من السائد في أيامنا هذه , ما يسنده رجال الدين إلى الاسلام من أراء وأحكام اجتهدوا في تأولها من الكتاب أو استنبطوها بفقه القياس حول مسائل مستجدة وأشياء جديدة لم تذكر بنص أو تبين في بلاغ المرسلين . ومعظمها في أمور السياسة وشئون المعايش والاجتماع .
فهناك الكثير من الكتب الي ألفها رجال دين حول مسائل معينة تحت عنوان جامع بهذا النص :” حكم الاسلام في .. ” ومن رجال الدين من سمعنا صوته مسجلاً أو مذاعاً , يؤكد أن رأي الاسلام وحكمه في المسألة المعنية هو كذا , وكذا , وقبل هذا شاهدناه مصوراً أو متلفزاً ومن أمثلته وما قيل عن حكم الاسلام في التعددية الحزبية والانتخابات وحرية التعبير والفوائد المصرفية , وولاية المرأة , وحتى قيادتها للسيارة .
والمشكلة أن هؤلاء ينسبون للإسلام تناقضهم حين يتفرقون به بين حلال وحرام في المسألة الواحدة , فهناك مثلاً من يرى أن نظم الديمقراطية المعاصرة من الاسلام , وهناك من يرى الفوائد حلالاً وليست ربا ومن يراها رباً حراماُ , وهكذا , والمسألة أن هذا الاختلاف تفرضه أهواء الساسة ومصالح رجال الدين الذين يوظفون اسم الاسلام لشرعنة الواقع السياسي الحاكم في مجتمعاتهم مقابل ما تمنحهم إياه سلطة الحكم من مال وجاه.
يبين القران الكريم هذه الحالة في حديثه عن أولئك الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يزعمون أنه من عند الله , ليشتروا به ثمناً قليلاً من اصحاب السلطة والمال , وكتابة الكتاب بالأيدي تعني تأليف الكلام في المسائل الاجتهادية تأويلاً للآيات أو استنباطاً للأحكام , باجتهاد الشخص وجهده , دون وحي من الله , أو علم من لدنه يجعل اجتهاد المرء عين ما أراده الله من كلامه في القران الكريم , قال تعالى : ” فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ” البقرة الآبة 79
ولقد فهم هذا أئمة المذاهب الفقهية المعتبرة , فقالوا عن الأراء والاحكام التي اجتهدوا في استنباطها بالتأويل وفقه الدين , ” قولنا هذا رأبي , فمن كان عنده خير منه فليأت به ” ولم يزعموا أنه حكم الاسلام ورأيه , وإنما أكدوا على أن كل مجتهد يأخذ من قوله ويرد إلا ما جاء به الرسول الأمين من وحي رب العالمين , ولهذا نسب اجتهادهم اليهم وعرفت مذاهبهم بأسمائهم , مثل الشافعي والحنفي والجعفري والمالكي وغيرهم من أئمة الفقه والاجتهاد رضي الله عنهم أجمعين .
أما في عصرنا فإن لفظة الإسلامي تغلف كل تجارة بالدين وتنسب إلى الله حتى فواحش الإجرام وتلك احزاب توعدها الله بالويلين ولا حول ولا قوة الا بالله.
عبدالله الدهمشي