- ممثلو احزاب اللقاء المشترك في لجنة الحوار رفضوا التوقيع على اتفاق الحل السياسي بعد فرار هادي إلى عدن والعدوان السعودي قضى على آخر فرص الحل السياسي
- ضغوط قطر والسعودية ادت إلى اقالة الأمم المتحدة المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر بمزاعم أنه احد يتحمل مسؤولية توقيع اتفاق السلم والشراكة
- اعلن المبعوث الأممي جمال بن عمر في 24 ابريل 2015 أن الأطراف اليمنية كانت على وشك التوقيع على اتفاق للحل السياسي لكن عملية “عاصفة الحزم” اجهضت التوقيع عليه
- افلحت الضغوط السعودية المدعومة من اميركا وبريطانيا في اعتماد مجلس الأمن القرار 2216 بعدما رضخت الأمم المتحدة لضغوط البترودولار بشكل مخز
في الحلقة الثانية من الدراسة القيمة التي اعدها القيادي في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري رئيس تكتل “ناصريون ضد العدوان” يقدم الباحث ادريس الشرجبي، رصدا تحليليا للتداعيات التي اعقبت فرار هادي إلى عدن وشروعه بتشكيل ما عرف بـ “لجان المقاومة” وخوضه صراعا عسكريا في محافظتي عدن ولحج بمشاركة مسلحي التنظيمات الإرهابية، وما تلاها من تداعيات في محافظة تعز بما رافقها من مخاوف الفتنة الطائفية وتعميق الانقسام بين الشمال والجنوب.
ويعرج الباحث على محتوى آخر إحاطة قدمها المبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمل بن عمر وجهوده في الحل السياسي للأزمة والتي يقول الباحث أن السعودية اجهضتها تماما بعد شنها العمليات العسكرية ضد اليمن وهي النتيجة التي اكدها تاليا المبعوث الأممي باتهامه التدخل العسكري السعودي في اجهاض اتفاق للحل السياسي ناهيك بدور ممثلي احزاب اللقاء المشترك في تعطيل التوقيع على الاتفاق.
ويسلط الباحث الضوء على حال التخبط الذي ابداه النظام السعودي في بداية عدوانه على اليمن ببحثه عن ذرائع لعدوانه والتي بدأت بذائع اعادة الحكومة الشرعية وانتهت بـ “الاستجابة لطلب ما سماه “الرئيس الشرعي” عبد ربه منصور هادي الذي كشف تاليا بطلان هذه الذريعة بتصريحه أنه لم يكن يعلم بالعمليات العسكرية لعاصفة الحزم إلا بعد هروبه إلى عمان”، قبل ان يعود ويطالب تحالف العدوان السعودي بالتدخل في القمة العربية.
هنا الحلقة الثانية من الدراسة ؛؛؛
اندلاع الحرب الداخلية للدفاع عن شرعية هادي:
منذ وصول هادي إلى عدن، أعلنها عاصمة مؤقتة لليمن؛ وشرع في توسيع ما سمي بـ” اللجان الشعبية الموالية له” سعيا الى أحكام سيطرته على عدن؛ كما اتّهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح وانصار الله بتدبير انقلاب ضده من جانبهم، ولم يتم الاعتراف بهادي كقائد شرعي ومن ثم بدأت المواجهات على النحو التالي:
- في بداية شهر مارس، اتخذ هادي قراراً باستبدال قائد القوات الخاصة في عدن، بمزاعم أنه يدين بالولاء للرئيس السابق صالح ولجماعة انصار الله، وانه يُنظر إليه باعتباره شخصية مثيرة للجدل.
لكن قائد القوات الخاصة “السقاف” رفض التخلي عن منصبه، ما أفضى إلى عدة جولات من القتال بين قواته والوحدات العسكرية من جهة و”المقاومة الجنوبية” الموالية لهادي من جهة ثانية.
- 19 مارس، اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات الخاصة وما سمي” لجان المقاومة” الموالية لهادي في مطار عدن وفي محيطه.
وفي تداعيات دراماتيكية، حلقت طائرات القوات الجوية المنطلقة من صنعاء في سماء عدن وألقت قذائفها على مجمع القصر الرئاسي في معاشيق بعدن.
- 20 مارس، وفي اطار تأجيج الفتنة الطائفية واعلان التنظيمات الارهابية انخراطها في المواجهات ضد ما اطلق عليه” المجوس والروافض” باستجابة واضحة للخطاب العدواني الخارجي للسعودية ودول مجلس الخليج عدا عمان ، وقيام الارهابيين بتفجير أنفسهم في مسجدين في صنعاء، ما أودى بحياة ما يزيد على 140 شخصاً وجرح أكثر من 350 آخرين.
