هل يتعين على اليمن الانتظار خمس سنوات تحت وطأة المجازر والقتل الجماعي والدمار والخراب والحصار لكي تصل مراكز القرار إلى قناعة بحتمية فتح باب التعاون العسكري مع ايران وروسيا وغيرها لمواجهة هذا العدوان السعودي الهمجي والحد من آثاره التي انهكت الشعب اليمني بسلاح الردع العسكري والديبلوماسي.
سائر تقارير المؤسسات البحثية الدولية وتسريبات المقربين من العائلة الحاكمة، تؤكد أن النظام السعودي سيستمر في عدوانه الوحشي وحصاره البري والجوي والبحري على اليمن حتى لو خسر كل ما لديه من ثروات واحتياطي نقدي ونفطي وحتى لو خسر مدنه الحدودية واضطر إلى تدمير مدنا سعودية بالكامل، فعينه فقط متركزة على احرز انتصار ميداني على الأرض في حين أن خيار وقف العدوان لن يكون ممكنا خصوصا وهو سيفضي إلى تداعيات تهدد النظام السعودي بالانهيار الكامل.
التقارير تؤكد أيضا أن النظام السعودي الذي صار على وشك اكمال انسحابه الكامل من المسرح السوري، وجه اكثر طاقاته وقدراته المالية والعسكرية ومنظماته ا لإرهابية إلى المسرح اليمني وشرع باستئجار جيوش من المرتزقة الاجانب كما فتح خزائنة للانظمة العربية المشاركة معه في تحالف العدوان، سعيا لاحراز انتصار ميداني يمكنه من تلافي الانهيار جراء هزيمته في سوريا .
التقارير الدولية تؤكد ايضا أن اميركا ستبقي دعمها للنظام السعودي في حربه الهستيرية على اليمن وستستمر في دعمه في المحافل الدولية وخصوصا الامم المتحدة ومجلس الأمن، ناهيك بدعمه بصفقات السلاح ليس من اجل اشباع غطرسة النظام السعودي، بل لتلافي آثار ثقيلة قد تمس الأمن الأميركي في حال انهيار حليفة النفطي الأكبر في الشرق الأوسط.
الآثار التي سببها العدوان السعودي على اليمن مدى 16 شهرا وصلت إلى ارقام كارثية في عديد الضحايا والخراب وارقام النازحين عن مساكنهم وقراهم التي ناهزت الــ 3 ملايين نسمة، يزيد منها استمرار الحصار البحري والجوي والبري في ظل صمت عالمي وعجز عن وقف هذه البريرية المرشحة للاستمرار.
مدى خمس سنوات وقفت دول العالم كله تحشد ضد سوريا وتدعم دوامة الحرب التي قادها النظام السعودي والانظمة الوراثية الخليجية ضمن تحالف غير معلن، لكنها اليوم بعد العمليات الحربية الروسية ضد دواعش مملكة الشر تقف على الضفة الأخرى بل أن بعضها اعلن موقفا مغايرا تماما لمواقفه القديمة.. احتاج الأمر في سوريا إلى أكثر من خمس سنوات من الخراب والدمار وسفك الدماء لكي تتغير المعادلة.
في تجربة الحرب السعودية في اليمن لا تزال دول العالم كلها تؤيد تحالف العدوان السعودي الذي استفاد من اخطائه في سوريا ودعم عدوانه بقرار أممي وضع اليمن تحت الفصل السابع، وفي المقابل تتعامى كليا عن مبادراته للحل السياسي وتتجاهل ارادة الشعب اليمني وحقه في وضع خياراته السياسية.
ورغم اقرار بعض دول العالم بشكل مخجل بما يرتكبه العدوان السعودي من مجازر وحشية بحق المدنيين وتدمير البنية التحتية إلا أنها لا تزال حتى اليوم تناور وتقف في صف مشروع اميركا والسعودية لفررض اجندات سياسية لم تخرج قيد انملة عن تلك الحيثيات الانهزامية الاستسلامية التي تطالب بتسليم السلاح والانسحاب من المدن وعودة الفار المطلوب للعدالة عبد ربه منصور هادي وفريق عملاء الرياض للحكم .
ما العمل إذا …
لا خيار ولا بدائل يمكن أن نكبح غطرسة العدوان السعودي ومشاريع حلفائه التخريبية سوى السلاح والرد بقوة على صلفه وجبروته، وحينها سنجد دول العالم كله تؤيد اليمن وتتعاطف مع صمود الشعب اليمني ومطالبه بتحديد مصيره وخياراته السياسية.
وما يبديه البعض من مخاوف من أن مبادرات كهذه قد تراغم اليمن في المستقبل على تقديم تنازلات في قرارها السيادي، تستند إلى فرضيات عتيقة غارقة في الوهمو تتعاطى بريبة مع اتفاقيات التعاون العسكري مع الدول العظمى، بل وتعدها تدخلا خارجيا قد يضع اليمن تحت نفوذ قوى الوصاية، وهي مخاوف تشيعها ذات القوى التقليدية التي انخرطت منذ وقت مبكر بمعادلات النفوذ الأميركي التي هيمنت على دول المنطقة باشكالها الجديدة لعقود في ظل عالم القطب الواحد، وظهرت تجلياتها الاكثر بشاعة في الدور التخريبي الواسع النطاق يلعبه الوكلاء الاقليميين للصهيونية واميركا في المنطقة وليس بعيدا عنها الدور الذي يمارسه النظامين السعودي والاماراتي بالعدوان العسكري المباشر والباهظ التكاليف على اليمن لكبح تطلعات الشعب اليمني في التحرر من هيمنة قوى الوصاية.
إيران الثورة الإسلامية التي دفع شعبها ثمنا باهظا في مشروعه للتحرر من الهيمنة ونفود قوى الاستكبار العالمي، هاهي اليوم تفتح قواعدها العسكرية لروسيا، وهي خطوة باشرتها أيران في سياق تعاون عسكري تفرضه حاجات الواقع بما يحفظ السيادة ويعزز المصالح المشتركة، بعيدا عن طوفان المخاوف التي اشاعتها قوى الهيمنية وتحولت ثقافة لدى الناس ترى في كل تعاون يحفظ أمن البلد نوعا من الهيمنية والنفوذ الدولي ومصادرة لارادة وقرار الداخل.
تركيا كذلك الدولة القوية اقتصاديا وعسكريا والتي لعبت دورا مشبوها في اشعال الحروب في سوريا واليمن ورعاية التنظيمات الداعشية الارهابية لديها قواعد عسكرية أميركية في اراضيها، والحال مع دول عظمى لا مقارنة بينها ودول الشرق.
إن تحصن اليمن بقوعد الحكم الرشيد ( التعددية السياسية والحريات العامة والانتخابات البرلمانية والرئاسية والنظام الرئاسي والحكم المحلي كامل الصلاحيات) فلا قلق من أي تعاون عسكري مع دول العالم وفتح قواعد عسكرية يمكنها ان تحمي اليمن من جبروت تحالف العدوان السعودي ومشاريعه الداعشية .
رئيس التحرير