أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم ارتفاع عدد ضحايا محاولة الانقلاب التي نفذها عسكريون ليل الجمعة السبت في تركيا، إلى 161 قتيلا و1440 جريحا، مشيرا إلى أنه تم القبض على 2839 عسكريًّا من المتورطين في محاولة الانقلاب على نظام رجب طيب اردوغان بينهم ضباط برتب عالية، داعيا الشعب للبقاء في الشوارع درءا لأي محاولة تمرد جديدة، فيما ظهر اردوغان بين حشد من انصاره في إسطنبول فجر اليوم معلناً فشل الانقلاب على السلطة مؤكدا بقاء الاتراك في الشوارع والميادين حتى نهاية الأزمة.
وهزت ثمان ساعات تركيا بعد اعلان قوات الجيش التركي الاطاحة بنظام اردوغان بعدما تمكنت من السيطرة على العديد من المواقع الحيوية في العاصمة التركية، وارغمت اردوغان على الاختباء في مكان مجهول قبل أن يظهر على شاشات التلفزيون ليدعو الاتراك إلى الخروج للشارع لمواجهة الانقلاب، فيما كان الجيش التركي اعلن في بيانه الأول استيلائه على السلطة واقفال المطارات التركية وفرض حظر التجول بينما حلقت طائرات حربية ومروحيات في سماء العاصمة أنقرة.
وقال الجيش التركي في بيان بثه التلفزيون الحكومي، صدر عن «مجلس السلم في البلاد»، الذي قال إنه شكله إثر الانقلاب: «لن نسمح بتدهور النظام العام في تركيا. تم فرض حظر تجول في البلاد حتى إشعار آخر»، مؤكداً أنه «تولى السيطرة على البلاد” مشيرا إلى إنه تولى السلطة من أجل حماية النظام الديموقراطي وحقوق الإنسان، وأنه سيحافظ على جميع العلاقات الخارجية للبلاد، وأن الأولوية ستكون لسيادة القانون.
وأظهرت لقطات تلفزيونية مركبات عسكرية تغلق الجسرين الرئيسيين فوق مضيق البوسفور في اسطنبول وانتشار دبابات في المطار الرئيسي بالمدينة. وفي العاصمة أنقرة حلقت طائرات حربية وطائرات هليكوبتر في سماء المدينة، فيما كان عشرات الآلاف من المواطنين الاتراك قد لبوا نداء اردوغان ونزلوا إلى الشوارع .
احباط الانقلاب
وكانت قادة الجيش التركي الذين خططوا الاطاحة بنظام اردوغان احتجزوا رئيس هيئة اركان القوات التركية الجنرال خلوصي آكار خلال الليل في قاعدة جوية بضاحية انقرة قبل ان يتم تحريره في عملية عسكرية، فيما اكدت مصادر عدة إن العديد من قادة الجيش نأوا بانفسهم عن محاولة الاطاحة باردوغان منددين بما سموه “عمل غير شرعي” وداعين الانقلابيين للعودة فورا الى ثكناتهم.
واعلن رئيس الوزراء التركي اليوم احباط الانقلاب وقال إن الأوضاع تحت السيطرة وأن 80 % من البلاد تحت سيطرة السلطة الشرعية فيما اكد قائد الاركان بالنيابة الجنرال اوميت دوندار إحباط المخطط الذي أسفر عن مقتل 104 من الانقلابيين، وقد لبى المواطنون الأتراك دعوة رئيسهم رجب طيب إردوغان بالنزول إلى الشوارع للتعبير عن تأييده ودعمهم للشرعية، في حين حذرت الرئاسة من احتمال وقوع تمرد آخر في أي وقت.
وقال دوندار في بيان بثته شبكة “سي إن إن ترك” في اسطنبول “تم احباط محاولة الانقلاب هذه”، مؤكداً “استشهاد” تسعين شخصا هم 41 شرطيا وجنديان و47 مدنيا، فيما جرح اكثر من 1150 شخصاً، مشيرا إلى أن إحباط الانقلاب “تم بفضل التضامن الكامل بين قيادتنا العامة والرئيس، ورئيس الوزراء والقوات المسلحة التركية”
واعلن وزير العدل التركي إن جماعة فتح الله غولن وراء محاولة الانقلاب مشيرا إلى أن اغلب قادة الجيش وقفوا ضد الانقلاب وكذلك فعل الشعب التركي.
وتمكنت قوات الأمن التركية من توقيف 1563 عسكرياً على ارتباط بالمحاولة الانقلابية الدامية التي سيطر الانقلابيون خلالها على طائرات حربية ودبابات.
