اكد الباحث في الشؤون السياسية ادريس الشرجبي في تحليلية للبيان الصادر عن الفريق المشترك لتقييم الحوادث بشأن جريمة استهداف القاعة الكبرى بمدينة صنعاء والصادر من الرياض امس أن البيان جاء لغرض اقفال ملف الجريمة وتبرأة النظام السعودي منها وحصر مسؤوليتها بالتعويضات، بعد القائه باللائمة على اطراف يمنيين، مشيرا إلى أن البيان سعى كذلك ابعاد واشنطن عن المسؤولية القانونية للجريمة باعتبارها الداعم الرئيسي لتحالف العدوان السعودي في حربه على اليمن.
هنا نص القراءة …
اولاً : اجراءات ومسار التحقيق كما جاء بالبيان يقول”قام الفريق المشترك لتقييم الحوادث بالتحقق من الحادثة مباشرةً بعد وقوعها، وبناءً على طلب الفريق قدمت قيادة قوات التحالف كافة المعلومات المطلوبة عن الحادثة، وبعد اطلاع الفريق على جميع الوثائق بما في ذلك إجراءات وقواعد الاشتباك، وتقييم الأدلة بما في ذلك إفادات المعنيين وذوي العلاقة في الحادثة”
اشار البيان ان عملية التحقيق اعتمدت اولاً على البيانات المقدمة من قيادات قوات التحالف ثم تقييم الأدلة بما في ذلك إفادات المعنين وذوي العلاقة بالحادث .
وهنا تثار العديد من التساؤلات منها:
* لماذا لم يفصح البيان عن من هم هؤلاء المعنين الذين تم تقييم إفادتهم ؟
* لماذا لم يلتفت الفريق المحقق الى محاولات الإنكار والتي اطلقت بعد الحادثة مباشرة وبتصريحات لمسؤولين في حكومة هادي وعلى قناة العربية والجزيرة ؟
* لماذا سارع تنظيم “داعش ” الإرهابي الى تبني مسؤولية الحادثة وإعلانه عن التفجير من خلال المنغمس “الصنعاني” ؟! الم يكن ذلك للتستر عن السعودية ! وهنا نتذكر العديد من العمليات الإرهابية التي تبنتها القاعدة في فترة رئاسة هادي ، منها حادثة العرضي والتي كان معظم عناصر تنفيذها سعودين ، وحادثة ميدان السبعين وحادثة ذبح الجنود في الغيضة.
ثانياً: نص البيان انه ” توصل الفريق إلى أن جهة تابعة لرئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية قدمت معلومات إلى مركز توجيه العمليات الجوية في الجمهورية اليمنية – تبين لاحقاً أنها مغلوطة – عن وجود قيادات حوثية مسلحة في موقع محدد في مدينة صنعاء، وبإصرار منها على استهداف الموقع بشكل فوري باعتباره هدفاً عسكرياً مشروعاً، قام مركز توجيه العمليات الجوية في الجمهورية اليمنية بالسماح بتنفيذ عملية الاستهداف بدون الحصول على توجيه من الجهة المعنية في قيادة قوات التحالف لدعم الشرعية، ومن دون إتباع الإجراءات الاحترازية المعتمدة من قيادة قوات التحالف للتأكد من عدم وجود الموقع ضمن المواقع المدنية محظورة الاستهداف. ووجه مركز توجيه العمليات الجوية في الجمهورية اليمنية إحدى الطائرات الموجودة في المنطقة لتنفيذ المهمة مما أسفر عن وقوع وفيات وإصابات للمتواجدين في الموقع”.
ان النتيجة التي تم التوصل اليها حسب البيان وان كان في مجملها أقرت بارتكاب الجريمة ، إلا ان الصياغة هدفت الى تحقيق الأتي :
1- ابعاد الخبراء الأمريكان من المشهد كلياً، وكأن ليس لهم أية مشاركة بالمسؤولية لا من قريب ولا من بعيد ، على الرغم من ان مشاركة ومسؤولية الأمريكين في التحالف هامة وكبيرة وحسب تصريحات سابقة لمسؤولين أمريكيين تحدثت بان خبراهم يساعدوا التحالف في تحديد الإحداثيات وتقديم المعلومات الاستخباراتية وتمويل طائرات التحالف بالوقود بالجو ، واذا ما أخذنا قدرات أمريكا الاستخباراتية عبر اقمارها الصناعية فهذا يعني ان الخبراء الامريكين مشاركين بتحديد دقة الاهداف ووصول الطائرة الى ضرب الهدف ، ومع ذلك استبعد البيان الدور الأمريكي بالكامل.
