لم يكن الاعتراف السعودي باستخدام قنابل عنقودية محرمة دوليا في الغارات الوحشية التي يشنها تحالف العدوان السعودي الاماراتي على المدنيين في اليمن سوى تحصيل حاصل بالنسبة للحكومة البريطانية التي اكتفى مسؤوليها بهز رؤوسهم حيال الاقرار السعودي واعلان ناطق تحالف العدوان قراره عدم استخدام هذا النوع من القنابل التي قتلت وأصابة آلاف المدنيين وبنيهم اطفال ونساء ولا تزال تحصد أرواح الكثيرين نتيجة آثارها المستقبلية.
وبعد زهاء 21 شهرا من الغارات الهستيرية التي يشنها طيران تحالف العدوان السعودي على اليمن أعلن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية اليوم إنه سيوقف استخدام الذخائر العنقودية البريطانية الصنع في اليمن، مشيرا في بيان بثته وكالة الأنباء السعودية عن المتحدث باسم التحالف احمد عسيري أن القنابل العنقودية استخدمت فقط في ضرب “أهداف عسكرية شرعية”. وأضاف: “من الواضح أنه كان استخداما محدودا من قبل التحالف لقنابل عنقودية من طراز BL-755 بريطانية الصنع في اليمن.”
وزعم تحالف العدوان السعودي أن “استخدام هذه الذخائر تم ضد أهداف عسكرية شرعية للدفاع عن مدن وقرى سعودية تعرضت لهجمات مستمرة من ميليشيات الحوثيين، والتي أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين” متجاوزا التحقيقات التي تحدث عن اهداف مدنية قصفت بهذا ا لنوع من القنابل وفقا لتقارير المنظمات الحقوقية الدولية.
وجاء بيان تحالف العدوان السعودي الذي اعترف رسميا باستخدامه هذا النوع من القنابل المحرمة دوليا، بعد تصريحات لوزير الدفاع البريطاني، مايكل فالون، أكدت أن المملكة السعودية استخدمت قنابل عنقودية مصنعة في المملكة المتحدة في حربها التي شنتها في اليمن.
اعتراف وزير الدفاع البريطاني جاء وفق صحيفة «إندبندنت» البريطانية، أمام مجلس العموم البريطاني، بعد أن أشار تحليل الحكومة البريطانية إلى أن القنابل العنقودية التي استخدمتها قوات التحالف العربي في حربها ضد الحوثيين مصنعة في المملكة المتحدة ، ويرجع تاريخها إلى عام 1980.
وأضاف «فالون» أن التحالف العربي في حربه التي يشنها بقيادة السعودية على المسلحين في اليمن قد استخدم تلك القنابل العنقودية استخداما محدودا ضد أهداف عسكرية «مشروعة».
عمليات تسليح سرية ؛؛؛
ويأتي ذلك فيما كشفت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية أن لندن تبيع أسلحة للسعودية ودول أخرى سرا تحت نوع مبهم من رخص التصدير مشيرة إلى أن “العديد من الدول التي تشتري الأسلحة البريطانية وتستخدمها حكومات تمتلك سجلات مريبة في مجال حقوق الإنسان، وتعتبر غير مستوفية لمعايير حقوق الإنسان اللازمة لإتمام هذه الصادرات”.
الصحيفة البريطانية الواسعة الانتشار اوضحت في تقرير خاص أن القطاع العسكري يعتبر لاعبا رئيسيا في اقتصاد المملكة المتحدة حيث تبلغ قيمته حوالي 7.7 مليار يورو في العام.
وقالت إن حكومة بريطانيا تبيع الآن عددا متزايدا من الشحنات العسكرية تحت رخص مفتوحة للتصدير، مما شجع السعودية خلال عام 2015 على ارتكاب المزيد من الجرائم ضد المدنيين اليمنيين، على الرغم من انتقادات أعضاء البرلمان البريطاني.
وكشفت الإندبندنت أنه تحت ترخيص OIEL، يتم بيع العديد من الشحنات وتصديرها إلى وجهة واحدة بموجب ترخيص واحد لمدة تصل إلى خمس سنوات بعد التدقيق الأولي فقط، ومن المفترض أن تكون السلع أقل حساسية ولكن بعض المسؤولين أكدوا أنها غالبا ما تكون تسليحية. وعلاوة على ذلك، لا يحتاج ترخيص OIEL للإعلان عن قيمة السلع على الملأ، وهذا يعني أنه من الصعب تحديد حجمها، على الرغم من أن مقدارها يمكن أن يصل لعشرات الملايين.
