وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ما انتهت إليه عمليات التحليل الاستخباري الأولية للوثائق التي حصلت عليها الغارة العسكرية على مقر تنظيم القاعدة في تكلا باليمن في يناير/ كانون الثاني الماضي، من شأنه أن يغير خريطة التحالفات، ليس فقط باليمن وإنما في المنطقة.
وفي تقريرها الأخير بعنوان “الأدوات والمعلومات التي جرى تحريزها وكشفت تكتيكات القاعدة” قالت الصحيفة إن ما احتوته الكمبيوترات وأجهزة الهاتف النقال التي عادت بها قوة الكوماندوز، والتي جرى تفريغها بتقرير من ثلاث صفحات تتضمن مفاتيح جوهرية ستغير الكثير من المعطيات، تغييرا جوهريا يفاجئ الكثيرين في الولايات المتحدة وفي الخليج.
ومن ذلك، كما قالت، تفاصيل عن شبكة العلاقات السرية التي تربط “القاعدة” مع قوى محلية وخارجية ذات صلة مباشرة بما يجري في اليمن والجزيرة العربية.
تقرير نيويورك تايمز توسعت فيه شبكات التلفزة والمواقع الإخبارية الرئيسية بمعلومات تكررت فيها الإشارة الى أن الوثائق التي جرى تحليلها أظهرت بأن القاعدة ترتبط مع “الاخوان المسلمين” في اليمن وفي مقراتهم بالدوحة وتركيا على أساس أنها الجناح العسكري والأمني لهم في البلاد.
وبانتظار أن تصدر توضيحات من الأطراف العربية وغير العربية المعنيّة بهذه المعلومات التي تستدعي التمهل والتحفظ، فقد توسعت دائرة التحليلات السياسية هنا في واشنطن بتفسير النقلات التي حصلت خلال الأيام الماضية في مواقف واشنطن من جهة، والدوحة من جهة أخرى تجاه المجريات اليمنية.
ترامب وقطر
معظم المصادر هنا في واشنطن تتفق على أن إدارة الرئيس دونالد ترامب أخذت قرارها بتفويض وزير الدفاع وجنرالات البنتاغون للانتقال الى مرحلة جديدة في الحرب على الإرهاب باليمن، وهي حرب بالضرورة تتصل باللاعبين الإقليميين في المنطقة.
صحيفة واشنطن بوست وصفت الخطة العسكرية الجديدة التي طلبها ترامب من جنرالاته بأنها، بالضرورة وحسب المعطيات على الأرض، تستدعي التعجيل بالانتقال فورًا إلى محاربة الضخ المالي والإعلامي الذي يديم تأجيج دورة الإرهاب والعنف في المنطقة، حسب رئيس هيئة الاركان المشتركة جوزيف دانفورد.
وفي ذلك إشارة إلى القناعة التي عبر عنها ترامب مكررًا بأن إحدى الدول الخليجية (والتي كان جارحًا في تصوير صغر حجمها وبذخها في الانفاق) هي التي يتوجب الآن مواجهتها باللغة “الدبلوماسية” أو بأكثر من ذلك، إذا اقتضى الأمر، من أجل تجفيف المنابع الحقيقية للعنف والإرهاب في المنطقة.
سعي للنفوذ في اليمن
نقطة أخرى توسعت فيها الأوساط ذات الصلة بواشنطن وهي تبني على تقرير نيويورك تايمز، وهي دور قطر في عرقلة منجزات “عاصفة الحزم” التي تقودها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
ففي المعلومات المتداولة لدى هذه المصادر، أن الدوحة بدأت منذ منتصف العام الماضي، ببناء تحالف، لم يعد خفيًا، مع سياسيي جماعة “الإخوان” المحيطين بالرئيس هادي والمجاميع التي يحشدونها من حولهم، لتعطيل الاستقرار والبناء في عدن تحديدًا.
وتورد هذه المصادر تفاصيل غير متداولة عن نتائج زيارة نائب الرئيس اليمني على محسن الأحمر للدوحة، وما يروج له من دعاوى إعلامية بخصوص مطامع إماراتية في عدن أو الجزر اليمنية.
وفي تشخيص هذه المصادر لـ “الاستدارة المكشوفة”” التي حصلت في الموقف القطري الذي يصفه مركز سنشري للابحاث بأنه موقف موسوم منذ الاساس بالانتهازية، ترصد هذه المصادر حملة إعلامية استأنفتها الماكنة القطرية من خلال أذرعها الإعلامية المتعددة، مستفيضة في الحديث عن لقاء مزعوم للرئيس هادي خلال زيارته الأخيرة في أبوظبي مع ولي عهد الإمارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وهو اللقاء الذي لم يحصل أصلا، لكن الإعلام القطري اجترحه وبنى عليه تفاصيل تتوسع في حالة الفتور المعروفة بين الطرفين.
وتذهب هذه المصادر في واشنطن إلى القناعة بأن الدوحة، كما يبدو، أخذت قرارها بالانتقال في “الحرب الباردة” التي لم تتوقف عنها تجاه شركائها في مجلس التعاون، إلى حدود سبق وأن كشفت مردودها السلبي عليها، حسب مركز سنشري للدراسات، والذي يرى أن “كل ما تكبدته الدوحة في سوريا من أثمان مالية ومعنوية، تحاول الآن تعويضه في اليمن” من خلال تحالف مع سياسيي الاخوان المحيطين بهادي.
وتستذكر المصادر البحثية في واشنطن أن وزير الدفاع الأمريكي في مشاركته بالتقرير المشترك الذي رفعه للرئيس ترامب مساء الثلاثاء الماضي حول خطة هزيمة “القاعدة” وأخواتها، كان واضحًا تمامًا في تعويله على سلاح الدبلوماسية من أجل الضغط على قطر لفكفكة شبكات دعمهما السري لتنظيمات العنف في الشرق الأوسط.