تساءل كل من رؤوف مامادوف، الباحث في سياسات الطاقة بـ«معهد الشرق الأوسط»، وثيودور كاراسيك، زميل أول بـ«معهد لكسينغتون» الأمريكي، عمّن «سيستفيد من الإنتاج المحلي للنفط في جنوب اليمن في ظل سير البلاد نحو التفتت إلى أجزاء صغيرة واحتمالية تحولها إلى دولة فاشلة أكثر من أي وقت مضي»، معتبرين أن ذلك الأمر «سيكون له تأثيراً كبيراً على مستقبل البلاد».
ولفت الباحثان في المقال التحليلي الذي نشره موقع «لوبلوغ» المعني بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، إلى أنه «وعلى الرغم من أن ثروة اليمن النفطية، لم تقارن أبداً بثروة دول مجلس التعاون الخليجي، فإن قطاع النفط في هذا البلد الفقير كان مهماً للاقتصاد الكلي، الذي لم يتعافى من النزوح الجماعي لشركات النفط الدولية الكبرى، وتوقف عمليات التنقيب بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 1994».
وأشارا إلى أن الإنتاج النفطي في اليمن «وصل ذروته، عندما بلغ الإنتاج اليومي 440 ألف برميل، في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، لكنه سرعان ما انخفض بشكل حاد بسبب نضوب الحقول، وعدم الاستقرار السياسي المستمر في البلاد، حتى وصل 110 ألف برميل يومياً، قبل اندلاع الحرب (حرب التحالف السعودي الإماراتي على اليمن منذ مارس 2015م).
وأوضح الباحثان أن «ما يعيق عودة اليمن لتصدير النفط بشكل اعتيادي، عدم امتلاكها أي بنية تحتية لخطوط الأنابيب عبر الحدود، خاصة مع إغلاق أكبر خط أنابيب للنفط في البلاد منذ تفجيره من قبل رجال القبائل المحليين، وبالتالي فأن اعتمادها سيكون على شحنات الناقلات كخيار وحيد للتصدير»، مبينين أن ذلك «قد لا يسمح بسير العملية بصورة منتظمة، خاصة مع استمرارية سيطرة الحوثيين على الميناء الرئيسي لتصدير النفط في البلاد، وهو رأس عيسى، كما أن اختراق أمن مصافي عدن عدة مرات، يجعل منه غير قابل للتشغيل في الوقت الحالي».
واعتبرا أن «صناعة الطاقة في اليمن، أصبحت الآن تحت أعين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة»، منوهين إلى أنه «وعلى الرغم من أن الرياض وأبو ظبي تحاولان إعادة بناء الجنوب وفقاً لرؤيتهما الخاصة، فإن المسؤولين اليمنيين المحليين لازالوا يستفيدون أيضاً من صادرات الطاقة، بما فيهم محافظي مأرب وحضرموت ومساعديهما، فضلاً عن الجنرال علي محسن الأحمر (نائب هادي)، الذي قام مؤخراً بانتداب أبنائه ليكونوا وكلاء لبيع منتجات الطاقة اليمنية في محافظة مأرب، تماماً كما فعل في العام 2014، عندما قام بوضع هادي جانباً والتفاوض على عقود الطاقة مباشرة مع الصين».
وبيّن الباحثان أن الصراع الداخلي اليمني «يمتد حالياً إلى الموارد إلى الساحل الجنوبي ذي القيمة المتزايدة، حيث اقترحت حكومة هادي بناء خط أنابيب جديد يسمح لحقول النفط في وسط البلاد بالتصدير عبر ميناء بير علي الجنوبي، حيث من شأن المشروع الذي يعرف باسم (مشروع ترميم بئر علي)، أن يُعيد تأهيل جزء من خط الأنابيب الحالي من ميناء بير علي إلى بلوك 4، الذي سلمته شركة النفط الوطنية الكورية للشركة الوطنية للغاز المسال المملوكة للدولة في عام 2016، بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، وتدخل من علي محسن».
ولفتا إلى أن «نائب هادي، علي محسن الأحمر، لايزال هو الرجل الأقوى في هذا المجال، حيث يسيطر على الكثير من صادرات النفط الرسمية من اليمن، كما أنه يسيطر أيضاً على وكلاء النفط اليمنيين الرئيسيين في الجنوب، بما فيها شركة بترومسيلة، التي توفر المصدر الرئيسي للدخل للحكومة اليمنية، وبالتالي فإن مسؤولية من سيستفيد عن إيرادات ميناء بير علي، ستؤول في نهاية المطاف إليه».
وكشف الباحثان عن أن صناعة الطاقة في اليمن «لا تزال قيد التشغيل، حيث يتم إنتاج ما يقرب من 44 ألف برميل يومياً، على الرغم من بعدها عن السعة الفعلية»، مشيرين إلى أن «الحرب الأهلية المتعددة الأطراف في اليمن، قد أجبرت الشركات أجنبية على الهجرة الجماعية من حقول النفط، مما أتاح للسياسيين المحليين والأعيان في مناطق الإنتاج، أخذ زمام المبادرة، بالتنسيق مع حلفائهم في بعض الأحيان في الرياض وأبو ظبي».
وختم الباحثان تحليلهما بالقول إنه «نظراً لمسار السياسة في جنوب اليمن، فإن أولئك الذين يملكون صنابير الطاقة، سيكونون هم اللاعبون المحليون المهيمنون في السياسة اليمنية».