لا يمكن لأي عاقل أن يفصل بين الأزمة الاقتصادية القائمة، وبين الحصار والعدوان السعودي الأمريكي على بلادنا، ما يعني عدم جدوى التعاطي مع تداعيات أزمة المرتبات خارج هذا الاعتبار الأساسي.
وإذا كان من حق الناس أن يعبروا عن سخطهم وتذمرهم جراء تأخر صرف المرتبات، فلا ينبغي لهم تجاهل حقيقة أن العدوان يتحمل مسئولية الأوضاع الاقتصادية والإنسانية التي وصلنا إليها، وأنه ما يزال ينتظر الأسوأ حتى يتمكن من كسر شوكة الشعب اليمني، وتجريعه كأس الهزيمة والهوان..لا سمح الله.
غير أن العدوان لا يصح أن يكون مشجباً حتى يقال للشعب: اصبر واحتسب، فكيف يمكن للمرء أن يصبر إن لم يجد ما يسد رمقه؟، وهذا يعني أن أزمة السيولة بحاجة إلى معالجة سريعة، حتى وإن تطلب الأمر إعلان حالة طوارئ اقتصادية.
وإذا كان بعض التجار يستحوذون على مبالغ باهظة، ويرفضون إيداعها في البنوك-كما نسمع-، فذا يعني أنهم والعدوان سواء، وأنه لا مندوحة من التعاطي الحازم معهم رحمة بالشعب الصامد والمصابر.
فوق ذلك يتعين مراجعة إدارة الأزمة الاقتصادية، والبحث عن حلول ابتكارية تحد من أزمة السيولة النقدية، وتساعد على دفع مرتبات الموظفين أولاً بأول، مع دراسة الإجراءات التي تضع حدا للمضاربة بالعملة وتهريبها.
ولأننا نعيش حالة حرب وحصار، فإن مراجعة الازدواج الوظيفي، والأسماء الوهمية، وتنقية كشوفات الراتب، وغيرها، من العوامل المساعدة على تجاوز الأزمة القائمة، بل يمكن إعادة النظر في رواتب الموظفين الذين توقفوا عن العمل لأسباب غير قانونية، بمن في ذلك أفراد الجيش والأمن المتقاعسين عن أداء واجباتهم الوظيفية في الدفاع عن الوطن وكرامته واستقلاله.
وبالمجمل ينبغي دراسة كل الخيارات المتاحة والإسراع في تنفيذها، مهما بلغت صعوبتها أو تعقيداتها، فنحن والعدوان في سباق مع الزمن!
على أن ذلك كله يتطلب إرادة سياسية وعزيمة صادقة، في اتخاذ القرارات الشجاعة، والجذرية، بعيدا عن حسابات المصلحة لهذا الطرف أو ذاك. وهي فرصة للمجلس السياسي الأعلى لكي يثبت للداخل والخارج أنه في مستوى المسئولية، وبأن الشعب كان محقاً حين راهن على خطوة التوافق الوطني بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام.