تتعرض الوحدة اليمنية اليوم لتداعيات هي الأسوأ بعد ربع قرن من قيام الجمهورية اليمنية التي كانت وستبقى أحد أعمدة البيت العربي الواحد والمنشود بغض النظر عن الظروف المعاشة، التي لا ينبغي أن تحكم مستقبلنا كوطن وكأمة واحدة، وإن نجحت في التحكم بحاضرنا الرديء.
لقد كان الإعلان عن الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 عنواناً لتجلي الحكمة اليمانية، كما كان حدثاً تاريخيا مرتبطا بالتطورات والتداعيات الإقليمية المصاحبة لتفكك الإتحاد السوفياتي، وبزوغ النظام الدولي الجديد ذي الأحادي القطبية.
ولا شك أن حرب صيف 1994، قد شوهت الوحدة السلمية، وخلقت بإقصاء الشريك الجنوبي سياسيا، أزمة في جسد الوحدة الوطنية، تراكمت سنة بعد أخرى أفضت في الأخير إلى حراك جنوبي متصاعد فشلت كل الحقوق الترقيعية وحالت دون احتوائه.
وفي صلب الأزمات السياسية المتفاقمة باليمن، تبوأت القضية الجنوبية الصدارة، إن على مستوى المشكلة، أو على مستوى الحلول السياسية المطروحة، وصولا إلى التوافق على الدولة الاتحادية، بما يضمن الشراكة في السلطة والثروة بين مختلف القوى والمكونات السياسية ومن بينها الحراك الجنوبي.
وإقرارا من مختلف الأطراف بخطيئة الحروب في اليمن، فقد أعلنت حكومة الوفاق ( التي شكلت بالمناصفة بين المؤتمر والمشترك )، «توجيه اعتذار الى أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية وأبناء محافظة صعدة والمناطق المجاورة لها» .وقال بيان الحكومة آنذاك (22-8-2013)، إن الاعتذار يأتي «إدراكاً بأن تحقيق المصالحة الوطنية شرط أساس للسلام الاجتماعي». وأوضح
أن «السلطات السابقة كانت المسؤول الأول وليس الوحيد عن حرب 1994 وحروب صعدة وما ترتب عليها من آثار ونتائج».
لكن بعد مؤتمر الحوار، شهدت البلاد تغيرات متسارعة، وصولا إلى العدوان السعودي الأمريكي، وترحيب نخبة الجنوب بالغازي الجديد، الذي بات يعمل بشكل حثيث على تقسيم الوطن وفصل الجنوب عن الشمال.
ولا جدل أن نخبة الجنوب كانت وماتزال مسكونة بالثأر عما جرى في صيف 1994، خاصة وأن التداعيات السياسية لفرض الوحدة بالقوة لم يحظى باهتمام القوى السياسية الحاكمة في البلاد سواء قبل أوبعد 2011، وهو ما يفسر جانبا من المليودراما المشهودة في عدن وبعض المحافظات الجنوبية.
غير أن ما يجب أن تتنبه إليه هذه النخب أنها لا تنتصر للقضية الجنوبية، وهي ترهن قرارها للعدو الخارجي، فمحاولة فرض الانفصال بالقوة والحرب لا يقل جرماً عن فرض الوحدة بالقوة!!
ثم أن المؤامرات الخارجية تسعى إلى استغلال الحالة القائمة في الجنوب، والعمل من خلالها على تجزئة البلاد إلى يمنات ودويلات يكون للتنظيمات الإرهابية فيها كلمة الفصل.
ولن يلبث الوقت طويلا، حتى يشعر أخواننا في المحافظات الجنوبية بكارثية الأحلام التي يسوقها الغزاة ومرتزقة السعودية والإمارات، بشأن انفصال وقيام دولة مستقلة في الجنوب، و يدركون أنهم بفعلتهم هذه كما المستجير من الرمضاء بالنار!
عبدالله علي صبري
Abdullah.sabrY@gmail.com