2024/11/02 12:31:04 مساءً
الرئيسية >> أحدث الأخبار >> الرهانات الخمسة الخاسرة للسعودية

الرهانات الخمسة الخاسرة للسعودية

لم يعد في جعبة السعوديين ما يمكن أن يراهنوا عليه فيما يخص قضية الحسم العسكري للوضع في اليمن، فقد سقطت جميع الأوراق التي ظلوا يراهنون عليها، و إنما تأتي رغبتهم في مواصلة هذه العاصفة فقط من باب محاولة إنعاشٍ لإحدى تلك الأوراق المحروقة لعلهم بها يحققون مالم يستطيعوا تحقيقه من قبل، فهل يستطيعون فعلاً فعل ذلك، أم أن الأمر قد خرج عن نطاق أحلامهم و أمانيهم الصبيانية ؟!!

في الحقيقة من ينظر إلى الطريقة و الإتجاهات التي سارت عليها العاصفة منذ ما يقارب العام و النصف يدرك جيداً حجم العشوائية و التخبط الذي لازمها لحظةً بلحظة و الذي يعكس إنعدام الرؤية الواضحة و الإستراتيجية السليمة لدى أصحابها من أول وهلة بالرغم من الإعداد المسبق لها بحوالي الثمانية أشهر كما صرح بذلك عادل الجبير نفسه الأمر الذي جعلها تبدو كما لو كانت نتاج لعملية إرتجالية قائمة على مبدأ الفعل و رد الفعل ليس أكثر .

لقد كانت الورقة الأولى التي راهنوا عليها لحسم الموقف تتمثل في الضربة الجوية المباغتة الأولى التي تكون قادرة على شل حركة القوات اليمنية و فقدانها السيطرة على نفسها مع إستهداف مقارات القيادة و أماكن تواجد القيادات العليا للدولة و الجيش، إلا أن هذه الضربة رغم ضراوتها و قوة تركيزها وحجم و نوعية السلاح المستخدم لم تُحقق أهدافها الإستراتيجية مطلقاً، حيث تمكن اليمنيون من إمتصاص صدمة هذه الضربة و إستطاعوا خلال مدة وجيزة التعامل معها و مواجهتها، لتسقط بذلك الورقة الأولى التي راهن عليهاالعدو .

كان رهان العدو الثاني و الذي يعتبر إمتداداً للرهان الخاسر الأول و مكملاً له هو القيام بعملية إجتياحٍ بريٍ واسعة يستطيعون من خلالها الوصول إلى صنعاء في غضون إسبوعٍ واحدٍ و إن طالت فعشرة أيام معتمدين في ذلك على قواتٍ بريةٍ يتم إستقدامها من مصر و الأردن و باكستان و السودان، إلا أن نزول قيادات تلك الدول عند آراء الخبراء العسكريين الذين أجمعوا على إستحالة هذه المهمة و تكلفتها البشرية العالية قد حال دون وفاء تلك الدول بتعهداتها و إلتزامها المسبق للسعودية بإرسال قواتهم إلى اليمن، بإستثناء طبعاً السودان الذين أرسلوا بعض القوات في مهمات غير قتالية لاحقاً و بالتالي فقد تم إلغاء هذه الخطوة لتسقط بذلك ورقة الرهان السعودي الثانية على الحسم .

