لعب القراصنة الصوماليون دور البطولة في الفصول الأولى للمسرحية الدولية ” باب المندب ” التي تجري احداثها في خليج عدن وجنوب البحر الأحمر منذ 2008.
قدم القراصنة الذرائع للقوى الدولية وفي مقدمتها حلف الناتو للتواجد في المنطقة بحجة مكافحة القرصنة وحماية الممرات البحرية ، وتولى مجلس الأمن الدولي شرعنة التواجد في أكثر من قرار .
الآن ، يجري البحث عن أبطال جدد للفصول القادمة كي تتمكن تلك القوى من تمديد بقائها في المنطقة وإكتساب شرعية دائمة ، بالإضافة إلى تأمين تواجدها في المياه بالسيطرة على الضفتين الشرقية والغربية لباب المندب .
وكما هو معلوم ، تعتبر الضفة الغربية او البر الغربي المشاطئ للمياه تحت سيطرة تلك القوى ، من خلال تواجد القواعد الإسرائيلية في عدد من الجزر
الإريترية وتواجد الفرنسيين والأميركيين في الشواطئ الجيبوتية والصومالية . بينما لا تزال الضفة الشرقية ” اليمنية ” خالية من التواجد الأجنبي ، وهي الهدف القادم لتلك القوى المتواجدة في الضفة الغربية .
حتى الآن ، فشلت تلك القوى في استدراج ” أنصار الله ” إلى المسرحية . ونأمل أن يستمر وعيهم بمخاطر الفخ ، فالسيادة اليمنية على المضيق لن تُسترد إلا من خلال دولة يمنية قوية وموحدة.
استمرار الفشل في استدراج الحوثيين إلى البحر، قد يضطر تلك القوى إلى إسناد الدور للقاعدة التي سبق لها أن هددت باستهداف المضيق ” وتضييق الخناق على اليهود ” كما جاء في تسجيل صوتي للرجل الثاني في فرع التنظيم باليمن ” السعودي سعيد الشهري ” في فبراير 2010 . وقد دعا وزير الخارجية الأسبق الدكتور أبوبكر القربي حينها إلى أخذ تلك التهديدات على محمل الجد.
ولأن الذكرى تنفع المؤمنين ، أعدت السطور أعلاه ، والتي كانت جزء من تحقيق مطول للعبد لله أنجزته أواخر 2014 ، ونشر في عدد من الصحف والمواقع الإخبارية المحلية قبل اشهر من بدء العدوان السعودي الأميركي على اليمن. وكان بعنوان: باب المندب.. حيث يختلط اللعاب بالدموع.
بعد أيام من نشر التحقيق ، تلقيت اتصالا من قناة فضائية مصرية مشهورة ، وقد أبدوا لي ، ونحن ” خارج الهواء ” إعجابهم الشديد جدا جدا بالدراسة التي خصصت جزء منها لأبعاد المخاوف المصرية على قناة السويس وحقيقتها.
وحين صرنا على الهواء. لم يمنحوني الوقت الكافي لتوضيح الفكرة ، فتأكد لي أن الإتصال ، الذي اختفى من قائمة المكالمات الواردة في هاتفي، كان يهدف إلى التأكد من هويتي أكثر من أي شيئ آخر . وإلا ما معني أن يسألونني خارج الهواء: هو أنت اللي عملت الدراسة ، ولا حد تاني ، ولا…!!
بعد مرور عام ونصف على كتابة ذلك التحقيق أو الدراسة، أرسلت عناصر القاعدة إلى باب المندب ، كما توقعنا من قبل، وقد بدأت في نصب مدافعها وتوجيهها نحو المضيق – بحسب الأخبار التي تناقلتها العديد من الوسائل الإعلامية المحلية خلال الأسبوع الماضي – ، وقد تم جلب عناصر القاعدة إلى شاطئ باب المندب بالتزامن مع تكثيف التواجد العسكري الأميركي في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن .
أتمنى أن تخيب باقي التوقعات ، وأن تنتهي المسرحية عند هذا المشهد ، فلم يعد بمقدور اليمنيين احتمال الكثير من المشاهد التراجيدية ، أو استغلالهم لتآدية الأدوار الخطرة . فالجميع ” كومبارس ” مشارك في المسرحية بإرادته أو بغيرها ، وليسوا مجرد مشاهدين على مقاعدهم.
aassayed@gmail.com