2025/04/23 1:08:50 صباحًا
الرئيسية >> ميكروسكوب >> تقرير خطير لـ”نيويورك تايمز” عن تأثيرات النفوذ السعودي والوهابية في نشر الإرهاب ..  مشعلو نار التطرف (1-2)

تقرير خطير لـ”نيويورك تايمز” عن تأثيرات النفوذ السعودي والوهابية في نشر الإرهاب ..  مشعلو نار التطرف (1-2)

نشرت صحيفة نيويورك تايمز” الاثنين الماضي ملفا متكاملا حول الدور السعودي في صناعة التطرف والإرهاب، عرضت فيه مواقف اكثر مراكز الابحاث والخبراء والمحللين  وكذلك مواقف مرشحي الرئاسة الأميركية تجاه النظام السعودي الذين وصفا السعوديين بأنهم ” أكبر ممولين للإرهاب في العالم”.

وسلط التقرير الضوء على الفكرة الشائعة على مستوى العالم والتي تؤكد أن ما تصدره  السعودية من نهج الإسلام المتشدد والمتعصب والأبوي والأصولي المعروف باسم الوهابية أدى إلى تغذية التطرف العالمي وساهم في زيادة الإرهاب، فضلا عما وصفه التقرير بأنه اجماع  عالمي واسع على أن القوة الأيديولوجية الهائلة للسعودية شوّهت التقاليد الإسلامية في عشرات البلدان، نتيجة الانفاق الباذخ لنصف قرن بعشرات المليارات

وتناول التقرير الوهابية السعودية والتي قال أنها الاسلام الذي يدرس في السعودية، وتدرسه كذلك في الخارج ويشير إلى أن أتباع الوهابية، والتي هي عبارة عن نموذج حرفي ومحافظ ومتشدد من الإسلام السني، غالبًا ما يشوهون سمعة المذاهب الإسلامية الأخرى، فضلًا عن سمعة المسيحية واليهودية”.

“المستقبل” يعيد نشر التقرير لأهميته ؛؛؛ هنا الحلقة الأولى .

من المتعارف عليه أن نقاط التوافق ما بين المرشحين للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون ودونالد ترامب ليست بالكثيرة، ولكن قد تشكل المملكة العربية السعودية استثناءً للقاعدة إذ استنكرت كلينتون دعم المملكة “للمدارس والمساجد المتطرفة حول العالم التي وضعت الكثير من الشباب على طريق التطرف”. أما ترامب، فقد اعتبر أن السعوديين هم “أكبر ممولين للإرهاب في العالم”.

يُذكر أن فرح بانديت، أول دبلوماسية أمريكية مبعوثة إلى المجتمعات الإسلامية، زارت 80 بلدًا، واستنتجت أن التأثير السعودي يدمر التقاليد الإسلامية السمحاء. فقد كتبت في العام الماضي “إن لم يتوقف السعوديون عما يقومون به، فسوف ينتج عن ذلك عواقب دبلوماسية وثقافية واقتصادية”.

ولا يكاد يمر أسبوع من دون أن يلقي ناقد تلفزيوني أو كاتب صحفي اللوم على المملكة العربية السعودية للعنف الجهادي. فعلى شبكة “إتش بي أو” على سبيل المثال، اعتبر بيل مار أن التعاليم السعودية “تعود إلى القرون الوسطى”. أما في صحيفة “واشنطن بوست”، فقد كتب فريد زكريا أن السعوديين قد “خلقوا وحشًا في العالم الإسلامي”.

لقد أصبحت الفكرة شائعة: إن ما تصدره المملكة العربية السعودية من نهج الإسلام المتشدد والمتعصب والأبوي والأصولي المعروف باسم الوهابية أدى إلى تغذية التطرف العالمي وساهم في زيادة الإرهاب. يطلق تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) دعواته القائمة على تهديد الغرب بالعنف، ويوجه أو يلهم الهجمات الإرهابية في بلد تلو الآخر، ما أدى مجددًا إلى ظهور جدل قديم حول النفوذ السعودي على الإسلام متخذًا أهمية جديدة.