- 21 مارس قامت ما تسمى لجان المقاومة الموالية لهادي بالاستيلاء على منطقة عسكرية رئيسية في لحج في الجنوب ما أدى إلى تهجير القوات ورداً على ذلك، قامت اللجنة الثورية العليا بإصدار نداء للتعبئة العامة في الوحدات العسكرية استعداداً للمواجهات.
- في يومي 21 و 22 مارس، تزايدت أعداد مسلحي ما سمي ” المقاومة ” مدعومة بوحدات من الجيش اليمني في تعز، وعمد حزب الإصلاح الى اخراج اتباعه للتظاهر امام معسكر الأمن المركزي والنجدة بذريعة وصول تعزيزات من الحوثيين. وعلى غرار ما حدث في تعز، تم تسيير تظاهرات مناهضة لانصار الله في صنعاء ومدن أخرى.
- تحركت اللجان الشعبية مدعومة بعناصر من القوات المسلحة اليمنية، باتجاه لحج وعدن؛ وكان ثمة احساس لدى اليمنيين بأن الوضع يتجه سريعاً نحو مزيد من التدهور. كما استحوذ القلق على كثيرين من مخاطر اتخاذ الصراع صبغة طائفية مثيرة للقلق وتعميقه للانقسام بين الشمال والجنوب.
- انتشرت مخاوف من استغلال تنظيم “القاعدة” لحالة عدم الاستقرار لإثارة مزيد من الفوضى. وفي أعقاب التفجيرات الانتحارية والقتال، احتدمت العواطف بشكل كبير.
جهود المندوب الاممي قبل عاصفة الحزم:
في 22 مارس قدم المبعوث الأممي جمال بن عمر اخر احاطة الى مجلس الأمن جاء فيها التالي:
لقد انخرطت مع كل الأطراف داعياً إلى ضبط النفس وعدم تصعيد المواقف؛ وقد تساءل البعض عن جدوى بقائنا في صنعاء واستمرار المفاوضات التي تيسرها الأمم المتحدة في ظل التطورات الأخيرة. وهذا يقودني إلى تكرار سؤالي: ما هو البديل الذي لدينا؟
واهمُ من يعتبر أن الحوثيين قادرون على شن هجوم والنجاح في السيطرة على كامل البلاد بما في ذلك مأرب وتعز والجنوب. وبالمثل، سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الرئيس هادي قادر على حشد قوات كافية لتحرير البلاد من الحوثيين.
إن أي طرف يحاول دفع البلاد بأي من الاتجاهين إنما سيدفع باتجاه صراع طويل الأمد على شاكلة ما يجري في العراق وليبيا وسوريا مجتمعة.
هناك متطرفون في صفوف عدد من الأطراف يريدون لهذه المفاوضات أن تفشل، وقد حاولوا بالفعل تقويضها. ائذنوا لي أن أكرر بأن الحوار السلمي هو الخيار الوحيد الذي بين أيدينا، ويتعين عليّ حماية سلامة العملية التفاوضية باعتباري الوسيط.
يجب أن يكون لديّ المجال للانخراط في الحوار مع جميع الأطراف، بمن فيهم الأطراف المسؤولة عن تعطيل العملية السياسية بقوة السلاح؛ وحتى اليوم، تمكنّا من لعب دور بنّاء لأن الأمم المتحدة تتواصل مع كل الأطراف على أساس من الحياد وإيماناً بأنه من مصلحة اليمن العليا أن تفعل ذلك.
من الممكن التوصل إلى اتفاق أخير لتقاسم السلطة من أجل استكمال العملية الانتقالية فقط إذا شاركت جميع الأطراف، بما فيها الحوثيين، في العملية السياسية وكذلك الرئيس هادي، وكلا الطرفين الآن بات حاسماً من أجل الحل.
تواصل الأمم المتحدة انخراطها مع كافة الأطراف بطريقة لا تضفي الشرعية على من استخدموا القوة لتعطيل العملية السياسية كما لا تنتقص من شرعية الرئيس هادي والحكومة ولا تضر بحياد الأمم المتحدة.
لقد استكملت للتو زيارة للرياض هي الثانية في الأيام العشرة الماضية. وأجريت كذلك مشاورات مع حكومة قطر بصفتها رئيس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، وكذا مع الأمين العام للمجلس.
