بصراحة لا يهمني اليوم أن تعترف السعودية بمسئوليتها عن ارتكاب مجزرة الصالة الكبرى بقدر مايهمني ان يقتنع أصحابنا الشاكرون لها هنا بأن النظام السعودي لم و لن يكون أبداً صدِّيقاً نبيا !! لأنني بصراحة أستغرب و أتعجب لنوعية العقول التي يحملها البعض منهم و التي لازالت تصر على تبرئة ساحة السعودية من هذه الجريمة و إلصاقها بالحوثي و عفاش رغم إعلان السعودية الصريح و الواضح اليوم إعترافها بإرتكاب هذه المجزرة !!
لقد جاء هذا الإعتراف بعد أقل من أربعٍ و عشرين ساعة من برقية تعزيةٍ بعثها هادي لأسر و أهالي ضحايا الصالة الكبرى محاولاً إيهامهم و الإيعاز إليهم بأن من يقف وراء إستهداف الصالة أنما هما الحوثي و عفاش كما يُستَشف من مضمون هذه البرقية و مبرّئاً في الوقت نفسه أولياء نعمته الحرام من إرتكابها، فهل رأى العالم كله إستغباءً و إستخفافاً بالعقول أعظم من هذا ؟!!
هارد لك يا عبدربه .. هارد لك !! لقد إعترف السعوديون حتى قبل أن تصل رسالتك إلى من أردت إيصالها إليهم، بل و حملّوك أنت و رئاسة أركان جيشك المسئولية الكاملة عنها في محاولةٍ للتنصّل الخجول عن الجريمة، فهل فهمت الرسالة و إستوعبت الدرس ؟!!
ما علينا !! لنرجع إلى موضوع الإعتراف السعودي بالجريمة .
في الواقع لقد جاء هذا الإعتراف بعد أن وجدت السعودية نفسها وحيدةً في مواجهة الدلائل و القرائن الثابتة التي تدينها جميعها خاصةً بعد الإتصال الذي جرى بين وزير الخارجية الأمريكي (كيري) و وزير الدفاع السعودي (محمد بن سلمان) و الذي إستطاع كيري فيه إنتزاع إعتراف بن سلمان بعد تطويقه بالأدلة الدامغة بحسب قناتي mtv و الحرة الأمريكية .
في الواقع لقد كان يعتقد السعوديون أن صيداً ثميناً كان يتواجد في القاعة (يُعتقَد أنه الرئيس صالح) بالإضافة إلى تواجد العديد من القيادات السياسية و الأمنية و العسكرية، و لذلك فقد قرروا قصف القاعة بوحشية شديدة بعد ان وضعت لنفسها إستراتيجية معينة تتبعها في مرحلة ما بعد الضربة و ذلك لإمتصاص ردة الفعل الدولية الغاضبة .
تجلت هذه الإستراتيجية بوضوح مباشرةً بعد تنفيذ العملية و ذلك من خلال الإنكار و إستنكار العملية أولاً و من ثم إلصاقها بخصميهما الحوثي و صالح و المطالبة أيضاً بلجنة تحقيق دولية كنوعٍ من محاولة ذر الرماد في العيون و الظهور بمظهر البرئ الذي يتبرأ من مثل هكذا عمل و في نفس الوقت إطلاق العنان للطابور الخامس بإختلاق الإشاعات و بثها في أوساط الناس و ذلك للفت الأنظار عن المجرم الحقيقي إلى إحتمالاتٍ و تأويلاتٍ شتى .
إلا ان الحظ لم يحالف السعوديين كثيراً لإخفاء معالم و أثار الجريمة كسابقاتها من المجازر في مناطقٍ نائةٍ كثيرةٍ حيث ما لبثت سريعاً أمام الأدلة و البراهين التي تدينها أن أنهارت سريعاً و أعترفت اليوم بجرمها المشهود و الذي لم يسبق له مثيلاً في تاريخ الجزيرة العربية منذ حادثة أصحاب الأخدود .
من هنا أقول أنه واهمٌ من يظن أن السعودية ستنجو من جريمتها هذه و التي ستكون مدخلاً لفتح ملفات كل الجرائم الأخرى حتى و إن ساقت إعترافها هذا على ظهور أدواتها و أزلامها الذين ظنوا بها في لحظةٍ من اللحظات أنها المخلص و المنقذ لهم و الذي لا يمكن لها أن تفكر لحظةً واحدةً بتقديمهم كبش فداء لجرائمها بحق شعبهم و وطنهم، و إن غداً لناظره قريبُ…