فهل بات العالم الآن مكانًا أكثر انقسامًا وخطرًا وعنفًا بسبب التأثير التراكمي لخمسة عقود من الدعوة التي تمولها عائدات النفط من القلب التاريخي للعالم الإسلامي؟ أم أن المملكة العربية السعودية، والتي غالبًا ما دعمت الحكام المستبدين القريبين من الغرب في وجه الإسلاميين، هي مجرد كبش فداء للتطرف والإرهاب نتيجة العديد من الأسباب المعقدة، ومن بينها تصرفات الولايات المتحدة بحد ذاتها؟

تثير هذه الأسئلة الكثير من الجدل، وذلك جزئيًا بسبب الدوافع المتناقضة للدولة السعودية.

في عالم الإسلام المتطرف، يُعتبر السعوديون “مشعلي النار ومخمديها في الوقت عينه” وفق وجهة نظر وليام ماك كانتس، باحث معهد بروكينغز. وأضاف أنهم “يروجون صورة مشوهة جدًا للإسلام ترسم خطوطًا حادة بين عدد قليل من المؤمنين الحقيقيين وبين كل الآخرين، من مسلمين وغير مسلمين”، من خلال التغذية الأيديولوجية للجهاديين الذين يمشون على خطى الجهاد العنيف.

بيد أنه أكمل قائلًا إنهم في الوقت نفسه “شركاؤنا في مكافحة الإرهاب”. ولا بد من الإشارة إلى أن ماك كانتس هو واحد من بين حوالى40 أكاديميًا ومسؤولًا حكوميًا وخبيرًا في الإسلام من عدة بلدان جرت مقابلتهم في إطار هذا المقال.

ما هي الوهابية؟

غالبًا ما يطلق على الإسلام الذي يدرّس في المملكة العربية السعودية ومن قبلها في الخارج اسم الوهابية، في إشارة إلى رجل الدين الذي أسس الوهابية في القرن الثامن عشر. يُذكر أن أتباع الوهابية، والتي هي عبارة عن نموذج حرفي ومحافظ ومتشدد من الإسلام السني، غالبًا ما يشوهون سمعة المذاهب الإسلامية الأخرى، فضلًا عن سمعة المسيحية واليهودية.

الأهداف المتضاربة

يسعى القادة السعوديون إلى إقامة علاقات جيدة مع الغرب ويعتبرون العنف الجهادي بمثابة خطر قد يهدد حكمهم، لاسيما في هذا الوقت الذي يقوم فيه تنظيم “الدولة الإسلامية” بشن هجماته داخل المملكة، فقد نفذ 25 هجومًا في الفترة الماضية الممتدة على 8 شهرًا، وفق الأرقام التي قدمتها الحكومة. بيد أن الدافع وراء تصرفاتهم يكمن أيضًا في عداوتهم لإيران، واستمدادهم للشرعية من المرجعيات الدينية القائمة على مجموعة رجعية من المعتقدات. ويمكن لتلك الأهداف المتضاربة أن تجعل الأحداث تتبلور بشكل مختلف ومحير أيضا.

من جهته، قال توماس هيغهامر، خبير نرويجي في الإرهاب عمل مستشارًا لدى الحكومة الأمريكية، إن أشد أثر نتج عن الدعوة السعودية للإسلام هو إبطاء تطوره، ومنع التأقلم الطبيعي في عالم متنوع تسوده العولمة. وأضاف “لو كان القرن العشرون ليشهد إصلاحًا إسلاميًا، فإن السعوديين حالوا على الأرجح دون ذلك من خلال نشرهم مبدأ الحَرفية”.

