المبادرة التي أعلنها الرئيس السابق رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام الزعيم علي عبدالله صالح في حواره الأخير مع قناة ” روسيا 24 ” بشأن امكان فتح مجالات التعاون بين اليمن وإيران واليمن وروسيا الاتحادية في مكافحة التنظيمات الإرهابية التي اغرق بها تحالف العدوان السعودي المحافظات اليمنية خلال عدونه الوحشي على اليمن، اثارت جدلا واسعا بعدما وُضعت على الطاولة كواحد من الخيارات الملحة والممكنة التطبيق لمواجهة الآلة لغاشمة للعدوان السعودي من جهة ومواجهة خطر الإرهاب الداعشي السعودي الذي يهدد بتمزيق البلد وحشره في النفق المظلم.
البعض ابدى مخاوف من أن مبادرات كهذه قد تراغم اليمن في المستقبل على تقديم تنازلات في قرارها السيادي، استنادا إلى فرضيات عتيقة من تلك الغارقة في الوهم وتتعاطى بريبة إلى اتفاقيات التعاون العسكري مع الدول العظمى، بل وتعدها تدخلا خارجيا قد يضع اليمن تحت نفوذ قوى خارجية، وهي واقعا فرضيات لم يعد لها أي قيمة أو أثر في الوقت الراهن بالنظر إلى التحديات التي تعصف باليمن بادوات اقليمية هي ف الواقع من اكثر مظاهر التبعية والوصاية.
لم يعد خافيا أن الاطراف التي تشيع هذه المخاوف هي ذات القوى التقليدية التي انخرطت منذ وقت مبكر بمعادلات النفوذ الأميركي التي هيمنت على دول المنطقة باشكالها الجديدة لعقود في ظل عالم القطب الواحد، وظهرت تجلياتها الاكثر بشاعة في الدور التخريبي الواسع النطاق يلعبه الوكلاء الاقليميين للصهيونية واميركا في المنطقة وليس بعيدا عنها الدور الذي يمارسه النظامين السعودي والاماراتي بالعدوان العسكري المباشر والباهظ التكاليف على اليمن لكبح تطلعات الشعب اليمني في التحرر من هيمنة قوى الوصاية.
من العبث أن يستمر اليمن متمترسا خلف شعارات ثقافة اليسار الزائفة التي تعتبر علاقات التعاون والصداقة والدفاع المشترك لمواجهة العدوان الخارجي مسا بالسيادة الوطنية، في الوقت الذي يتحالف فيه محور الشر العالمي كله ضد الشعب اليمني كما يحصل حاليا في العدوان البربر الذي يشنه تحالف العدوان السعودي الاميركي بكل ما يرتكبه من مجازر يومية وحشية بحق المدنيين وما يحدثه من دمار شامل طاول كل مقومات الحياة الانسانية ناهيك بما يفرضه من حصار جائر ليس له أي اساس قانوني على الشعب اليمني فيما العالم يمارس لعبة الصمت ويوجه اعلامه لنشر الذرائع والاكاذيب.
إيران الثورة الإسلامية التي دفع شعبها ثمنا باهظا في مشروعه للتحرر من الهيمنة ونفود قوى الاستكبار العالمي، هاهي اليوم تفتح قواعدها العسكرية لروسيا، وهي خطوة باشرتها أيران في سياق تعاون عسكري تفرضه حاجات الواقع ويحفظ السيادة ويعزز المصالح المشتركة، بعيدا عن طوفان المخاوف التي اشاعتها قوى الهيمنية وتحولت ثقافة لدى الناس ترى في كل تعاون يحفظ أمن البلد نوعا من الهيمنية والنفوذ الدولي.
منذ مطلع الألفية الثالثة والعالم يعيش تحولات كبيرة تغربلت فيها الكثير من المفاهيم، وصارت الحصانة الوحيدة للدول من تغول وصاية القوى الكبرى ووكلائها في المنطقة هي تخطى حال انظمتها القمعية إلى افاق الدول الديمقراطية والمؤسسات وحكم القانون والدستور وبهذا السياج الدخلي فقط لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تكون عرضه لقوى الوصاية وادواتها الاقليمية.
رئيس التحرير