في ظل الاحتلال السعودي الاماراتي الاميركي لأجزاء من المحافظات الجنوبية وبعد زهاء ربع قرن من الوحدة، يتجاذب اليمن مشروعا تقسيم الأول إماراتي قطع شوطا متقدما وحالت صعوبات دون اعلان خطواته بصورة رسمية، والثاني سعودي لا يزال يواجه عقبات، في ظل خارطة جديدة جغرافيا وسياسيا، افضت اليها حرب تحالف العدوان السعودي وبدا أنها قد سبقت الجميع بما فيها مفاوضات الكويت المحشورة في خندق العناوين القديمة.
وفيما تراوح مفاوضات للحل السياسي ترعاها الأمم المتحدة في الكويت مكانها دون الوصول إلى حسم شرعيات متنازعة ومرجعيات لم تعد صالحة، ثمة مشاريع أخرى تمضي قدما بانتظار تسويات فوقية لحسم شرعيتين الأولى تدعمها الإمارات يمثلها الحراك الجنوبي بقيادة علي سالم البيض والثانية تدعمها السعودية ممثلة الرئيس المتنازع الشرعية عبد ربه منصور هادي بعيدا عن توجهات الرعاة الاقليمين والدوليين لمفاوضات التسوية اليمنية الجارية في الكويت.
وفي موازاة حال عدم اكتراث دولي لمشاريع سياسية تديرها الرياض وابو ظبي على الأرض في الداخل اليمني، بدت السلطات الإماراتية ماضية في مشروعها بتأسيس نفوذها على جنوب اليمن مدعومة باسناد أميركي حصلت عليه من بوابة الحرب على مسلحي “القاعدة” ومحاربة تمدد الفرع اليمني لتنظيم” داعش” وهي الذرائع التي مكنت العائلات الإماراتية من تثبيت قدمها في المحافظات الجنوبية من خاصرتي الجنوب (حضرموت وعدن).
وسجلت قوات الغزو الإماراتية حضورا نوعيا في حضرموت وسقطرى اللتان تشكلان مركز اقليم حضرموت وفقا لخطة هادي القديمة بالأقلمة والمؤيدة دوليا، بمساندة القوة الأبرز المنضوية ضمن حلف قبائل حضرموت، فيما سجلت حضورا في عدن، بمساندة قوى الحراك الجنوبي المنتشرة ضمن اقليم عدن، استكمالا لمخطط الإقليمين المتواكب مع خطة هادي للانتقال إلى اليمن الاتحادي من ستة اقاليم (إقليمين في الجنوب مركزهما حضرموت وعدن وأربعة في الشمال).
وبدت التسريبات التي كشفت تفاصيل محدودة عن المشروع الذي يقوده الشيخ الإماراتي صاحب النفوذ الواسع ، محمد بن زايد في المحافظات الجنوبية قد تحولت أمرا واقعا، مع شروع السلطات الإماراتية بترتيبات لفصل جنوب اليمن عن شماله تحت مظلة عزل المحافظات الجنوبية الواقعة ضمن الحدود الشطرية لدولة الجنوب سابقا عن مجريات الحرب وتداعياتها في المحافظات الشمالية.
وعلى أن الذرائع الإماراتية تتحدث عن مساعيها لتقديم نموذج مستقر يبرر الحرب العدوانية التي شاركت فيه تحالف العدوان السعودي، إلا أن هذه الترتيبات انتقلت إلى طور أكثر خطورة انتجته تفاعلات الداخل الجنوبي الذي استثمر قوته على الأرض بالانتقال إلى دولة مستقلة ضمن مشروع الحراك القديم لفك الإرتباط من طريق تأليف مجلس حكم انتقالي فيدرالي في كل من حضرموت وعدن تلقى على عاتقه مهمات الادارة السياسية والامنية والاقتصادية لعدة سنوات، في إطار من الاستقلالية.
اوراق نقدية فئة 10 دنانير تولت الحكومة الإماراتية طباعتها وبدء تداولها عبر المصارف في المجافظات الجنوبية أمس ( المستقبل)
لكن ترتيبات الإعلان عن هذا المشروع رسميا تعثرت بعدما استكملت الإمارات طباعة العملة الجنوبية فئة الدينار، نتيجة فشل السلطات الإماراتية في الوصول إلى تفاهمات نهائية وضمانات مع حلف قبائل حضرموت من جهة ومع قادة الحراك الجنوبي من جهة ثانية وخصوصا بعد رفضها مطالب قدمها قادة الحراك الجنوبي التاريخيين أو ما يسمى الحرس القديم للحراك بقيادة نائب الرئيس السابق علي سالم البيض المقيم في الامارات وقيادات الداخل حول شكل واولويات إعلان دولة جنوبية مستقلة كاملة السيادة تجمع محافظات الجنوب في دولة اتحادية فيدرالية.
وتقول دوائر سياسية إنه وحيال هذه الخلافات ومخاوف أخرى أقرت السلطات الامارتية إرجاء تنفيذ أي خطوات تخص الجنوب إلى ما بعد مرحلة المفاوضات الجارية في الكويت، خشية فشلها، خصوصا بعدما تلقت نصائح لإرجاء أي خطوات سياسية في الجنوب في الوقت الراهن لاحتمال فشلها في المهد في حال تعارضها مع الخطة الأممية المقرر أن يقدمها أمين عام الأمم المتحدة بان كي ـ مون إلى مجلس الأمن الدولي في شأن اليمن والتي ستتواكب مع وضع نهاية لمفاوضات الكويت بإعلان المبعوث الأممي عن تفاهمات نهائية تتواكب وخطة الحل السياسي التي يتوقع أن يقرها مجلس الأمن الدولي استنادا على مقترحات الأمين العام للأمم المتحدة بهذا الشأن.
ورغم إعلان الامارات عن ما سمته مفاجآت سيشهدها جنوب اليمن في احتفالات الذكرى الــ 26 لإعلان دولة الوحدة، وكذا اعلان قادة في الحراك الجنوبي عن ترتيبات لإعلان خطوات رسمية لانفصال جنوب اليمن عن شماله، إلا أن هذه الإعلانات تلاشت تماما بعدما اقرت الإمارات ارجاء كل الخطوات التي كان مقررا اعلانها خلال يومي أمس واليوم.
لكن القيادي الأبرز في الحراك الجنوبي والذي يحظى بأجماع شعبي والمقيم حاليا في الامارات علي سالم البيض افصح بصورة رسمة عن مشروع” دولة جنوبية فيدرالية” قال أنها تأتي استكمالا لقراره فك الارتباط في 21 مايو 1994، وثمرة لقرار الجنوبيين تأييد عاصفة الحزم، ملقيا الكرة هذه المرة في مرمى قوى الداخل يُرجح أن تضغط تعيد الترتيبات الإماراتية إلى مسارها السابق.
رئيس التحرير