عزا خبراء ماليون ومصرفيون التراجع الحاد للعملة الوطنية أمام العملات الاجنبية خلال الايام القليلة الماضية، الى الارتفاع الكبير للطلب على الدولار من قبل التجار لتغطية فواتير الاستيراد للمواد والسلع الاستهلاكية قبل حلول شهر رمضان المبارك، الذي يشهد ارتفاعا غير مسبوق في حجم الاستهلاك.
وتوقع الخبراء في تصريحات لـ اقتصاد “المستقبل” عدم استمرار موجة التذبذب الحالية لاسعار الصرف طويلا، مؤكدين أن استقرار العملة المحلية ” مسألة وقت” في ظل اقتراب حل مشكلة ترحيل السيولة الموجودة لدى البنوك المحلية ونقلها الى الخارج لتحويلها الى الدولار وتغذية ارصدة البنوك لتغطية واردات التجار، بدلا من ان يضاربوا عليها محليا في السوق السوداء.
لكن الخبراء استدركوا بالقول ” أن ذلك لا يعني التقليل من الاسباب الراهنة في وجود أزمة حقيقية في سعر الصرف، خاصة مع طول امد العدوان السعودي على اليمن وتعثر الجهود الأممية في الحل السياسي للأزمة، للتغلب على الشلل شبه التام في ايرادات الدولة، وتجاوز آثار الحصار الاقتصادي المفروض على اليمن والتكاليف الباهظة للعدوان الذي تسبب في تدمير البنى التحتية وتعطيل الاقتصاد الوطني، والتراجع الكبير لاحتياطي البلاد من النقد الاجنبي”.
وأكد الخبراء أن قرار اللجنة الثورية العليا تعويم عملية استيراد المشتقات النفطية والسماح للتجار بذلك، كان كارثيا وعاملا اساسيا في تدهور العملة المحلية وتذبذب اسعار الصرف، فالتجار الموردين الذين استفادوا من هذا القرار غير المدروس هم الاكثر استنزافا للعملة الاجنبية من السوق المحلية والمضاربة والافراط في الطلب عليها، لتغطية وارداتهم، نظرا لحجم الارباح الخيالية التي يجنونها من وراء استيراد وبيع المشتقات النفطية باسعار مضاعفة في السوق السوداء.
في غضون ذلك أكدت مصادر ملاحية في ميناء الحديدة لـ”المستقبل” ان عملية استيراد المشتقات النفطية من قبل التجار بعد قرار تعويم الاستيراد، ارتفعت بشكل كبير، حيث زادت حركة السفن التجارية المحملة بهذه المواد في مينائي الحديدة والمخا خلال الاشهر الاخيرة وبكميات تزيد عن احتياجات السوق المحلية لعدة أشهر قادمة.
وأشارت الى ان ارتفاع العوائد والارباح المحققة من استيراد المشتقات النفطية ساهم في زيادة عدد المستوردين لها، وهو ما يفسر الاستنزاف الحاد للعملة الاجنبية من قبل هؤلاء التجار والذي حذرت منه في وقت سابق جمعية الصرافين اليمنيين.
وعلم “المستقبل”، من مصادر حكومية، ان الجهود المكثفة التي بذلها البنك المركزي اليمني تقترب اخيرا من النجاح في ترحيل النقد الفائض لدى البنوك المحلية من العملة الأجنبية لتعزيز أرصدة اليمن لدى البنوك المراسلة في الخارج بغرض تغطية احتياجات الاستيراد، حيث تراكم النقد على مدى أكثر من عام نتيجة للحصار المفروض من تحالف العدوان السعودي ورفضه لنقل هذه الاموال كالمعتاد لتحويلها الى الدولار.. مؤكدة ان حجم النقد الفائض يوازي ما يقارب مليار دولار، وسيسهم بعد اتمام عملية التحويل في تحقيق استقرار نسبي في سعر الصرف.
واستغل التجار في السوق المحلية التذبذب الحاد في اسعار الصرف، لفرض زيادات سعرية كبيرة على المواد الغذائية والاستهلاكية رغم استيرادها باسعار الصرف السابقة، ما يفاقم من معاناة المواطنين المعيشية وقدرتهم على شراء المواد الاساسية الضرورية، وهو ما يستدعي من الجهات الحكومية المعنية التحرك بشكل عاجل بالتنسيق مع الغرف التجارية في العاصمة والمحافظات لفرض الرقابة السعرية على عمليات البيع.