إنني على ثقة من أن مجلس الأمن ومجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة سيستمرون في العمل بشكل وثيق من أجل مساعدة اليمنيين على إعادة العملية السياسية إلى مسارها. وختاماً، أدعو كل الأطراف في هذا الوقت الذي تتصاعد فيه بؤر التوتر والخطابات التحريضية إلى تقدير خطورة الموقف والتهدئة عبر ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والكف عن الأعمال العدائية والامتناع عن الاستفزاز وعن استخدام العنف لتحقيق مآرب سياسية. الحوار السلمي هو السبيل الوحيد للمضي قدماً.
الا ان كل هذه الجهود للممثل الاممي تم افشالها من قبل السعودية , ففي وقت متأخر من مساء الاربعاء وقبل ساعات من بداية الضربات الجوية والتي بدأت الساعة 02:03 من فجر يوم الخميس 26 مارس.
كان مملثو القوى السياسية اليمنية ينتظرون وصول ممثلي احزاب اللقاء المشترك للتوقيع على الاتفاق النهائي، وعندما حضر كل من محمد قحطان وأبو إصبع والعتواني وطلب منهم في تلك الليلة التوقيع على الاتفاق الذي توافقوا عليه، ردوا بانهم لن يوقعوا فقد تغيرات الامور وانهم مع شرعية هادي والتحالف العربي بقيادة السعودية ومن ثم افشلت عاصفة الحزم توقيع الاتفاق النهائي الذي كان قاب قوسين من التوقيع عليه حسب وصف الممثل الاممي جمال بن عمر.
الحرب السعودية الامريكية على اليمن:
في الساعة الثانية من فجر يوم الخميس بتوقيت السعودية الموافق 26 مارس 2015 بدأت السعودية بشن عدد من الضربات الجوية لقصف المطارات والموانئ اليمنية. وتم قصف مدنين، وبعد عدت ساعات عقد بالعاصمة الأمريكية مؤتمر صحفي للسفير السعودي لدى واشنطن أعلن فيه إن السعودية وحلفائها بدول الخليج العربية شنوا عملية عسكرية تشمل ضربات جوية في اليمن ضد المقاتلين الحوثيين الذين شددوا قبضتهم على مدينة عدن الجنوبية التي لجأ إليها الرئيس اليمني” أضاف الجبير للصحفيين إن “تحالفا من عشر دول يشارك في الحملة العسكرية في محاولة “لحماية الحكومة الشرعية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والدفاع عنها” .
ورفض اعطاء اي معلومات عن مكان هادي وقال للصحفيين “إن السعودية تشاورت مع الولايات المتحدة لكن واشنطن لا تشارك في العملية العسكرية” واضاف “العملية العسكرية في اليمن تشارك فيها 10 دول بينها دول الخليج العربي”.
وقال السفير السعودي ان الرئيس اليمني واعضاء في حكومته ما زالوا يديرون شؤون الحكومة من عدن، وإن العملية العسكرية لا تقتصر على مدينة أو منطقة بعينها في اليمن.
وعلى الرغم من محاولة الجبير نفي مشاركة أمريكا بالحرب ، الا انه لم يفلح في التغطية على أمريكا لان لها دور رئيسي ومحوري بالحرب على اليمن وهي من دفعت بالجبير لعقد المؤتمر الصحفي ، ولم تعلن السعودية عن انطلاق عملية القصف الجوي الا في اليوم التالي 27 مارس. وقد صرح مسؤول امريكي لرويترز بان السعودية نسقت مع الولايات المتحدة قبل العملية العسكرية في اليمن وان الولايات المتحدة تقدم الدعم للسعودية في العملية العسكرية باليمن.
وسواء كانت الحرب بقرار سعودي أو امريكي فان مشاركة امريكا بالحرب واضحة.
الملفت ايضا ان اعلان التحالف جرى من دون علم أكثر الدول الاعضاء، وكان في بدايته تحالف اسلامي وعندما لم توافق باكستان على المشاركة تحول الحديث الى مسمى تحالف عربي وظلوا ينتظروا موافقة مصر التي جاءت متأخرة وانكشف الأمر بان التحالف كان مهزلة مفروضة من السعودية وبريالاتها.
شُنت الحرب العدوانية على اليمن بدون اي مصوغ قانوني وبدون اية مبررات مقبولة، ولأن السعودية كانت تدرك ذلك سعت الى التغطية على عدوانها في فترة لاحقة، وان الحرب جاءت تلبية لطلب هادي الفاقد للشرعية اصلاً، والذي صرح يعدها أنه لم يكن يعلم بالعملية الا عند ما سمع بها وهو في طريق هروبه الى سلطنة عُمان.