إستقر الأمر لدى قوات التحالف بعد إستشارة الخبراء العسكريين من مختلف الدول و الإستماع اليهم عند ورقة الرهان الثالثة هذه التي تقضي بتجهيز و دعم قواتٍ يمنية من الألوية و الوحدات التي لاتزال يومها موالية لهادي و محسن بالإضافة إلى القيام بعملية تجنيد ليمنيين واسعة من أولئك المعارضين فكرياً و سياسياً للسلطة الجديدة في صنعاء و تدريبهم في معسكرات تدريبٍ خاصة و الدفع بكل أولئك إلى جبهات محددة مسنودين بغطاء جوي واسع للقيام بما كان يُنتَظر من قوات التحالف البرية أن تقوم به للوصول إلى صنعاء، إلا أن العقيدة القتالية و كذلك المعنويات لدى هؤلاء المجندين لم تكن على النحو المطلوب، فقد ظل شبح الإرتزاق يحيط بنفسياتهم و يلاحقهم كونهم يعلمون جيداً أنهم يقاتلون إخوانهم نيابةً عن قواتٍ أجنبيةٍ لم تجرؤ على فعل ذلك و بالتالي فإن ملامح هذا الرهان مع زيادة عمر العاصفة قد بدأت تشير بفشله و سقوطة خاصةً و أنه كلما دخلت العاصفة شهراً جديداً من عمرها كلما زاد إلتفاف الشعب اليمني حول جيشه و لجانه الشعبية و ذلك بسبب تزايد الإنتهاكات و الجرائم التي تقوم بها طائرات التحالف بحق المواطنين في أكثر من مكان .

الغريب في الامر أن هذه الإستراتيجيات كان يُفترض أن يُعَّد لها قبل إنطلاق العاصفة وفق خطط عملية مدروسة بدقة، إلا أن هذا لم يحدث و تُركت المسألة للإرتجالية و الآنية بحسب مستجدات الظروف في الميدان مما سبب إرتباكاً واضحاً لعمليات العاصفة .

عموماً بالتزامن مع عملية التدرج في الرهانات الثلاثة السابقة الذكر، فقد عمل العدو على رهانٍ إستخباراتيٍ رابع و هو السعي الحثيث للإيقاع بين القوى الوطنية المواجهة للعدوان و محاولة الصدام بينهم معتمدين في ذلك على أساليب الإشاعة الرخيصة و الدس و الوقيعة و إثارة النعرات بينهم بالإضافة إلى شراء ذمم و ولاءت ما يمكن شراءه من القيادات الوسطية و أحياناً العليا من قيادات القوى الوطنية المؤثرة، إلا أن الإتفاق الموقع بين المؤتمر الشعبي العام و أنصار الله قد جاء و قطع الطريق امام جدوى الإستمرار في هذا الإتجاه الأمر الذي شكل ضربةً قاضية للاعبين على هذه الورقة و المراهنين عليها .

أما الرهان الخامس و الاخير فهو محاولة تحقيق بعض الأهداف التي عجزوا عنها في الميدان عن طريق عملية المفاوضات السياسية حيث دفعوا في هذا الجانب بثقلهم الدولي الضاغط لولا صلابة الوفد الوطني و تماسكه الذي اسقط بإمتياز و أفشل هان العدو في هذا الجانب

هكذا تساقطت أوراق و رهانات دول العدوان على اليمن الواحدة تلو الأخرى و هكذا لم يعد في يد الطفل المدلل الطائش من خيارات أخرى إلا أن يبحث له عن مخرجٍ مشرف و يعلن وقف عمليات العاصفة أو يحاول عبثاً إنعاش أيٍّ من تلك الاوراق الساقطة و الرهانات الخاسرة لعله يحدث خرقاً في جدار الصمود اليمني الصلب، إلا أن تجريب المجرب لا يمكن ان ياتي له إلا بمزيدٍ من الإستنزاف و ضياع الجهد و الوقت ، و في كل الأحوال فإن السعودية قد قطعت شوطاً كبيراً في طريق الوصول إلى الهزيمة المنتظرة لدرجة أنه لم يعد بإمكانها العودة عن هذا القدر المحتوم أو الهروب منه.

عبدالمنان السنبلي

اخبار 24

شاهد أيضاً

الهيئة العامة للزكاة تدشن مشروع السلال الغذائية النقدية لـ 6 آلاف جريح بقيمة 150 مليون

المستقبل نت: دشنت الهيئة العامة للزكاة الخميس بصنعاء، بالتنسيق مع مؤسسة الجرحى، مشروع توزيع السلال ...