الجدير بالذكر في هذا السياق أن ما فعله السعوديون كان مذهلًا، إذ وصلوا تقريبًا إلى كل بلد يضم سكانًا مسلمين، من مسجد غوتنبرغ الكبير في السويد، إلى مسجد الملك فيصل في تشاد، ومن مسجد الملك فهد في لوس أنجلس، إلى مسجد سيول المركزي في كوريا الجنوبية. وقد جاء الدعم المقدم لهذه المساجد من الحكومة السعودية والعائلة المالكة والجمعيات الخيرية السعودية، والمنظمات التي ترعاها المملكة بما في ذلك “رابطة العالم الإسلامي” و”الندوة العالمية للشباب الإسلامي” و”هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية”، من خلال توفير الصروح المهيبة وبرامج الوعظ والتدريس.

هناك إجماع واسع على أن القوة الأيديولوجية الهائلة للمملكة العربية السعودية قد شوّهت التقاليد الإسلامية المحلية في عشرات البلدان، وذلك نتيجة الانفاق الباذخ على التوسع الديني على مدى نصف قرن، بما يقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

كانت النتيجة أكبر أيضا بسبب العمالة الوافدة، التي تأتي نسبة كبيرة منها من جنوب آسيا. يقضي هؤلاء الوافدون سنوات عديدة في المملكة ثم يعودون إلى بلادهم بعد ذلك محمّلين بالعادات السعودية. حث الوعظ الوهابي في العديد من البلدان على إصدار أحكام دينية قاسية، مما أدى إلى دعم الكثيرين في بلدان مثل مصر والباكستان وبلدان أخرى لعقوبة الرجم في حال ارتكاب الزنا والقتل في حال الردة كما أظهرت نتائج استطلاعات الرأي في تلك البلدان.

حدود النفوذ

ولكن يبدو أن كيفية تبلور نفوذ المملكة بالضبط يعتمد إلى حد كبير على المعطيات المحلية.

على سبيل المثال، حوّلت التعاليم السعودية، في أجزاء من أفريقيا وجنوب شرق آسيا، الثقافة الدينية باتجاه محافظ بشكل ملحوظ، وهذا الاتجاه أكثر وضوحًا في ارتفاع عدد النساء المحجبات أو الرجال الذين يطلقون لحاهم. ويبدو أن التأثير السعودي في صفوف مجتمعات المهاجرين المسلمين في أوروبا لا يشكل سوى عاملًا واحدًا، وليس الأكثر أهمية، من بين عوامل عدّة تدفع إلى التطرف. في البلدان ذات التنوع أو التقسيم الديني مثل باكستان ونيجيريا، أدى تدفق أموال المملكة والأيديولوجية التي تروج لها إلى تفاقم الانقسامات الدينية، ويتّضح بشكل مستمر أنها فتّاكة.

وبالنسبة إلى أقلية صغيرة في العديد من البلدان، فإن نسخة الإسلام السني السعودية الإقصائية، وتشويهها لصورة اليهود والمسيحيين وكذلك المسلمين من الشيعة والصوفيين ومتبعي المذاهب الأخرى، قد جعلت بعض الناس عرضة لإغراء “تنظيم القاعدة” و”الدولة الإسلامية” وغيرها من الجماعات الجهادية العنيفة.

“بعد أن يتعرّض الفرد إلى كم هائل من الأفكار والأقوال تقلل من قيمة الآخر كإنسان، سيمسي في النهاية عرضةً للتجنيد من المجموعات الإرهابية، وكيف إذًا عندما تُعرض هذه الأفكار والأقوال عليه وكأنها كلام الله ؟” تلك وجهة نظر ديفيد أندرو وينبرغ، زميل أكبر في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن التي تتّبع التأثير السعودي.

قد يتجلى الدليل الأول في المملكة العربية السعودية نفسها، التي لم تلد فقط أسامة بن لادن، بل 15 من أصل 19 مهاجمًا من الذين شنوا هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر.

وأرسلت المملكة عددًا من الانتحاريين إلى العراق بعد غزو العام 2003 يفوق أي بلد آخر ، كما زودت “داعش” بمقاتلين أجانب يبلغ عددهم 2500 مقاتل، وتكون بالتالي ثاني دولة بعد تونس من حيث هذا العدد.

من جهته، قال محمد غورمز، رئيس الشؤون الدينية التركية في تركيا، إنه بينما كان يجتمع برجال دين سعوديين في الرياض في كانون الثاني/ يناير، كانت السلطات السعودية قد أعدمت 47 شخصًا في يوم واحد بتهم تتعلق بالإرهاب، 45 منهم مواطنين سعوديين. فأتى رد السيد غورمز وفق ما أوضح في مقابلة صحفية، “قلت: “هؤلاء الأشخاص درسوا الإسلام لمدة 10 أو 15 عامًا في بلدكم. فهل من مشكلة في النظام التعليمي؟”” واعتبر أن تعاليم الوهابية كانت تقوض التعددية والتسامح والانفتاح على العلم والتعليم وهي الصفات التي ميّزت الإسلام لمدة طويلة. وأضاف: “للأسف”، التغييرات تمت “في جميع أنحاء العالم الإسلامي تقريبًا”.

اعتمد تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف لمدارسه الكتب المدرسية السعودية الرسمية، وسط حرج كبير للسلطات السعودية، وذلك إلى حين تمكن من نشر الكتب الخاصة به في العام 2015. ومن بين 12 عملًا من أعمال علماء مسلمين أعاد التنظيم نشرها، سبعة أعمال لمحمد بن عبد الوهاب، مؤسس المدرسة الإسلامية الوهابية السعودية في القرن الثامن عشر، وذلك وفق جايكوب أوليدورت، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

كما أن الإمام السابق للمسجد الحرام في مكة المكرمة، الشيخ عادل الكلباني، أعلن أسفه في مقابلة تلفزيونية أجراها في كانون الثاني/ يناير من أن قادة “داعش” “استمدوا أفكارهم من كتبنا الخاصة، ومبادئنا الخاصة”.

إن التفاصيل الصغيرة المرتبطة بالممارسات السعودية قد تسبب مشاكل أكبر من المألوف. فلعقدين من الزمن على الأقل، وزّعت المملكة ترجمة إنجليزية للقرآن تشير في السورة الأولى بين قوسين إلى اليهود والمسيحيين في مخاطبة الله: “غير المغضوب عليهم (مثل اليهود) ولا الضالين (مثل المسيحيين)”.

في هذا الإطار، قال سيد حسين نصر، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة جورج واشنطن، ورئيس تحرير ترجمة جديدة من القرآن الكريم مسمّاة بـ”القرآن الكريم للدراسة”، وهي عبارة عن نسخة باللغة الإنجليزية مرفقة بتفسير للآيات، إن هذه الإضافة عبارة عن “بدعة كاملة، لا أساس لها في التقاليد الإسلامية”.

بناءً عليه، فإن العديد من المسؤولين الأمريكيين الذين عملوا على مكافحة التطرف والإرهاب كونوا وجهة نظر سلبية حول التأثير السعودي، حتى ولو عزفوا غالبًا، نظرًا لحساسية العلاقة، على مناقشته الأمر علنًا. إن اعتماد الولايات المتحدة على التعاون السعودي لمكافحة الإرهاب في السنوات الأخيرة، مثل المعلومات السعودية التي أحبطت مؤامرة تنظيم “القاعدة” في العام 2010 لتفجير طائرتي شحن أمريكيتين، غالبًا ما تكون أهم من المخاوف بشأن التأثير السعودي المتطرف. أضف إلى ذلك أن التمويل السعودي السخي للأساتذة ومراكز البحوث في الجامعات الأمريكية، بما في ذلك أهم مؤسسات النخبة، ردع النقد وأحبط الأبحاث حول آثار الدعوة الوهابية، وفقًا للسيد ماك كانتس، الذي يعمل على تأليف كتاب حول التأثير السعودي على الإسلام في العالم، وغيره من العلماء.

………………. يتبع

غدا الحلقة الثانية.

اخبار 24

شاهد أيضاً

عبدالملك يأمر بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة للكشف عمن قام بافشاء هذا السر الخطير

المستقبل – خاص كشفت مصادر حكومية مطلعة، أن رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، أمر بتشكيل ...