“عندي جوع تاريخي للاحترام والشعور بالانسانية”.. تذكرت كلمات الكبير “محمد الماغوط” هذه وانا اشاهد باسى وحزن لا يوصف مشهدا تقشعر له الابدان للطفلة اليمنية “اشراق” وهي احدى طالبات مدرسة “الفلاح” في مديرية نهم اليمنية التي قصفت في احدى غارات ما يسمى “التحالف العربي “.
لن اناقش الموضوع من زاوية سياسية على الاطلاق (مللنا الحديث في هذا الشق)، لذلك استحضرت “المقولة” المذكورة وبدأت بها هذه الفقرة لانني “اخاطب” الضمير الانساني هنا و”اناى “بنفسي عن “المهاترات” و”الاتهامات المجانية” بين الاطراف المنغمسة في شرب الدم اليمني (ولا تشبع) ليل نهار.
من هذا المنطلق سعيت وبحثت وراء هذا “الخبر” وتنقلت بين وسائل الاعلام العربية “لعل وعسى” نجد احدا “يرتقي” فوق “التصنيفات المريبة” وينتصر “للانسان” داخله فلم اجد للاسف سوى قناتي “الحرة” و “بي بي سي” لكن وفق منظور عام وكانت عاجزة عن وضع النقط على الحروف .
طبعا على المحطات اليمنية المحلية مثل “المسيرة” وغيرها فالكل تحدث عن الطفلة وزملائها باستفاضة كبيرة، لكن اخذ هذا النموذج لوحده رغم انك لا تقصد سوى “لعن ” هذا الفعل الجبان في استهداف الاطفال سيضعك تحت “عنوان عريض” معروف.
عبر صفحتي الشخصية على الفايسبوك مثلا كتبت “باي ذنب قتلت الطفلة اليمنية اشراق؟”، واستغربت من رسائل الكثيرين التي تسألني عن ما الذي وقع بالضبط؟ ومن هي “اشراق” هذه؟
هنا هل ألومهم واتحدث عن “جهل ” فاضح ام اتوجه بسهام النقد للاعلام العربي الذي يرى “بعين واحدة ” فقط ؟ ماذا لو اصطفت القنوات التابعة و”الممولة” خليجيا على سبيل المثال و اهتزت “لنجدة” هذه الطفلة؟
هنا اكيد ستتغير المعايير وسيغير الجميع “صورهم الشخصية” تضامنا مع “شهيدة الامة العربية” التي سفك دمها دون وجه حق ,وكانت ستزاحم بالاحرى “نجوم اراب ايدل” و”ذو فويس″ من حيث الشعبية والشهرة.
لكن ان تكون الضحية يمنية وفي منطقة مثل “نهم” ويكون “الجلاد ” منسوبا “لانجازات ” العرب “الفاتحين” تحت ذلك المسمى المخزي “التحالف العربي”، فالامر “عادي” ولا يستدعي اية ضجة فوسائل الاعلام مرتبطة “بمهام جسام” على رأسها تحديد “المتوجين” في برامج “الام بي سي” الراعية الرسمية “للمواهب العربية ” التي تخدم “الصالح العام” وترعى هذه الامة التي تحيا في سلام ووئام ونعيم غير مسبوق و {الحمدلله}.
ما يحز في النفس ان الكثيرين “يستكثرون” علينا حتى “رثاء” الضحايا من الاطفال والابرياء عموما ,فالكتابة عن “اشراق” مثلا من “المستحيل” ان تكون نابعة من منطلق انساني “صافي”، ومن تهتز مشاعره مرتبط “باجندة” معينة وهدفه غير نبيل وبريء بالمرة.
كل هذا يلخص واقعا كارثيا يقتضي منا “وأد” كل تلك “المصطلحات” الفارغة لاننا بالفعل نعيش في غابة تتسيدها الوحوش من كل الجهات..
اضم صوتي لصوت الراحل “محمد الماغوط” واقول اننا بالفعل نعيش “جوعا تاريخيا” للاحترام والشعور بالانسانية في هذا الزمن المخزي ..
الرحمة لكل الاطفال الذين دفعوا ثمن صراعات الوحوش الضارية في هذا العصر.
عادل العوفي- كاتب مغربي