وأظهرت مشاهد بثتها شبكة “سي.إن.إن ترك” استسلام نحو 50 جندياً على أحد الجسور فوق البوسفور في اسطنبول، تاركين دباباتهم وهم يرفعون أيديهم في الهواء.
انتشار قوات الجيش التركي في شوارع المدن بعد اعلان الجيش التركي الاطاحة بحكم اردوغان وتسلم السلطة
وحذرت الرئاسة التركية في حسابها على موقع “تويتر” اليوم، من احتمال وقوع محاولة تمرد أخرى في أي وقت، مضيفة أنه من الضروري مواصلة السيطرة على الموقف في الشارع.
وقال مسؤول تركي إن العمليات التي تهدف لاستعادة السيطرة على مقرات القوات المسلحة في أنقرة لا تزال مستمرة، مضيفاً أن القوات الخاصة في الشرطة بالإضافة لقوات لجيش تؤمن محيط المقرات، وقد استعيدت السيطرة على مقر قيادة القوات المسلحة ولكن مجموعات صغيرة من الجنود المتمردين ما زالت تقاوم وتسيطر على بعض المروحيات.
وأوضحت أن الهجمات على مبنيي البرلمان وقصر الرئاسة التركيين توقفت إلى حد كبير، فيما ذكر مسؤول آخر أنه تم إعفاء 29 ضابطا برتبة كولونيل وخمسة جنرالات من مناصبهم في الجيش بعد محاولة الانقلاب.
وقال مصدر في الاستخبارات التركية إن مقر الوكالة تعرض لهجوم من مروحيات عسكرية ونيران أسلحة آلية ثقيلة أثناء محاولة الإنقلاب، مشيراً إلى أن رئيس الوكالة هاكان فيدان ظل في مكان آمن طوال الأحداث وأنه كان على اتصال دائم بالرئيس التركي ورئيس الوزراء بن علي يلدريم.
وكان أردوغان اعتبر في مؤتمر صحافي رتب على عجل فجراً، أن محاولة الانقلاب تمثل عملاً من “أعمال الخيانة”، مشيراً إلى أن المسؤولين عنها سيدفعون ثمنا باهظاً، معتبرا محاولة الانقلاب “إهانة للديمقراطية” واستهانة بالشعب التركي، مثمنا الدور الذي لعبه هذا الشعب في مواجهة الانقلابيين ونزوله إلى الميادين والشوارع لنصرة الدستور.
وقبل العودة إلى اسطنبول ظهر إردوغان على محطة (سي.إن.إن ترك) في اتصال عبر الفيديو ودعا الأتراك إلى الخروج للشوارع للدفاع عن حكومته وقال إن مدبري الانقلاب سيدفعون ثمنا باهظا لذلك، متهماً خصمه اللدود الداعية فتح الله غولن بالوقوف وراء المخطط.
ورفض غولن توجيه أصابع الاتهام إليه في محاولة الانقلاب والإطاحة بالحكومة، واصدر بيانا مقتضبا من الولايات المتحدة ندد فيه “بأشد العبارات” بمحاولة الانقلاب، قائلاً “من المسيء كثيرا بالنسبة لي كشخص عانى من انقلابات عسكرية عديدة في العقود الخمسة الماضية، ان اتهم بأنني على اي ارتباط كان بمثل هذه المحاولة” مضيفاً “أنفي بصورة قاطعة مثل هذه الاتهامات”.
وتابع “اندد بأشد العبارات بمحاولة الانقلاب العسكري في تركيا مشدداً على أنه “ينبغي الفوز بالحكم من خلال عملية انتخابية حرة وعادلة”.
وأعلنت الولايات المتحدة دعمها الراسخ لحكومة أردوغان، وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنه أجرى اتصالا هاتفيا مع وزير الخارجية التركي وأكد “الدعم المطلق للحكومة التركية المدنية المنتخبة ديموقراطيا والمؤسسات الديموقراطية.”
وقالت وزارة الخارجية الروسية، من جهتها، إن محاولة الانقلاب في تركيا تعزز المخاطر التي تهدد الاستقرار الاقليمي.
وأضافت في بيان ان “موسكو قلقة للغاية بشأن الاحداث الاخيرة في تركيا”، مشيرة إلى أن ” انفجار الوضع السياسي الداخلي في ظل التهديدات الارهابية القائمة في هذا البلد والنزاع المسلح في المنطقة يعززان المخاطر على الاستقرار العالمي والاقليمي”.
وكالات