بينها الانتقال السياسي ونزع السّلاح، بما يفضي إلى يمن مستقر يتملك علاقات دولية، والتوقف عن إنفاق الأموال على الأسلحة، وإنفاقها على التعليم.
ويوم الأحد عقدت أول مشاورات مباشرة بين وفدي حكومة هادي وجماعة الحوثيين بشأن ملف الأسرى كأحد إجراءات بناء الثقة وذلك بحضور اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومكتب المبعوث الأممي.
وأكد الوفدان إحراز تقدم في الجوانب الفنية المتعلقة بآليات تبادل الأسرى.
وقال عضو وفد الحكومة الشرعية عسكر زعيل إنه تم بحث تفاصيل آليات تبادل الأسرى وطرق تجميعهم ونقلهم والجهات الدولية التي ستشرف على العملية. وتوقع حسم المشاورات بشأن ملف الأسرى في غضون الأربع وعشرين ساعة المقبلة.
من جهته قال عضو وفد الحوثيين سليم المغلس، إن مشاورات الأحد كانت إيجابية وكان هناك تقدم كبير في ملف الأسرى مع الأمم المتحدة والطرف الآخر فيما يختص بآليات التنفيذ والخطوات، وهي شبه مكتملة.
وفيما يتعلق بالتهدئة في تعز أكد المغلس الوصول إلى أفكار جيدة ويمكن أن تكون أساساً للتقدم في الملف ورفع المعاناة عن أبناء تعز، التي انتظروها كثيراً حسب قوله.
كما عقد وفدا الحكومة “الشرعية” والحوثيين اجتماعات منفصلة مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
وهذه هي واحدة من المرات القلائل، التي يجتمع سفراء الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا بالحوثيين، حيث يتهم الأخيرون واشنطن بـ”قيادة الحرب” التي تشنها عليهم بمشاركة من السعودية والإمارات.
وقال رئيس وفد جماعة الحوثيين محمد عبدالسلام إن وفده قدم خارطة طريق للحل السياسي في اليمن، في اجتماعه مع السفراء تتضمن مرحلة انتقالية.
وأضاف، في تصريحات للصحفيين، أن مطالبة جماعته بنزع السلاح “غير مقبولة”، خصوصاً، أن التحالف العربي يدعم ميليشيات مسلحة في جنوبي البلاد.
ويشير عبد السلام بذلك إلى القوات الموالية للإمارات، مثل قوات “الحزام الأمني” و”النخبة الشبوانية” و”النخبة الحضرمية”، بالإضافة إلى قوات يقودها نجل شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وتابع: “يتعين على جميع الأطراف تسليم جميع الأسلحة للدولة، لكن من هي الدولة؟ نحن سنسلمها للدولة التي سيشارك في تشكيلها الجميع عقب مرحلة انتقالية”.
ولم يتفق الطرفان بعد على قضايا أصعب منها إعادة فتح مطار صنعاء وهدنة في مدينة الحديدة الساحلية اللتان تدعمان إجراءات بناء الثقة التي ترتكز عليها المحادثات علاوة على إطار عمل للمفاوضات.
ونقلت رويترز عن دبلوماسي في المشاورات قوله : إن جولة المشاورات ستعتبر ناجحة إذا أسفرت عن اتفاقات بشأن خفض التصعيد وتبادل الأسرى والاتفاق على جولة مفاوضات أخرى.
وأضاف “لا تزال تلك الخطوات بطيئة، مجرد اجتماعهم معاً في نفس المطعم واعتيادهم على التحدث إلى بعضهم البعض خطوة كبيرة”.
وينفذ التحالف بقيادة السعودية، منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات عبدربه منصور هادي وحكومته لإعادته إلى الحكم في صنعاء التي يسيطر الحوثيون عليها وأغلب المناطق شمالي البلاد منذ سبتمبر 2014.
وخلّفت الحرب أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة، جعلت معظم السكان بحاجة إلى مساعدات، في أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة “الأسوأ في العالم”.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 14 مليون شخص، أو نصف سكان اليمن، قد يواجهون قريبا مجاعة، فيما تؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن نحو 1.8 مليون طفل يعانون من سوء التغذية.
وأدى الصراع الدامي إلى مقتل أكثر من 11 ألف مدني، وجرح عشرات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين شخص داخل البلاد وفرار الآلاف خارجها.