رصدت قائمة اعدها المدير التنفيذي لمجموعات الأزمات الدولية، جان ماري غينو، ونشرتها مجلة فورين بوليسي الأمريكية؛ بؤر التوتر الأكثر تقلبا حول العالم، والتي يتوقع أن تزداد صعوبة التنبؤ بمسارها هذا العام.
وجاءت هذه القائمة الجديرة بالتأمل كما يلي:
العام الأكثر خطورة
يدخل العالم الفصل الأكثر خطورة منذ عقود، في ظل تصاعُد الحرب خلال السنوات الأخيرة بما يفوق قدرتنا على التعامل مع العواقب.
وخلق الفشل الجماعي لحل الصراعات، من أزمة اللاجئين العالمية إلى انتشار الإرهاب، تهديداتٍ وحالات طوارئ جديدة.
حتى في المجتمعات السلمية، أسفرت سياسة الخوف عن استقطابٍ وغوغائية ذات آثار خطيرة.
وهم “مكافحة الإرهاب”
يتغير المشهد العام على وقع تفاقم المنافسات الإقليمية، كما هو واضح بشكل خاص في المنافسة بين إيران ودول الخليج على النفوذ في الشرق الأوسط.
نتج عن هذه المنافسة حروبًا بالوكالة تمخضت بدورها عن عواقب وخيمة، من سوريا مرورًا بالعراق وصولا إلى اليمن.
وبينما يزعم العديد من زعماء العالم أن السبيل للخروج من الانقسامات العميقة هو: التوحُّد حول هدف مشترك لمكافحة الإرهاب.
فإن هذا مجرد وهم؛ لأن الإرهاب مجرد تكتيك، ومحاربة التكتيك لا يمكنه تحديد الاستراتيجية.
ويستبعد أن ينعم الشرق الأوسط بالاستقرار نتيجة الاتحاد المؤقت بين الأنظمة الاستبدادية التي تتجاهل مطالب أغلبية الشعوب.
إدارة تعاونية لشؤون العالم
على مستوى القاعدة، لا تستطيع القوى الكبرى بمفردها احتواء الصراعات المحلية فضلا عن السيطرة عليها، لكن باستطاعتها التلاعب بها أو الانجرار إليها.
والسيناريو الأخير يعني أن الصراعات المحلية يمكن أن تكون الشرارة التي تشعل حرائق أكبر بكثير.
إن العولمة حقيقة واقعة، سواء راق لنا ذلك أم لا. ونحن جميعًا متصلون وإن تباعدنا.
ألم تقدح الحرب السورية زناد أزمة لاجئين، أسهمت في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (Brexit)، وهو ما تمخض بدوره عن عواقب سياسية واقتصادية عميقة، لن تتوقف عن الدوران؟
قد ترغب دول العالم في الانغلاق على الذات، لكن لا يوجد سلام ولا ازدهار دون مزيد من الإدارة التعاونية لشؤون العالم.
مستقبل سوريا والعراق
يرجح أن يحتفظ بشار الأسد بالسلطة لفترة، لكن قواته- حتى بمساعدة الدعم الأجنبي- لا يمكنها حسم الحرب، واستعادة كامل السيطرة.
يرجح أيضًا استمرار الحرب ضد تنظيم الدولة، ما يفرز حاجة ملحة لضمان عدم تأجيج مزيد من العنف وعدم الاستقرار.
سيكون تنظيم الدولة هو المستفيد الأول من تصاعد العنف بين الأتراك والأكراد، لذلك ينبغي على إدارة ترامب القادمة أن تمنح الأولوية لهذا الملف.
وحتى إذا مُنِيَ تنظيم الدولة بهزيمة عسكرية، فإنه قد يعاود الظهور، ما لم تُعالَج قضايا الحكم الأساسية.
في العراق، إذا أسيء التعامل مع النجاح الذي أحرزته الحملة العسكرية الحالية، المدعومة من الولايات المتحدة، في استعادة السيطرة الموصل، يمكن أن تتحول إلى فشل.
وكلما طال أمد التنافس بين تركيا وإيران على النفوذ، باستخدام وكلاء محليين، كلما استغلت المجموعات المختلفة الفرصة لاكتساب ميزة استراتيجية، من خلال السيطرة على الأرض، بما يعقد التوصل إلى تسوية سياسية.
تركيا.. تهديدات مركبة
تواجه تركيا تهديدات مركبة، من: تنظيم الدولة، وحزب العمال الكردستاني، والاستقطاب السياسي، والضغوط الاقتصادية، والتحالفات الضعيفة أو المتوترة؛ ما يعني أن أنقرة على موعد مع مزيد من الاضطرابات.
وبينما تسعى تركيا جاهدة لخفض مستوى تحالفاتها الغربية، والاتجاه لعقد ترتيبات مع روسيا وإيران، فإن المسار الذي تتبعه أنقرة وطهران لا يزال خطيرًا، خاصة في ظل الخلاف العميق حول المصالح الأساسية في العراق وسوريا.
اليمن.. حرب بالوكالة
خلقت الحرب في اليمن كارثة إنسانية أخرى، ودمرت البلد الذي كان بالفعل من أفقر بلدان العالم العربي.
مع أن ملايين الناس الآن على حافة المجاعة، فإن الحاجة إلى وقف شامل لإطلاق النار، والتوصل إلى تسوية سياسية، أصبح أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
على الرغم من أن الحوثيين لا يرتبطون ارتباطا وثيقا بإيران، إلا أنهم يخدمون مصالح طهران بما يكفي لوضع المملكة العربية السعودية في مأزقٍ.
وعلى الرغم من التحديات، قد يكون لا يزال من الممكن إقناع الطرفين بقبول خارطة طريق كأساس للتوصل الى تسوية من شأنها أن تنهي الطابع الإقليمي للحرب، وإعادتها إلى مسألة بين اليمنيين.
ويعتمد كثير من ذلك على حسابات المملكة ورغبة الرعاة الدوليين، خاصة أمريكا وبريطانيا، في تشجيع الرياض على تقديم الدعم الكامل للتسوية السياسية.. أما الفشل في استعادة المشهد إلى المسار الصحيح، فإنه ينطوي على مخاطر للجميع، حيث تزدهر الجماعات الجهادية العنيفة، بما في ذلك تنظيمي القاعدة والدولة، في حالة الفوضى اليمنية.
جنوب السودان.. إصلاحات ملحة وبصيص أمل
تحسَّن الوضع الأمني في جوبا خلال الأشهر الأخيرة، على الرغم من استمرار القتال والعنف العرقي في أماكن أخرى.
تتركز الجهود الدبلوماسية الدولية حاليًا على نشر قوة حماية إقليمية قوامها 4000 فرد، لكنها لن تفعل الكثير لوقف تفشي أعمال العنف الكبيرة، وستشتت الأنظار بعيدا عن المشاركة السياسية الأعمق اللازمة لتعزيز السلام.
تحتاج بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان إلى إصلاح عاجل، وهو ما تجلى بوضوح بعد فشلها في حماية المدنيين خلال نوبة العنف التي اجتاحت جوبا في يوليو الماضي.
بصيصٌ من الأمل في خضم المأساة التي تعاني منها البلاد، يمكن أن يتدفق عبر التقارب الجاري بين جنوب السودان وأوغندا والسودان، والذي ربما يساعد في يوم ما لضمان قدر أكبر من الاستقرار.
تشمل القائمة أيضًا: حوض بحيرة تشاد و جمهورية الكونغو الديمقراطية وأفغانستان وميانمار وأوكرانيا والمكسيك.