أنفقت السعودية اموالا طائلة في سبيل محاولتها التغطية على عدوانها وشراء الذمم للأفراد والجماعات والدول والمنظمات للوقوف معها بحجة ان حربها هي للدفاع عن شرعية الرئيس هادي وفي سبيل تحقيق وتكريس هذه الشرعية المفقودة اصلاً عملت على التالي:
1- التحرك في اطار الجامعة العربية ودعوتها لعقد قمة شرم الشيخ 28 – 29 مارس لتؤيد العدوان على اليمن، وان القمة جاءت استجابة لدعوة هادي بطلب عاصفة الحزم، مع ان الضربات الجوية كانت قد بدأت قبل يومين من طلب هادي.
2- التحرك في اطار الامم المتحدة حيث تمكنت السعودية وحليفتيها أمريكا وبريطانيا من ممارسة ضغوط على الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لإصدار قرار دولي حسب رغبتها، وبالفعل اقر المجلس مشروع القرار العربي بشأن اليمن تحت في 14 ابريل 2015 والذي حمل الرقم 2216 تحت الفصل السابع وصوت لصالح القرار 14 من أعضاء المجلس الـ15 ، فيما امتنعت روسيا عن التصويت.
بنود القرار:
طالب القرار الحوثيين بالقيام بعدد من الخطوات بصورة عاجلة دون قيد أو شرط، والكف عن اللجوء للعنف.
سحب قواتهم من جميع المناطق التي سيطروا عليها في وقت سابق، بما في ذلك العاصمة صنعاء.
الكف عن أعمال تعتبر من الصلاحيات الحصرية للحكومة اليمنية الشرعية.
الامتناع عن أية استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، بما في ذلك الاستيلاء على صواريخ أرض-أرض ومخازن أسلحة تقع في مناطق محاذية للحدود أو داخل أراضي دولة مجاورة.
الإفراج عن وزير الدفاع اليمني اللواء محمود الصبيحي وجميع السجناء السياسيين والأشخاص الموجودين تحت الإقامة الجبرية والموقوفين تعسفيا.
الكف عن تجنيد الأطفال وتسريح جميع الأطفال في صفوف قوات الحوثيين.
وكانت الامانة العامة للأمم المتحدة قد رضخت لسيطرة البترودولار بشكل مخزي عندما ارتهنت للضغوط السعودية والقطرية لتتدخل في اختيار وعزال الموظفين الأمميين باختراق فاضح لمبادئ المنظمة، حيث تم اقالة المبعوث الاممي جمال بن عمر في 19 ابريل 2015 بضغوط سعودية وقطرية فَقَد نقلت الصحف الأمريكية تصريحات وصفتها بالصادمة للمبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بن عمر حيق قالت “إن المبعوث الأممي “المستقيل” لشؤون اليمن جمال بن عمر، صرّح للصحافيين، في 19 نيسان/ابريل بحقائق صادمة لمعسكر “عاصفة الحزم، “قائلاً إن الصراع الدائر في اليمن هو نتيجة مباشرة لمساعي إقصاء الحوثيين من المسار السياسي. واضاف بعبارات لا لبس فيها بأنه وخلال خدمته في منصبه كمبعوث دولي لليمن، امتدت لنحو ثلاث سنوات، لم يلمس أي دليل على تورط إيران في شؤون اليمن. كما وصف الرئيس الهارب عبد ربه منصور هادي بأنه “وسيط غير نزيه وعديم الضمير”.
تصريحات المبعوث الأممي جمال بن عمر جاءت مغايرة لمزاعم واشنطن والرياض حول تنامي النفوذ الإيراني في اليمن والمنطقة، مما يعد احد اسباب “اقالته” عقب ضغوط قطرية وسعودية على الأمين العام للأمم المتحدة، وتحميله مسؤولية التوصل “لاتفاق السلم والشراكة”.
في 24 ابريل 2015 أعلن المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر أن الأطراف اليمنية كانت قاب قوسين أو أدنى من إبرام اتفاق سياسي، نتيجة حوار دام أكثر من شهرين عشية إطلاق “عاصفة الحزم”. لكن استمرار القتال على الأرض وإطلاق عملية “عاصفة الحزم” جعلا من غير الممكن مواصلة الحوار، وقال بن عمر إنه تم التوصل إلى توافق أساسي على العناصر الجوهرية لاتفاق لتقاسم السلطة قبل تصاعد الصراع في الشهر الماضي عندما بدأ تحالف تقوده السعودية شن الضربات الجوية.
يتبع… الاثنين القادم الحلقة الثالثة والأخيرة