2- ثم حاول البيان ايضا، ان يبعد قيادة تحالف العدوان عن المسؤولية المباشرة في ارتكاب الجريمة وحملها بدلاً عنها على ما اطلق عليه “مركز توجيه العمليات الجوية في الجمهورية اليمنية” ، وكأن هذا المركز هو القيادة الفعلية لقوات التحالف وله كل الصلاحيات مع انه لم يسمع العالم بهذا المسمى مُنذ بداية العدوان، ومع ذلك فقد نسب البيان لهذا المركز “المختلق” القيام بكل الاعمال وكأنه لا وجود لقيادة للتحالف وتجاوز الجهة المعنية بالتحالف وعلى النحو التالي :
* تلقى معلومات من جهة تتبع رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية معلومات “عن وجود قيادات حوثية مسلحة في موقع محدد في مدينة صنعاء” واشار البيان انه تبين فيما بعد ان تلك المعلومات مغلوطة، إلا انه لم يحدد متى بالضبط عرف قيادة التحالف بانها مغلوطة قبل التحقيق أو بعدها.
* وان المركز قد خضع لإصرار تلك الجهة “وبإصرار منها على استهداف الموقع بشكل فوري باعتباره هدفاً عسكرياً مشروعاً”
* ثم قام هذا المركز “المختلق” بالسماح بتنفيذ عملية الاستهداف بدون الحصول على توجيه من الجهة المعنية في قيادة قوات التحالف لدعم الشرعية، ومن دون إتباع الإجراءات الاحترازية المعتمدة من قيادة قوات التحالف للتأكد من عدم وجود الموقع ضمن المواقع المدنية محظورة الاستهداف.
* ووجه هذا المركز ” المختلق” إحدى الطائرات الموجودة في المنطقة لتنفيذ المهمة مما أسفر عن وقوع وفيات وإصابات للمتواجدين في
3- وفي نهاية المطاف أغفل البيان كل الأعمال الاجرامية التي ارتكبها العدوان عن سابق اصرار وترصد في كل المجازر التي ارتكبها على مدى 18 شهر وان هذه الجريمة جاءت في اطار سلسلة من الجرائم الوحشية وخلص البيان الى إرجاع ارتكاب جريمة قصف القاعة الكبرى الى سببين هما:
* المعلومات المغلوطة
* وعدم الالتزام بالتعليمات وقواعد الاشتباك المعتمدة، فقد تم استهداف الموقع بشكل خاطئ مما نتج عنه خسائر في أرواح المدنيين وإصابات بينهم،
4- وقد توصل الفريق إلى أنه يجب اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق الأشخاص الذين تسببوا في الحادثة، والعمل على تقديم التعويض المناسب لذوي الضحايا والمتضررين. وضرورة قيام قوات التحالف فوراً بمراجعة تطبيق قواعد الاشتباك المعتمدة بما يضمن الالتزام بها.
وهنا نلاحظ ان توصيات الفريق وكأنها جاءت لتغلق الملف بالرياض ، وحدد المطلوب بالقيام بدفع أموال للتعويض ومحاسبة الاشخاص المتسببين بالحادث ومراجعة قواعد الاشتباك وهو ما يعني الاستمرار في العدوان واعطاء التحالف فرص جديدة لا تكتب مجازر اجرامية اخرى.
5- وفي خاتمة البيان نلاحظ بان الفريق يؤكد بان ملف الجريمة قد أغلق في الرياض ولم يتبقى الا البحث عن اثارة الفتنة في صنعاء وان الفريق حسب البيان “لا يزال الفريق يجمع ويحلل التقارير والمعلومات التي تشير إلى قيام أطراف أخرى في موقع الحادثة باستغلال ما جرى من استهداف خاطئ للموقع لرفع عدد الضحايا، ويؤكد الفريق بأنه سيستمر بالتحقق من ملابسات الحادثة بالتنسيق مع الأجهزة المعنية في الحكومة الشرعية اليمنية والدول المعنية والإعلان عن أي نتائج يتم التوصل لها حال انتهائها.
هكذا ارتكبت مملكة الارهاب السعودي المجزرة البشعة في القاعة الكبرى وهكذا صاغ فريق التحقيق بيانه ليميع الجريمة ، ويمنع تشكيل أية لجنة دولية محايدة للتحقيق ، فهم وان اعترفوا بالجريمة إلا أنهم لم يكشفوا عن كل المجرمين المشاركين بالجريمة بل وتستروا عن قادة الإجرام والارهاب.