على مشارف الأسبوع الثاني من الأزمة الخليجية المتواصلة، لا يبدو حتى اللحظة أنّ طرفيّ النزاع مستعدان للتنازل. الدوحة «المستعدة للحوار» ترى أنّ هناك «رغبة في التخلص من قطر» في ظل حراك دولي واتصالات مستجدة تهدف إلى تحريك المبادرات والوساطات
تجري الدوحة حراكاً ديبلوماسياً واسعاً عنوانه الأول الساحة الأوروبية حيث الاستثمارات القطرية الواسعة، ويقود هذا الحراك وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن. يأتي ذلك في ظلّ تكرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لموقفه الذي أعلنه قبل أيام (دعوته قطر إلى وقف دعم الإرهاب)، عبر قوله أمس إنه أكد خلال زيارته الأخيرة للسعودية «ضرورة التصدي بقوة لمصادر تمويل الجهاديين». وقال ترامب خلال خطاب في البيت الأبيض: «لقد حققنا نجاحات لافتة في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية… (هذا) أحد الأمور المهمة التي فعلناها، وترون ذلك مع قطر… إننا أوقفنا تمويل الإرهاب».
أما الوزير القطري، فقد أعلن أن بلاده «على استعداد للجلوس والحوار مع الدول المقاطعة لها حول هواجسها وافتراضاتها بتدخلنا في شؤونهم وتأثير سياستنا في أمنهم».
كلام ابن عبد الرحمن جاء في مؤتمر صحافي في العاصمة الفرنسية التي وصل إليها أمس، ضمن حراك ديبلوماسي شمل حتى الآن برلين وموسكو ولندن إضافة إلى باريس، واصفاً الإجراءات التي تفرضها تلك الدول على بلاده بأنها «جائرة وتعسفية وغير قانونية»، وداعياً إلى «وقفة حازمة ضد تلك الإجراءات… يبدو أن هناك رغبة في التخلص من قطر». لكنه قال: «(الجزيرة) شأن داخلي وسياستنا الخارجية أمر سيادي وليس لأحد الحق في أن يملي علينا ما نفعل».
وبشأن الوساطة الكويتية، أوضح أنها لا تزال قائمة، خاصة أن بلاده تدعم جهود الوساطة، مشدداً على أن «خيارها الاستراتيجي هو الحوار»، كذلك لفت إلى أن «الولايات المتحدة لها دور في الوساطة بالتنسيق مع الكويت».
أما عن جماعة «الإخوان المسلمين» وحركة «حماس» اللتين يمثل قطع العلاقة معهما شرطاً مفروضاً على الدوحة، فقال ابن عبد الرحمن إن قطر «تتعامل مع الحكومات، وإذا كانوا (الإخوان) في السلطة نتعامل معهم»، كذلك فإننا «لا ندعم حماس، بل ندعم أهل غزة وفق آليات واضحة». وتابع: «كنا نستضيف المكتب السياسي لحماس وحالياً أصبح داخل فلسطين… هي حركة مقاومة ونتعامل معها مثل الفصائل الأخرى».
في غضون ذلك، جرى أمس اتصال بين أمير قطر تميم بن حمد، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي أكد دعم بلاده «الحوار كأساس للحل بين دول مجلس التعاون الخليجي»، مشدداً على «أهمية الحفاظ على الاستقرار في منطقة الخليج».
في سياق متصل، دعا وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الدول المقاطعة لقطر إلى تخفيف الحصار المفروض عليها، وإلى إيجاد حل فوري للأزمة. وقال جونسون: «إنني قلق من الإجراءات القوية التي اتخذتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين ضد شريك مهم». وفي وقت لاحق أمس، أعلنت لندن أن جونسون يعتزم لقاء عدد من نظرائه الخليجيين في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، للبحث في الأزمة نفسها.
كذلك، قال بيان مشترك لوزير الاقتصاد والمالية الإيطالي بيير كارلو بادوان، والمالية القطري علي العمادي، أمس، إن البلدين يشددان على «استمرار التعاون الاقتصادي والمالي بينهما». كذلك عبّر بادوان عن «ثقة» حكومته بالمبادرة الديبلوماسية للوساطة، التي أطلقها أمير الكويت.
وبشأن الوساطة الخليجية الداخلية، قال أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح إن «التقريب بين الأشقاء في دول الخليج وإزالة الخلافات بينهم واجب لا أستطيع التخلي عنه». وأضاف خلال مؤتمر صحافي أمس أن أي «إرهاق وأي جهود، مهما كانت صعبة، تهون أمام إعادة اللحمة الخليجية».
على خط موازٍ، استقبل أمس وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو سفيري السعودية والإمارات لدى أنقرة، إلى جانب القائم بالأعمال البحريني كميل أحمد، وذلك للبحث في الشأن نفسه.
كذلك، وصل إلى جدة، غربي السعودية، أمس، رئيس وزراء باكستان محمد نواز شريف، في زيارة ليوم واحد، من أجل البحث في وساطة تخصّ «الوضع السائد بين دول الخليج».
في السياق نفسه، جرى لقاء بين رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين، أمس، مع وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية سلطان بن سعد المريخي، وذلك بعد يومين من زيارة مبعوث السعودية، المستشار الملكي أحمد بن عقيل الخطيب، لأديس أبابا، التي التقى خلالها ديسالين، وأيضاً قبل يوم واحد من زيارة مرتقبة لوزير الدولة لشؤون التعاون الدولي، ومسؤولة ملف أفريقيا في حكومة الإمارات، ريم إبراهيم الهاشمي، إلى العاصمة الإثيوبية.
وبعد يومين على بيان المغرب بشأن الأزمة الخليجية، أعلنت الرباط أنها قررت إرسال طائرات محمّلة بمواد غذائية إلى قطر، موضحة في بيان أمس أن ذلك يأتي «تماشياً مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وما يستوجبه، خاصة خلال شهر رمضان الكريم، من تكافل وتآزر وتضامن بين الشعوب الإسلامية». واستدرك البيان بـ«أن القرار لا علاقة له بالجوانب السياسية للأزمة القائمة بين قطر ودول شقيقة أخرى».
على صعيد آخر يتعلق بالحركة في مطار الدوحة، نقلت وكالة «الأناضول» التركية أن حركة المسافرين والطيران في مطار حمد الدولي في العاصمة الدوحة تسير على نحو طبيعي، رغم تقارير أخرى تحدثت عن انخفاض ملحوظ على صعيد الرحلات.
خيبة أمل من ترامب
وجّه الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، أكبر الباكر، انتقادات إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسبب موقفه من أزمة بلاده، وقال إن «الحصار» الجوي الخليجي على شركته «غير قانوني». وتابع في تصريحات تلفزيونية أمس، إننا «نتوقع من أصدقائنا (واشنطن) الوقوف إلى جانبنا في خضم هذا الحصار الظالم»، مضيفاً: «تصريحات ترامب… في غير محلها، ونحن نشعر بخيبة أمل». إلى ذلك، أصدرت «الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع» في السعودية، أمس، قراراً بإيقاف استيراد أجهزة استقبال قنوات «بي إن الرياضية» القطرية، وذلك بعد وقت قصير من إعلان وزارة الإعلام السعودية أنها حجبت الموقع الإلكتروني للمجموعة الرياضية القطرية، لكن الوزارة قالت إنه «حرصاً على حقوق المواطنين والمقيمين، فإن الاشتراكات الحالية لن تتأثر بهذا القرار إلى حين انتهائها».
(الأخبار اللبنانية)