انا في مقالي هذا لست ضد الديموقراطية او فكرة التعدد والاختلاف تحت سقف الوطنية إنما من باب فهم المسميات والتجارب لدى الشعوب واخضاعها للتحليل ومن ثم معرفة مدى امكانية اخضاع مجتمع بعينة على تلك التجارب والمسميات لأن استيراد المصطلحات دون مراعاة لخصوصية المجتمع ومدى وعية وقابليته للتطبيق من عدمه ينتج مشاكل مجتمعية ولو بعد حين.
دول العالم الثالث وبالخصوص دول ما سمي الربيع العربي تعيش أوضاعا غير مستقرة ومتباينة ما بين حروب داخلية و أزمات اقتصادية هي نتاج حراك شعبي عفوي خرج بإسم الديموقراطية دون وعي بمفاهيمها او استيعاب لتبعات هذا السلوك الذي كفلته له دساتير أنظمته الحاكمة التي خرج لإسقاطها.
الغرب يستخدم سلاح الديموقراطية كسلاح ذو حدين الأول يذل به الحكام الفاسدين لابتزازهم سياسياً وفق مصالحه-اي الغرب- القومية و الاخر لتفتيت المجتمعات المتخلفة بذريعة الديموقراطية والتعددية الحزبية ولهذا نجد رضوخ الحكام العرب وتكون النتيجة وجود احزاب سياسية قد يصل عددها اكثر من 150 حزبا سياسيا في الدولة ولكل حزب ايديولوجيتة الحزبية ناهيك أن تلك الاحزاب موجودة في مجتمعات تفتقر الى أبسط مفاهيم الديموقرطية والتنوع والاختلاف.
المتأمل للحكومات الغربية المتتابعة يجد أن هناك حزبان متنافسان يتدوالان الحكم بين الحين والآخر وفق طبيعة المرحلة للسياسة الخارجية ضمن استراتيجية مراكز صنع القرار في تلك الدولة أو تلك بينما في دول المنطقة سنجد عشرات الأحزاب التي لا تنظر للوطنية إلا من زاويتها ومنظورها الحزبي وكل حزب يمارس مساوئ الديموقراطية ضد خصومة للوصول إلى كرسي الحكم متجاهلاً أن سقف الديموقراطية هو سقف المصالح الوطنية للشعب.
اننا بإختصار شعوب غير مؤهلة لاستيعاب التجارب الديموقراطية لأننا لا ندرك عواقب الديموقراطية اللاواعية في مجتمعاتنا أولاً كما أننا نجهل كيفية الحد من سليياتها بطرق ديموقراطية ثانياً.
الغرب استطاع أن يروض الديموقراطية لصالح شركات رؤس الأموال وشركات صنع السلاح بسلاسة وبطرائق عبقرية ضمن من خلالها الاستقرار والرخاء لشعوبه من ناحية كما أوهم بها شعوبه وشعوب العالم الثالث أيضا من ناحية أخرى بتأثير ما يمتلكه من آلات إعلامية جبارة تزين النموذج الغربي للديموقراطية بطرائق متعددة، اما نحن كدول في العالم الثالث لا نتقن إلا استهلاك المنتجات المعلبة دون وعي سواء كانت منتجات سلعية او مصطلحات سياسية.
* مهندس وباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسيه