رغم استمرار الانتهاكات السعودية لوقف النار في الغارات التي عاود النظام السعودي شنها على العاصمة صنعاء واستمرار تحليق طيرانه الحربي والتجسسي فوق المحافظات، فإن أوساطا ديبلوماسية عدة تؤكد أن هذه الانتهاكات تأتي فقط في سياق الحرب الأخيرة التي تشنها الرياض بمحاولاتها المحمومة انتزاع اعتراف بشرعية عبد ربه منصور هادي، بعدما نجحت مفاوضات الكويت الجارية في رعاية أممية “في بلورة رؤية وشيكة للحل السياسي تشمل تشكيل الحكومة الانتقالية للفترة الانتقالية ولجان مراقبة دولية للاعمار لكنها لا تزال تواجه بعقبات”.
ورغم التطمينات التي اطلقها المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ التقدم المحرز في مسار المفاوضات، إلا أن مصادر ديبلوماسية، تؤكد أن التقدم المحرز يجري في نطاق من السرية مع اتجاه وفدي المفاوضات ( وفد القوى الوطنية) إلى تلافي الحديث عن التقدم الحاصل في المفاوضات.
ويتوازى التعتيم من جانب الوفد الوطني مع استمرار وفد حكومة الرياض بالحديث عن الضمانات الدولية بالتزام الوفد الوطني بما يسميه ” المرجعيات وفقا تفسيرها لهذا البند والذي قال بيان صادر عن وفد حكومة الرياض أنه تعمد بالتزام مكتوب من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي ـ مون لدى زيارته الأخيرة إلى قطر، فيما بدا تسوية ترقيعية قابلة للتجدد في غياب التفسير الرسمي لبند المرجعيات.
وتفسر الرياض قضية الالتزام بالمرجعيات، باعتراف الوفد الوطني المفاوض بشرعية الرئيس المتنازع حول شرعيته عبد ربه منصور هادي، وهي الخطوة التي حرص النظام السعودي وجماعات الضغط العاملة معه في المحافل الدولية، على احراز تقدم ولو جزئي فيها كون الاعتراف بشرعية هادي لمدة يوم واحد أو اسبوع أو شهر أو حتى ساعة واحدة، ستعنى ابعاد الرياض من فاتورة التزامات انسانية واقتصادية يفترض المجتمع الدولي أن تتولى السعودي تغطيتها للتعويض واعادة بناء الخراب الذي تسبب فيه العدوان السعودي في اليمن.
وتتصاعد المخاوف من ضغوط دولية وسعودية تقود الوفد الوطني المشارك في مفاوضات الكويت الإقرار بأي صيغة بشرعية هادي والتي يعتقد أنها ستكبد اليمن عواقب وخيمة على المدى القصير والبعيد.
ويتحدث الباحث والمحلل السياسي اليمني المقيم في لندن عبد الله الحكيمي عما سماه ” عواقب الاقرار بشرعية هادي، ويشير إلى أن أي اتفاق سيتم التوقيع عليه ويقضي بالاعتراف بشرعية هادي التي انتهت بموجب نصوص مرجعية المبادرة الخليجية سيترتب عليه جملة من الكوارث السياسية اهمها:
١) الاعتراف بان تحالف العدوان لم يعتدي على اليمن بل قام بواجب دعم شرعية وبناء على طلب سلطة شرعية
٢)بناء على النقطة الاولي يمكن مطالبة اليمن مستقبلا بدفع تكاليف الحرب لدول العدوان
٣)ان انصار الله تحديدا سيحملون كامل المسؤولية عن الانتهاكات والقتل والجرائم باعتبارهم متمردين وانقلابيين خرجوا عن الشرطة ويمكن ملاحقتهم داخليا وخارجيا
٤)ان الاعتراف بان السعودية قائدة تحالف العدوان قامت بعمل شرعي وبطلب من شرعية يمنية يسمح لها بموجب هذه السابقة ان تتدخل في اي وقت عسكريا
٥)بالنسبة للمؤتمر الشعبي فقد احتاط لنفسه مبكرا باعلانه عدم الاعتراف بالاعلان الدستوري واللجنة الثورية العليا وبالتالي اخرج نفسه من دائرة الانقلابيين!
وحيال الآثار والنتائج التي يتوقع ان يتكبدها اليمن في حال الرضوخ للضغوط السعودية يؤكد الباحث سلام أن ثمة خيارين يمكن التعاطي بهما مع هذا الوضع الأول التمسك بمطلب تشكيل حكومة توافق انتقالية والثاني عدم توقيع أي اتفاق فيه اشارة إلى شرعية هادي ولو لدقيقة واحدة.
مع امكان “أن يعلنوا بانهم لن يوقعوا على مثل هكذا اتفاق لكنهم لن يقفوا عقبة امام اي حل يوقف العدوان المدمر ويرفع الحصار الشامل ويرفع المأساة الانسانية التي يعاني منها الشعب اليمني بسبب العدوان والحصار “.
ويشير الحكيمي إلى أن مخرجا سياسيا كهذا سيجنبهم الوقوع في تبعات كارثية وسيكسبهم تعاطف واحترام الشعب حين ضحوا بمصلحتهم السياسية وغلبوا مصلحة الشعب هذا اضافة ان المرحلة القادمة حتى وان سيطر عليها العدوان ومرتزقته في الداخل لن تشهد اي استقرار بل ستعم الفوضى والاضطراب والمعاناة المعيشية للمواطنين اكثر من ذي قبل وبقاء انصار الله في خط المعارضة السياسية بالإضافة الى تجنبهم التوقيع على اي اتفاق يرتب على اليمن تبعات ومسؤوليات كارثية فانه سيجعلهم القوة الاكثر احتراما ومسؤولية والأقوى سياسيا وشعبيا.
ويؤكد الحكيمي أن إقرار بشرعية لهادي ولو لدقيقة واحدة فيها خطر داهم لليمن واليمنيين لانه يشرعن للعدوان الخارجي الذي دمر اليمن والحصار الظالم المأساوي لكن هذا لايمنع ان يكون هادي جزءا من سلطة توافقية انتقالية جديدة يتم التوصل اليها في مفاوضات الكويت.