فعلى سبيل المثال، وذلك باستخدام تراخيص OIEL فقط تم بيع 150 نوع مختلف من سلع الدفاع والجيش بما في ذلك التكنولوجيا وقطع غيار الطائرات المقاتلة إلى المملكة العربية السعودية، وفقا لما ذكرته الصحيفة رغم أن المملكة تم إدانتها على نطاق واسع لدورها في الصراع اليمني، حيث تم إلقاء اللوم على غاراتها الجوية حول أعداد كبيرة من القتلى المدنيين.
وأوضحت الصحيفة أن البضائع البريطانية الأخرى التي يتم تصديرها في جميع أنحاء العالم بموجب تراخيص OIEL تشمل بنادق وأسلحة للسيطرة على الحشد والاحتجاجات وطائرات هليكوبتر.
وقال أندرو سميث الذي يقود حملة ضد هذه التراخيص: إن التراخيص المفتوحة تؤدي إلى تفاقم انعدام الشفافية في تجارة الأسلحة، فأسلحة المملكة المتحدة تلعب دورا محوريا في تدمير اليمن، وهذا يعني أن حجم صادرات الأسلحة يمكن أن تكون أعلى حتى مما كنا نعتقد سابقا.
وأضاف سميث: صادرات الأسلحة ليست مجرد أرقام في جدول بيانات، فإنها يمكن أن يكون لها عواقب مميتة ورسالة دعم لبعض أكثر الأنظمة التعسفية في العالم، لافتا إلى أنه زادت الصادرات بموجب تراخيص OIEL في السنوات الأخيرة، فبينما لم تكن سوى 761 منحة في عام 2009، بلغت 1.866 في عام 2015 الماضي.
ومن المقرر أن يرتفع الرقم خلال عام 2016، حيث كان هناك 1100 ترخيص لـ OIEL في الأشهر الستة الأولى فقط من هذا العام.
وأكد نشطاء مكافحة تجارة الأسلحة أن هذا يعني أن المملكة المتحدة أكثر انخراطا في تجارة الأسلحة الدولية مما كان يعتقد في السابق وأن الصادرات تبعث برسالة دعم للأنظمة المستبدة.
انتقادات حقوقية؛؛؛
ووجهت منظمة هيومن رايتس ووتش، في وقت سابق اتهامات لتحالف العدوان السعودي باستخدام قنابل عنقودية ضد مدنيين في اليمن، في مخالفة للمعايير الدولية التي تمنع اللجوء اليها تحت أي ظرف.
وأكدت المنظمة الدولية في بيان اصدرته بتاريخ (15/02/2016)، “أن التحالف بقيادة السعودية يستخدم في اليمن الذخائر العنقودية الواردة من الولايات المتحدة والمحظورة دوليا، رغم أدلة على خسائر في صفوف المدنيين”.
وأضافت “تستخدم الذخائر العنقودية المصنوعة في الولايات المتحدة والواردة حديثا في مناطق مدنية رغم معايير التصدير الأمريكية، وأيضا على نحو يبدو أنه غير متوافق مع معايير الضمانات المطلوبة لتصدير الولايات المتحدة لهذه الذخائر”.
وقال مدير قسم الأسلحة وحقوق الإنسان في المنظمة ستيف غوس أن “السعودية وشركاءها في التحالف، فضلا عن أمريكا التي تورد إليهم الأسلحة، يضربون بعرض الحائط المعايير الدولية التي تقول بضرورة ألا تُستخدم الذخائر العنقودية في أي ظرف”، داعيا إلى “التحقيق في الأدلة على تضرر المدنيين في هذه الهجمات والكف عن استخدام هذه الذخائر فورا”.
وسبق للأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية أن اتهمت السعودية باستخدام هذه القنابل ضد أهداف مدنية في اليمن. إلا أن المتحدث باسم التحالف العميد الركن أحمد عسيري نفى في العاشر من يناير الماضي استخدام القنابل العنقودية ضد المدنيين، قبل أن يعود اليوم ويعترف أنه استخدمها ضد اهداف عسكرية.
احصاء غير رسمي بالقنابل السعودية المحرمة المستخدمة في غاراتها على اليمن منذ ابريل 2015