يحتفل الشعب اليمني بالعيد التاسع والأربعين ليوم الاستقلال الوطني المجيد الذي أشرقت شمسه على اليمن في 30 نوفمبر 1967م بخروج الاستعمار البريطاني البغيض وجلاء آخر جنوده من أرضنا الطاهرة ورفرف علم الاستقلال والحرية في سماء عدن وكل أرجاء الوطن احتفاءً بفضل الثورة المسلحة التي انطلقت من جبال ردفان الشماء بعد أن رفض الشيخ لبوزة أن يسلّم سلاحه لضابط الاستعمار البريطاني.
اليوم يجب على كل القوى السياسية والاجتماعية أن تعلن الحداد.. وتتوقف عن انتاج يمن ما قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر عام 1963م حيث نجد أن هناك محاولات محمومة لإعادة رسم خارطة يمن ما قبل الثورة والجمهورية والاستقلال بنفس الخريطة الشطرية وبنفس الأدوات مع إحداث تغيير في شكل النظامين اللذين يتشكلان من نفس القوى مع بقاء استقلال شكلي وجمهورية صورية، أما الوحدة اليمنية فرأسها المطلوب الأول بدليل ما يحدث على الأرض ولا يجب أن نثق ببيانات الأحزاب والدول الأشد تآمراً.
إن الاستقلال هو عيد أعياد الشعب اليمني لكننا أضعنا هذا الاستقلال الوطني الذي صنع فجره من دماء خيرة ابناء الشعب اليمني الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية واستقلال الوطن والشعب من دنس الغازي والمحتل والخلاص من الوصاية الأجنبية على قرارنا الوطني ورفض التدخل الخارجي بشئوننا الداخلية أو فرض قراراته على بلادنا وشعبنا.
عيد الاستقلال الوطني كسفت شمسه منذ أن عاد المستعمرون لاحتلال أرضنا وإذلال وقتل شعبنا..
إن طائرتهم وبوارجهم.. وبياداتهم تفعل فينا مالم يفعله القبطان هينس وعملاؤه طوال 128 عاماً من الاستعمار البريطاني لجنوبنا الغالي.
علينا أن ندرك بشاعة المخططات الدنيئة على حاضرنا ومستقبلنا وأن نعي تماماً أن الجمهورية اليمنية التي تحققت كأحد مكاسب يوم الاستقلال المجيد بدأت تتمزق وها هي نفس الحدود الشطرية التي رسمها المستعمر البريطاني والتركي لليمن في بداية القرن الماضي تكاد تخنق الشعب اليمني الواحد، وأن ثمة دولتين أو أكثر يجري إعادة تشكيلها، فيما نحن نتقاتل تحت نفس الشعارات القذرة التي أججها الأئمة والاستعمار لإضعاف الشعب اليمني وتمزيقه.
اليوم أصبح اليمن يغلي بدعوات الانفصال.. يحترق بالصراع المذهبي والمناطقي.. وأصبح القرار الذي يتحكم برقابنا وبمصير بلادنا وشعبنا، يصاغ في الكواليس خارجياً وداخلياً وبدون العودة للشعب أو حتى أخذ استشارة هذا الحزب أو ذاك وطنياً كان أو عميلاً.
لم تعد اليمن تمتلك قرارها الوطني المستقل.. حتى عملاء الاستعمار الجدد في الرياض أو أبوظبي لا يملكون من أمرهم شيئاً.
إن عيد الاستقلال الوطني الذي نتغنى به اليوم يأتي ونحن لم نحافظ عليه كما حافظ عليه ابناء الشعب اليمني وقيادته السياسية قبل 2011م.. فعَمَّ سنتحدث بهذا العيد والمناسبة الوطنية العظيمة، إذا كانت السعودية كمستعمر جديد أغلقت اليمن وحولته الى سجن كبير ومنعت الطيران المدني من نقل أكثر من 25 ألف يمني الى مطار صنعاء عالقين في مطارات العالم منذ أشهر!!.. وإذا كان الدواء والغذاء لا يأتي إلاّ بعد موافقتهم، ودخول صنعاء لا يتم إلاّ عبر مطار بيشة..
إن سفراء الدول الـ18 أصبحوا يمثلون اليوم المندوب السامي أو »بريمر« جديد يتحكمون بحاضر ومستقبل اليمن وبالتالي شكلوا حكومة أو لا تشكلوا.. اقبلوا بخارطة الطريق أو ارفضوها.. اذهبوا الى ظهران الجنوب أو الى الحسم العسكري.. كل ذلك لم يعد يعني شيئاً..
عليكم اليوم ألاَّ تسلموا أسلحتكم، لأن الوطن قد تم استباحته من قِبَل قوى الاستعمار الجديد.. نذكّركم أنه نفس الشرط الذي طلبه الضابط البريطاني من الشيخ راجح بن غالب لبوزة عندما عاد من صنعاء الى ردفان مع المجاميع المسلحة، يومها طلب منه أن يسلم أسلحته.. فرفض فكانت الحرب فأشعل ثورة 14 أكتوبر فجاء فجر الاستقلال.. الذي لم يأتِ على طبق من ذهب.. يومها كانت صنعاء عدته وعتاده وتحمي ظهره..
اليوم يطالبون صنعاء بأن تسلم سلاح الشعب اليمني بدون مقابل.. أو حتى نظير خروج المستعمر من وطننا المحتل.
المستعمرون الجدد يبنون دويلات ويؤسسون جيوشاً بهوية مناطقية وشطرية ويمزقون النسيج الوطني ضمن سياسة ممنهجة.. ووصلت أياديهم القذرة لتطال حتى طلاب اليمن في المدارس، فقد أعلنت صنعاء نتائج الثانوية العامة وفق معيار شطري بعد أن أعلنت في عدن نتائج الثانوية العامة وفق إطار جغرافي شطري.
إن على كل القوى الوطنية أن تجعل من عيد الاستقلال الوطني مناسبة ليس للاحتفالات الصورية، وإنما لإعادة تقييم مهامنا وأولوياتنا الوطنية وفقاً لمبادئ وأهداف الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر ومنجز 22 مايو 1990م.. كما أنه يجب على القوى الحريصة على استقلال ووحدة اليمن ألا تظل تستجدي هذا الحق المقدس من الخارج، وأن تدافع عن الاستقلال الوطني والوحدة بإعلان الحرب دون هوادة على دعاة الانفصال كجزء من معركتنا الوطنية ضد الاحتلال الخارجي، وألا تترك الساحة خالية لأصحاب المشاريع الصغيرة.
محمد أنعم