عوامل عدة تظافرت في اجهاض أهداف جلسة مجلس الأمن الدولي المغلقة بشأن اليمن والتي كان ينتظر أن تُقر خطة مقدمة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي ـ مون للحل السياسي للأزمة اليمنية تتجاوز عقبات القرار الأممي 2216 ، استنادا إلى التكليف السابق له من المجلس، وتحولت تاليا إلى جلسة استماع لرسالة مقدمة من كي ـ مون تلاها احاطة قدمها المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ بالفيديو تلافى فيها الاسئلة والمؤتمر الصحفي في منصة المنظمة الأممية.
لكن لماذا تلافى ولد الشيخ الحضور الشخصي لهذه الجلسة التي وصفت بانها مهمة ومُحضَر لها منذ حوالي شهر .. وماهي الرسائل التي قدمها في احاطته إلى اعضاء مجلس الأمن الــ 15 .
القراءة السريعة لنتائج جلسة المشاورات المغلقة لمجلس الأمن بشأن اليمن، تبرز إلى الوجهة حقيقة واحدة وهي انتهاء المهلة التي حددها سابقا مجلس الأمن الدولي للأمين العام للأمم المتحدة بتقديم خطة للحل السياسي في اليمن دون احراز تقدم يذكر، سوى ما قدمته الجلسة من اعادة انتاج للتعقيدات والصعوبات التي ظلت لصيقة بمفاوضات الكويت لأكثر من خمسة اسابيع، وقت كانت العديد من العواصم تتحدث عن دعم دولي كبير للحل السياسي وخطوات عملية تتجاوز عقبات وجمود المفاوضات ينبغي استثمارها.
دوائر ديبلوماسية يمنية وعربية عزت هذه النتائج إلى حجم الضغوط الديبلوماسية السعودية التي حالت دون انجاز خطة كي ـ مون خصوصا وأن التوجهات الدولية كانت تذهب باتجاه أن تحل محل القرار الأممي 2216 وهو القرار الذي وضع النظام السعودي في معزل عن المسؤولية والمساءلة حيال جرائم الحرب التي ارتكبت خلال اكثر من سنة من العدوان على اليمن فضلا عن آثار حصاره المفروض على اليمن برا وجوا وبحرا.
ولم تفض جلسة مجلس الأمن إلى جديد سوى اجماع على تحرك دولي اممي لوقف عجلة التدهور في المجال الاقتصادي والذي قال ديبلوماسيون أنه تماهى إلى حد كبير مع تحذيرات سابقة عبر عنها ممثلو عواصم اوروبية واكدوا أن “ملف الاقتصاد اليمني خط احمر لن يسمح بالمساس به”.
هذا المعطى افضى إلى اتفاق بتأليف الهيئة الاقتصادية التي اعلنها المبعوث الأممي الخميس وقال إنها ستشكل من ممثلين من طرفي المفاوضات (انصار الله وحزب المؤتمر وحكومة الرياض) للبت في خطوات عملية لمواجهة نذر أي انهيار اقتصادي محتمل.
وتلافى المبعوث الأممي الحضور شخصيا إلى جلسة مجلس الأمن حيث أعلن قبل ساعات من انعقاد الجلسة عزمه تقديم احاطته إلى المجلس عبر الفيديو من الكويت متذرعا بشائعات سبقت موعد سفرة، تحدثت عن تعليق مشاورات الحل السياسي في الكويت، وهو التكتيك الذي نجح فعلا في تجنب المبعوث الأممي الأسئلة الحرجة التي كانت ينتظر أن يواجهها بعد تقديم الاحاطة حيث تقتضي الأعراف البروتوكولية في حال المشاركة بالفيديو الاستماع للإحاطة دون مداخلات أي مداخلات أو اجابات على اسئلة.
ورغم أن بيان مجلس الأمن الأخير بشأن اليمن طلب من المبعوث الأممي تقديم خطة مفصلة حول الخطوات الإضافية التي ينوي اتخاذها لدعم المحادثات في اليمن خلال شهر، فقد اكتفت احاطتة المقدمة إلى أعضاء المجلس الـ15 وفقا لمصادر متعددة بالحديث عن النتائج التي وصلت اليها محادثات السلام بين الأطراف اليمنية، وتفاقم الآثار الإنسانية للصراع، فضلا عن مطالباته بتوسيع طاقم مكتبه، بما في ذلك اضافة خبراء جدد إلى لجنة التنسيق ومراقبة وقف النار وتوسيع الطاقم المتواجد في الأردن.
ولعل ابرز ما يثير الاسئلة حول احاطة المبعوث الأممي تجنبه الحديث عن الانتهاكات التي ارتكبها الجانب السعودي في عشرات الغارات التي شنها على اليمن منذ اليوم الأول لإعلان وقف النار في الــ 10 من ابريل الماضي، والتي عرقلت إلى حد كبير مسار مفاوضات الحل الساسي، وتركيزه في عرض جزئيات غير مهمة عن جهود مكتبه في اقناع وفد انصار الله والمؤتمر الشعبي العدول عن قرارهم تعليق مشاركتهم في لجنة التنسيق والتهدئة دون الحديث عن الخطوة التي اتخذها وفد حكومة الرياض بتعليق مشاركته في المشاورات بجملتها بما اداته من توقف لمفاوضات الحل السياسي لحوالي اسبوع.
وفي موازاة حديثه عن جهود مكتبه في اقناع وفد انصار الله والمؤتمر انهاء تعليق مشاركتهم في لجنة التنسيق والتهدئة فقد ذهب المبعوث الأممي في حديثة عن الطرف الآخر إلى عرض تفاصيل آخر لقاء جمعة مع الوفد الحكومي.
ومن جانب آخر فإن تصريحات المبعوث الأممي الأخيرة التي سبقت جلسة مجلس الأمن والتي اعلن فيها “قرب التوصل إلى رؤية عامة للحل السياسي تضم تصور الطرفين للمرحلة المقبلة” بدت هي الأخرى بعيدة تماما عن التقديرات التي قدمها في احاطته والتي اكد فيها وفقا لنائب المتحدث الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة أن “مشاورات السلام معقدة وصعبة”.
هذه الحالة الضبابية عبر عنها سفير بريطانيا في الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت الذي اكد على ضرورة أن تمضي مباحثات الكويت “بقيادة يمنية وبتنسيق أممي” في اشارة إلى الدور السعودي غير المرئي، فضلا عن دعوته طرفي مفاوضات الكويت إلى تقديم التنازلات من أجل التوصل الى اتفاق نهائي واكثر من ذلك تحذيره من أن المشاورات تمر “بمرحلة حساسة”.
ورغم خطورة الرسائل التي حملها تصريح السفير البريطاني، إلا أنها فسرت إلى حد كبير تصريحات وزير خارجية حكومة الرياض عبد الملك المخلافي الذي استبق فيه المؤتمر الصحفي للمبعوث الأممي، واعلن فيها أن الجلسة المغلقة “كانت إيجابية جداً، واشاد فيها الجميع بوفد الحكومة ومرونتها الكبيرة، في مقابل تعنت الطرف الانقلابي”.
غدا قراءة تحليلية .. كيف تحولت خطة بان كي ـ مون إلى رسالة لخصت احاطة ولد الشيخ ؟
رئيس التحرير