أفادت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن السعودية اشترت أسلحة خلال العقدين الماضيين بحوالي 500 مليار دولار، ثلاثة أرباع هذه الأموال ذهبت إلى واشنطن.. موضحة أن الرياض تعد أحد أهم مصادر دخل شركات الأسلحة الأمريكية.
وقال تقرير نشرته المجلة، إن عمليات نقل الأسلحة الأمريكيّة لدول الخليج كانت تشكل مصدر قلق كبير للكونغرس وللحكومة الإسرائيلية، خوفًا من أنْ تفقد تفوقها العسكري على جيرانها العرب، ولكن يبدو أنّ الأمور هذه المرة أصبحت مختلفة.
ونقلت عن مسؤول في (أيباك)، وهي أقوى جماعة ضغط مؤيدة لـ(إسرائيل) بأمريكا، بإنّ المجموعة لا تحاول الضغط على الكونغرس لوقف صفقات الأسلحة مع دول الخليج، كما امتنعت الحكومة الإسرائيلية أيضًا عن وضع وزنها في هذا الموضوع، كما أفاد مسؤولون من الكونغرس، والذين يحتفظون باتصالات روتينية مع الإسرائيليين.
وأرجع التقرير أحد الأسباب خلف هذه السياسة وفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية ومصادر داخل الكونغرس، هو أن إدارة أوباما تقيّم بعناية نوعية الأسلحة التي تمد بها حلفاءها في الخليج لردع التهديد الإيراني، بحيث لا تخل بالتفوق النوعي العسكري الإسرائيلي، وهذا النوع من الحسابات يجب أن تأخذه السلطة التنفيذية بعين الاعتبار بموجب نصوص القانون عند منحها لتراخيص نقل الأسلحة إلى حكومات الشرق الأوسط.
والسبب الآخر الكامن خلف ما وصفته بالاسترخاء الإسرائيلي، هو تقارب وجهات النظر الذي تم كشفه مؤخرا مع الدول العربية، حيث تتشاطر الأخيرة القلق مع (إسرائيل) إزاء صعود الهيمنة الإيرانية في المنطقة، ولم يبد الإسرائيليون اهتمامًا يذكر بالصفقات التي تحدث، لأنّه يوجد شعور داخل (إسرائيل) بأن لديهم الآن حليف غير معلن في دول مجلس التعاون الخليجي ضد إيران.
وأشارت مصادر في واشنطن إلى أنّ السعودية تجاوزت الهند خلال العام الماضي، لتصبح أول مستورد في العالم للأسلحة والطائرات وغيرها من المعدات العسكرية، ووفقًا لتقرير شركة IHS حول التجارة العالمية السنوية في المعدات الدفاعية، قفزت واردات الرياض 54% بين عامي 2013 و 2014، وتتوقع IHS حدوث زيادة أخرى بنسبة 52% هذا العام.
وبحسب، جان فرانسوا سيزنيك من جامعة جونز هوبكنز، ففي السنوات الـ20 الماضية، استثمرت السعودية حوالي 500 مليار دولار في جيشها، وثلاثة أرباع هذه الأموال ذهبت إلى واشنطن؛ لذا من غير المستغرب أنْ تكون الرياض هي أحد أهم مصادر الدخل التي تدر أرباحًا طائلة على شركات الأسلحة الأمريكيّة.
وأشار تقرير IHS إلى أن السعودية والإمارات أنفقتا حوالي 8.6 مليار دولار على واردات الدفاع في عام 2014، وهذا المبلغ يفوق ما أنفقته دول أوروبا الغربية مجتمعة في مجال الدفاع، كما تعمل دول الإمارات والكويت والسعودية حاليًا على تطوير أنظمة باتريوت للدفاع الصاروخي التي تمتلكها أصلاً، بغية الاستفادة من الجيل الجديد من هذه الصواريخ الذي يدعى PAC-3، فضلاً عن أنّ الإمارات تسعى حاليًا لشراء نظام دفاع صاروخي جوي آخر من شركة لوكهيد مارتن يسمى بنظام ثاد.
وتشير بعض المصادر إلى أنه بحلول العام المقبل، يمكن أنْ تعقد قطر صفقة بمبلغ 6.5 مليار دولار لشراء نظام ثاد، ويمكن أنْ يتبعها شراء منظومة مماثلة من قِبل السعودية.
ويشير خبراء إلى أنّ الأمور تغيرت لدرجة كبيرة منذ صفقة طائرات الأواكس، التي باعتها أمريكا بالثمانينيات للسعودية وألغتها بسبب المعارضة الإسرائيلية، حيث يقول إن أغلب صفقات الأسلحة الأمريكية المتوجهة نحو الخليج يتّم التفاوض فيها مسبقا مع (إسرائيل)، وإذا لم تعجب الصفقة أيباك، فلا يتم تنفيذها، بحسب ما ذكره تقرير مجلة فورين بوليسي والذي ترجمته صحيفة “رأي اليوم”.
من جانبها، تصر وزارة الخارجية الأمريكية على أنّها قادرة على إدارة مصالح واهتمامات جميع الأطراف المعنية، وقال المتحدّث بلسان الخارجيّة تعقيبًا على تقرير الصحيفة: انخراطنا الوثيق مع دول مجلس التعاون الخليجي لا يتعارض مع التزامنا الثابت بالتفوق النوعيّ العسكريّ الإسرائيلي، كما يتضح من التعاون العسكري الوثيق بيننا وبين كل من (إسرائيل) ودول مجلس التعاون الخليجي.