يراهن النظام السعودي الذي القى بثقل ضغوطه على طاولة المفاوضات الجارية في الكويت على عامل الوقت وهو يدرك تماما ان المجتمع الدولي لن يبقى طويلا منتظرا توافق يمني بعيد المنال كما يدرك أن انصراف المجتمع الدولي عن طاولة المفاوضات سيتيح له فرصة ذهبية لفرض حلول لن تكون في صالح اليمن، ما يضع وفد القوى الوطنية المشارك في مفاوضات الكويت امام مسؤوليات جسيمة للتحرك العاجل وفقا لهذه النتيجة.
ما يحتاجه اليمن بشكل ملح حاليا ليس الانخراط في دوامة التفاوض، ومعركة قتل الوقت التي انصرف اليها وفد حكومة الرياض، قدر ما يحتاج إلى استثمار الحضور الدولي بحشدة باتجاه احراز نجاحات في ملف الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان السعودي على اليمن منذ مارس العام الماضي ورفع قيود السفر التي تتعارض كليا مع القوانين الدولية والقرار الأممي 2216.
علينا أن نعرف أن تعثر مفاوضات الحل السياسي في الكويت كان طبيعيا كون حيثياتها ومعطياتها تعاطت تاريخ وليس مع حالة راهنة، هي نتيجة تحولات كبيرة طرأت على المشهد اليمني خلال 14 من العدوان السعودي.
ذلك ما عبرت عنه الرؤى الدولية للحل السياسي والتي وجدت نفسها مضطرة للتعاطي مع معطى واحد صالح للتعامل معه كأساس للحل السياسي للأزمة اليمنية وهو اتفاق السلم والشراكة.
لم تنتج مفاوضات الكويت خطة للحل السياسي حتى الآن، وهذه حقيقة لكنها بالمقابل انتجت موقفا دوليا مناهضا لخيار الحل العسكري للأزمة اليمنية، وقلصت إلى حد كبير ذرائع العدوان السعودي المتمثلة بشرعية هادي وحكومته، كما انتجت موقفا دوليا متفهما لمطالب الداخل اليمني ومتفهما لصعوبة تطبيق القرار الأممي 2216، الذي اقفل كل أبواب الحل السياسي التوافقي.
ما نحتاجه اليوم وبشكل ملح هو الضغط باتجاه التحقيق بجرائم حرب الابادة التي ارتكبها النظام السعودي وحلفائه وفتح اليمن للناشطين الحقوقيين والصحفيين الاجانب.
نحتاج إلى تطويع المناخ الدولي الراهن لصالحنا في لجم توسع قوات الاحتلال الاماراتية ومشاريعها في المحافظات الجنوبية، وكشف اكاذيبه وذرائعه في محاربة الارهاب وحشد دول العالم لدعم رؤية وطنية للحرب على الإرهاب تقفل الباب امام مشاريع النظام السعودي الظاهرة والخفية.
في مرات كثيرة أكد الوفد الوطني في الكويت أن استمراره في مفاوضات الكويت تأتي املا في تضع هذه الجولة من المفاوضات حدا لمعاناة الشعب اليمني، لكن الحرب في الواقع لم تتوقف منذ وصولهم إلى الكويت، كما أن الحصار قائما جوا وبحرا وبرا، وما من قيمة ايجابية لاشاعة مخاوف حيث لم يعد لدينا ما نخسره اكثر مما خسرناه والعدوان السعودي هو من يخسر الآن وهو من سيقدم اليوم أو غدا “التنازلات المؤلمة ” كما افصح عنها ولي العهد السعودي محمد بن نايف.
من يظن أن عودة هادي أو منحه الشرعية ليوم واحد أو شهر أو 45 يوما أو 90 يوما من دون صلاحيات، سيتيح لليمن فوائد فهو واهم بلا شك.. فالسعوديون إن عادوا تحت مظلة اعادة الإعمار فسوف تدفع اليمن بلا شك فاتورة ثقيلة.
واقعا نحن لا نحتاج الى مال سعودي يعيد بناء ما دمره بيد ويزرع باليد الأخرى سرطان للتخريب .
نحتاج فقط لأن يخرج من بلادنا إلى الأبد وما لدينا من موارد سيكون كافيا لاعادة الاعمار.
الأزمة التي نعيشها منذ مارس الماضي أثبتت أن لدينا في هذا البلد ما يكفي من الموارد التي يمكننا الركون عليها في مرحلة اعادة الإعمار بعدما تخلص البلد من عصابات المافيا والنهب المنظم للثروة.
سيكون في صالحنا على المدى الطويل أن نترك اثار الدمار التي خلفها تحالف العدوان السعودي شاهدا للتاريخ على وحشية وعنجهية هذا النظام وشاهدا على سجل حافل بالعمالة والخيانة لطابور عملاء الرياض ينبغي أن تتعلم منه الأجيال القادمة الكثير والكثير، وهو قطعا سيكون وقودنا للمضي قدما باعادة البناء على اسس صحيحة تلبي حاجاتنا الأمنية والعسكرية والاقتصادية.
رئيس التحرير