“المستقبل ” ـ خاص
ينتظر ملايين السعوديين من الطبقة المتوسطة والأدنى عواصف اقتصادية بعد قرار السلطات السعودية البدء ببرنامج تقشف تسعى من خلاله غلى مواجهة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد السعودي والتي تفاقمت بصورة مريعة خلال العام الجاري 2015 نتيجة تصاعد فاتورة نفقات الحروب المباشرة التي تمولها الخزينة السعودية في اليمن وسوريا بما اداه من تصاعد كبير في معدل العجز وتراجع رصيد الاحتياطي النقدي وارتفاع نسبة التضخم.
وتشمل اجراءات الهيكلة رفع الدعم عن المشتقات النفطية والطاقة الكهربائية والمياه والشروع بتنفيذ انظمة ضريبية جديدة على السلع والخدمات تصل إلى حوالي 10 في المئةبما يتيح وفورات مالية تساعد في التقليل من فجوة العجز
وأعلنت السلطات السعودية على لسان ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عزمها اطلاق حزمة اصلاحات اقتصادية تقشفية تشمل “تخفيض دعم الطاقة والمياه للاغنياء من المواطنين، وفرض ضريبة القيمة المضافة على المنتوجات المضرة، مثل السجائر والمشروبات السكرية” .
وقال خبراء اقتصاديون أن الهدف من الخطوات المعلنة يشير إلى اضطرار الرياض تنفيذ حزمة اصلاحات هيكلية لاصلاح الخلل الاقتصادي المتفاقم نتيجة الإهدار الكبير للموارد المالية وتصاعد مستوى الانفاق إلى مستويات قياسية تفوق المعدلات الآمنة .
يضاف إلى ذلك تزامن هذا الاهدار الذي تصدرته اعباء النفقات السعودية على تحالف الحرب الذي تقوده منذ مطلع مارس / آيار / الماضي في اليمن والذي تزامن مع تصاعد أعباء تراجع اسعار النفط الى ما دون الخمسين دولارا للبرميل، وتحول الفائض في ميزانيات دول الخليج الذي استمر طوال السنوات العشر الماضية الى عجوزات تقدر بحوالي 180 مليار دولار سنويا، مرشحة للارتفاع قي ظل توقعات بتراجعات اكبر في اسعار النفط في السنوات الخمس المقبلة.
وتخسر الدول الخليجية مجتمعة حوالي 275 مليار دولار سنويا بسبب انخفاض اسعار النفط بأكثر من خمسين في المئة، وهو الانخفاض الذي جاء بسبب اتخاذ السعودية قبل حوالي عام ونصف اجراءات زادة من حصتها من النفط وقالت أنها تسعى من خلالها الحفاظ على حصة منظمة “اوبك” في الاسواق العالمية (32 مليون برميل) في حين يؤكد خبرا اقتصاديون أن قرار الرياض كان سياسيا واستهدف ممارسة ضغوط اقتصادية على اقتصاديات روسيا وايران.
ويتوقع أن يؤدي رفع الدعم عن المشتقات النفطية والمياه والكهرباء والخدمات الاساسية في السعودية إلى آثار سلبية سيتكبدها أفراد الطبقة الوسطى كونهم سيدفعون فاتورة هذه الإصلاحات من دخولهم الحقيقية كما يتوقع أن تخلف أثارا سلبية حادة على الشرائج الاجتماعية الأدنى في المجتمع السعودي والتي يعاني افرادها مشكلات اقتصادية ومعيشية متفاقمة يتصدرها ارتفاع معدل البطالة ناهيك بالمشكلات الاخرى الناتجة عن الخلل الهائل في معادلة توزيع الثروة.
ويقول الخبراء أن نفقات الحروب التي تديرها الرياض بصورة مباشرة (حربي اليمن وسوريا) والحروب التي تديرها بصورة غير مباشرة في دول عربية أخرى، تستهلك الجزء الأكبر من حجم الموارد السعودية كما القت بتبعات كبيرة تسبب في تراجع مستوى الاحتياطي النقدي الذي تمللكه السعودية. ويشير هؤلاء إلى أن صندوق النقد الدولي كان حذر مؤخرا من عواقب وخيمة قد تواجه الاقصادي السعودي والاقتصاديات الخليجية عموما واعتبر الخطوات التي باشرتها دول خليجية وفي مقدمها السعودية نحو التقشف وتقليص حجم الانفاق اجراءات غير كافية، واقترح تنويع مصادر الدخل في اطار استراتيجية جديدة لتخفيف الاعتماد على عوائد النفط.