نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا عن الأزمة اليمنية والاطماع التي تسعى إليها الامارات والسعودية في البلد الفقير, مشيراً إلى أن الأحداث الدرامية الأخيرة التي وقعت في جنوب اليمن حلقة مفرغة تدور فيها اليمن، فبعد عامين من الحرب التي قتلت ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، تعكس الأحداث اليوم صراعا بين هادي وحليفيه الإمارات والسعودية.
وأضاف الموقع البريطاني في تقرير ترجمته وطن أنه في أواخر أبريل الماضي، بعد توترات كبيرة مع الإماراتيين الذين يدعمونهم، أقال هادي اثنين من الانفصاليين الجنوبيين هما عيدروس الزبيدي، محافظ عدن، ووزير الحكومة هاني بن بريك، وردا على ذلك احتج عشرات الآلاف في عدن مطلع مايو الجاري، وانفجرت حركة الانفصاليين الجنوبيين فجأة لتفتتح آفاق الانفصال والاستقلال في منتصف الحرب.
وفي 11 مايو، أعلن الزبيدي أنه ومسؤولون آخرون يقومون بتشكيل هيئة مستقلة تعرف باسم المجلس السياسي الجنوبي لإدارة المقاطعات الجنوبية لليمن وتمثيل الجنوب محليا ودوليا.
وكان الجنوبيون يقومون بحملات من أجل الاستقلال منذ سنوات، وبعد توحد اليمن خلال التسعينات اتهم الجنوبيون الحكومة اليمنية الموحدة، ومقرها مدينة صنعاء الشمالية، بالفساد، والتزوير الانتخابي، والاستيلاء على أراضيهم الغنية بالنفط والغاز. وفي عام 2007 نظموا رسميا الحركة الجنوبية المعروفة باسم الحراك للانفصال.
ولكن إنشاء المجلس الجديد والاحتجاجات التي تلت ذلك من غير المرجح أن تجلب الانفصال الذي تصوره الكثير من الجنوبيين، فمحاولة الانفصال الآن مثل محاولة بناء منزل في إعصار.
فقدان ماء الوجه
إن تحرك الجنوبيين غير مهيأ بشكل خاص نظرا لمدى ضعف حركتهم، فبعد انتفاضة اليمن عام 2011، شنت حملة عنيفة ضد قادة الحراك، بما في ذلك عدة اغتيالات أدت إلى مزيد من تقويض الجناح السياسي للحركة، ويعيش زعماء الحراك الباقين الآن خارج البلاد، حيث يقيم العديد منهم في دول الخليج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة أو ينتمون إلى الإمارات.
ونظرا لصعوبة وضع هادي مع إعلان الزبيدي، من الواضح أيضا أن الحركة تتأثر بشدة اليوم بما يريده السعوديون والإماراتيون. وكما قال الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في وقت سابق من هذا الشهر، فإن الأحداث في عدن ليست سوى مسرحية، والقرار في يد الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
ولكن هل تريد دول الخليج هذا التأثير؟ ففي وقت سابق من هذا الشهر، أصدر مجلس التعاون الخليجي بيانا يعارض تشكيل المجلس السياسي الجنوبي في عدن لأن الانفصال هو بالضبط ما لا يريدونه.
أما بالنسبة للجنوب، فإن إنشاء دولة في دولة فاشلة لن يؤدِ إلا إلى خسارة دول الخليج، ولن يسمح مجلس التعاون الخليجي أبدا بذلك.
ومع تغير ديناميات الحرب، فإن الانفصال الجنوبي يعني فقط انشقاقا عن مبادرة مجلس التعاون الخليجي، وليس عن الدولة، لأنه من الناحية الفنية، لم يعد الشمال لديه حكومة عاملة، والجنوب لديه حكومة نائية تعمل خارج الرياض.
العامل الحاسم
ولأن الجميع يرون أن اليمن تتجه نحو دولة فاشلة، فاليمن تسيطر عليها دول مجلس التعاون الخليجي، لذلك إذا خطط الجنوب للانفصال، يجب أن تعيد التفكير في من هو في الواقع سيسيطر على سيادة اليمن اليوم..
حرب اليمن قد غيرت بشكل جذري قواعد اللعبة، لقد كان الجنوبيون يواجهون سيطرة فرضية من قبل الشمال، ولكن الآن تفرض السيطرة من قبل جيرانهم.
ويعتقد البعض أن المجتمع الدولي لا يدعم الحراك، لكن ذلك لا يعني أنه سيفشل، حيث في الواقع مصير الحراك يعتمد على موافقة أو عدم موافقة مجلس التعاون الخليجي، لا سيما وأن اليمن تعتبر الحديقة الخلفية لدول الخليج، وحال الانفصال سوف تكون دائما تحت سيطرتهم.
وأكد ناشطون جنوبيون بأن الانفصال سيتحقق، لا سيما بدعم البلدان المجاورة، وقال أحد الناشطين الانفصاليين: “على الرغم من كل العيوب، يعتبر تشكيل المجلس خطوة واحدة نحو الاتجاه الصحيح، ونحن نعمل على إقناع السعودية والإمارات بذلك، خصوصا أن دولة الإمارات كانت دائما أكثر تفهما لقضيتنا”.
قبل الحرب وحتى قبل انتفاضة 2011، كانت المظالم الجنوبية واضحة المعالم وفريدة من نوعها. واليوم فإن المظالم أوسع نطاقا بكثير وتوجد في سياق مختلف تماما فالبلد مزقته الحرب، وأصيب فيه وقتل عشرات الآلاف.
وبقدر ما يرغب الانفصاليون في إقامة دولة مستقلة في ظل الحرب المستمرة، فإن انشقاقهم في الواقع يرجع تماما إلى الدول الإقليمية المعنية الآن.