لفتت دراسة اقتصادية حديثة إلى الصمود المذهل للاقتصاد اليمني امام آلة العدوان السعودي الاماراتي والحصار البحري والجوي والبري لكنها أكدت أن أن فاتورة الخسائر كانت فادحة حيث بلغت من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي فقط، حوالي 10 مليارات دولار خلال العام الماضي 2015، مشيرة إلى أن العدوان السعودي الاماراتي والحصار تسبب في حدوث انكماش حاد في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة بلغت 34.6% خلال العام الماضي.
وكشفت الدراسة التي حصل عليها “اقتصاد المستقبل” ان الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بلغ نحو 6.4 مليار دولار عام 2015م، بينما كانت التقديرات تتوقع انه سوف يصل إلى 16.3 مليار دولار في نفس العام، لو لم تحدث الحرب والحصار، وبالتالي فإن الخسارة تقدر بحوالي 10 مليار دولار، وتعادل 77.5% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للعام 2010 م.
وعزت ذلك بدرجة رئيسة إلى الحرب العدوانية لتحالف العدوان السعودي والحصار الاقتصادي على اليمن، وما نجم عنه من تدمير كلي وجزئي للبنى التحتية والمنشآت العامة والخاصة، وتعليق دعم المانحين والبرامج الاستثمارية، وتعثر الأنشطة الاقتصادية. إضافة إلى حدوث أزمات غير مسبوقة في الغذاء والمياه والوقود والكهرباء..
وأكدت الدراسة، انه بالرغم من الانكماش الاقتصادي الحاد والخسائر الجسيمة، فإن الاقتصاد اليمني قد تمكّن من الاستمرار واستطاع التماسك ومواجهة الآثار الكارثية للحرب والحصار الجائر، ولم يحدث الانهيار الاقتصادي الذي سعت إليه دول العدوان.
والتدهور الاقتصادي الذي تشهده اليمن مع استمرار العدوان البربري على اليمن وارتفاع وتيرة القصف الجوي والحصار الاقتصادي؛ ما هو الا نتيجة حتمية في ظل الدمار البالغ والواسع الذي طال الإنسان والممتلكات العامة والخاصة، وفقا لما ذكرته الدراسة التي أعدها الباحث الاقتصادي نبيل الطيري، حول ” تداعيات الحرب والحصار وآثارهما على الاقتصاد اليمني”.
ولفتت إلى أن أهم أدوات الحرب الاقتصادية التي تسببت بعوامل بالغة التأثير على اليمن أدت إلى تدهور متوسط دخل الفرد السنوي من الناتج الإجمالي الحقيقي، حيث انخفض نصيب الفرد من (532) دولار أمريكي عام 2010م ليصل إلى (239) دولار عام 2015م، وبنسبة تراجع بلغت 55.1%.. مؤكدة انه لو لم يكن هناك عدوان وحصار على اليمن، فإن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سوف يتزايد ليصل إلى (566) دولار عام 2015م.
كما أدت الحرب والحصار الاقتصادي الجائر إلى ارتفاع معدلات الفقر، وانعدام مصادر الدخل، وتوقف تدفق المواد الغذائية إلى الأسواق، وتفاقم وضع الأمن الغذائي بصورة غير مسبوقة؛ حيث وصل عدد اليمنيين الذين هم بحاجة للتدخلات في المجال الإنساني عام 2015م إلى حوالي 21.2 مليون شخص؛ أي ما يمثل 87% من عدد السكان، وهي نسبة عالية جدا تنذر بإمكانية حدوث كارثة إنسانية قد يصعب معالجتها، بحسب الدراسة.
واعتبرت الدراسة، ان هذه النسبة تشير إلى الآثار الجسيمة للحرب والحصار، ومخالفتها للقوانين الدولية لتطال أدواتها حياة المدنيين، وممتلكاتهم، ومنشآت الأعمال، والمزارع، وغيرها من مقومات الحياة، وتوفير سبل العيش، خاصة مع فرض حصار شامل على جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية والذي زاد من حدة الوضع وشكّل عائقاً أمام تدفق الواردات بجميع أنواعها من غذاء ،ودواء، ومشتقات نفطية.
وأوضحت ان الحرب التي يشنها العدوان على الاقتصاد اليمني وتداعياتها تركت أثراً سلبياً مزدوجاً على الحياة المعيشية للسكان متمثلاً في فقدان الوظائف؛ ومن ثم الدخول في دائرة الفقر والفقراء، وفي نفس الوقت انخفاض القوة الشرائية للسكان بسبب تصاعد الأسعار المحلية للسلع والخدمات.. وبينت ان الأسر الأشد فقراً اصبحت تختار آليات المواجهة السلبية للتأقلم مع الحرب، مثل تخفيض عدد الوجبات، شراء الأغذية الأرخص، تخفيض الاستهلاك. الأمر الذي يقود لزيادة حدة الفقر بين الأسر الفقيرة، وكذلك انزلاق مزيد من الأسر تحت خط الفقر الوطني.